"ع أمل" .. صوت ضد "سيف" الظلم!

ثقافة وفن

الأربعاء,٢٤ نيسان ٢٠٢٤

لين حمدان - شام إف إم

السؤال الذي توجهه لنفسك عند مشاهدة مسلسل "ع أمل" هل ما نشاهده حقيقة؟ هل هناك عائلات تمنع بناتها من التعلم والذهاب إلى الجامعة حتى يومنا هذا؟! يقتلون إذا رفضوا؟! يُعنَّفون إذا خالفوا أوامر ولي العائلة، ويُحجب عنهم الحق في أن يكون لديهم رأي؟!

تتدافع الإجابات أمامك كاشفة الستار عن حالات حقيقية وواقعية، وقد تكون في المنطقة المجاورة لك؛ وفي حال وضعنا الحكاية في إطار عام، حول مطالبة المرأة بأبسط حقوقها، سنجد هذه القضايا مطروحة سابقاً في عشرات الأعمال الدرامية، ولكن هل أدت إلى نتيجة؟ وبالتالي الاستمرار بعرض هذه المواضيع، يبقى هدفاً لمن يحاولون إيصال صوتهم من خلال الفن، ويسعون لما هو أبعد من التسلية، إنما للتغيير.

"كفر حلم" هي قرية افتراضية، لا تتبنى طائفة تعيش في منطقة معينة، فيها عائلة قتلت ابنتها، لأنها سافرت إلى بيروت بحثاً عن حلم، إلا أن القدر شاء ألا تموت هذه الفتاة وتتحول بسبب عمليات التجميل، التي غيرت شكلها إلى مذيعة مشهورة، تدعم جميع النساء وتطالب بحقوقهنّ ولو كلفها الأمر عداوات شخصية معها.

تتشعب الحكايات لنرى أن الزمن لم يغير من تفكير هذه العائلة، والندم لم يوقفهم للحظة عن الاستمرار بتطبيق تركة آبائهم، تحت ستار العادات والتقاليد والأصول التي تشربوها بلا وعي، فكان مصيرهم الغرق في الجهل.

"سيف" أسير الأصول!

منذ بداية العمل نرى سيف "يؤدي دوره الفنان اللبناني عمار شلق" الشقيق الأكبر للعائلة والمتمسك في الحفاظ عليها كما أراد والده، يعطي نفسه الأحقية بإصدار الأوامر والتحكم بمصائر من حوله، وقتلهم إذا خالفوه، فنراه الظالم المُتعِب المخيف، ولكنه في ذات الوقت حين توفيت والدة زوجته وقف معها كأي رجل لديه مشاعر، احتضنها وأحبها ومسح دموعها.

فما هو إلا أسير لجهله ولبيئته وأفكارها المعلبة والمورثة عبر الأجيال، لذلك نراه يبكي حين يقتل أخته الثانية رهف ويحاسب نفسه بعد وفاة والدته، لكنه ببساطة غير قادر على إعادة النظر بأصوله الراسخة وغير القابلة للنقد.

الهوا مسؤولية..

أما الفتاة الهاربة من ضيعتها تحولت من سهاد إلى يسار "التي أدت دورها الفنانة اللبنانية ماغي بو غصن" المذيعة القوية المنادية بحقوق المرأة والمطالبة بالمساواة بجميع أشكالها، والمتطرفة في بعض الأحيان بوقوفها مع النساء،

فهل المرأة مظلومة فقط لأنها امرأة؟ تقع يسار في هذا الفخ عن طيب نيّة من خلال مساعدتها لسيدة بالسفر وترك زوجها، ليتبين أن هذه السيدة مريضة فصام فتؤذي بناتها وتتسبب في موتهن.

وبخط موازٍ تخرج "تينا" منافسة يسار اللدودة في برنامج عكسي، يطالب المرأة بأن تضع زوجها فوق رأسها بأسلوب استفزازي هدفه أن يكون "ترند"، وليس فقط لا ينفع وإنما مؤذٍ لمئات وآلاف النساء العربيات.

تسعى هذه المواجهة الإعلامية الدرامية للتأكيد على أن الإعلام مسؤولية وهدف، قبل أن يكون شهرة وترند، كما تضرب في جزئيةٍ منها الكثيرات ممن يحاولنّ التسلق على المهنة لمكاسبهنّ الشخصية.

لا وقت للملل!

لا يوجد بطل مُطلق للعمل، فالجميع أبطال، من الكاتبة ندين جابر التي أمسكت المشاهد منذ الحلقات الأولى عبر أحداث هادفة ومشوقة ومتتابعة، فلا يوجد مشهد مجاني ولا حكاية بلا جدوى لملء الحلقات الثلاثين، حتى إن لم نتفق معها كلها فكرياً.

إلى العين التي أخذت المشاهد لجمال الضيعة الحزينة، من خلال كاميرا المخرج رامي حنا، الذي التقط المشاعر بإحساس عالٍ وقدمها للجمهور بلا أي مبالغات، وعرف جيداً ما الذي يريد المشاهد رؤيته، كما يُحسب له أن كسر توتر الأحداث بأغانٍ هادئة عمقت من التعاطف مع الشخصيات.

إلى جميع الأبطال أمام الكاميرا، من ماغي بو غصن، وعمار شلق، وبديع أبو شقرا، وغيرهم.

انتهى "ع أمل" ولكن قضيته لم تنتهِ، مئات وربما آلاف النساء يتعرضنّ لتعنيف وقتل أحلامهنّ يومياً، فهل سيكون هذا العمل أداة ضغط إضافية للوصول إلى قوانين تعطي المرأة حقها كالرجل، بلا أي انحياز لأي طرف على حساب الآخر.

"ع أمل"
ماغي بو غصن
فن