أن تستمع ليس كأن تنصت، وأن تنصت ليس كأن تتمتع بمهارة الاستماع الفعّال!!

رزان حبش – شام إف إم
التواصل يتم بين الأشخاص عن طريق اللغة، حيث يستمعون أولاً ويتحدثون ثانياً، ولكن وفي ظل العصر الراهن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تسرق معظم أوقات التواصل مع العالم ومع الآخرين، وتخفف من القدرة على التواصل الشخصي الفعال، ما جعل مهارات الاستماع لدى الكثير من الناس ضعيفة.
حيث إنهم وفي كثير من الأوقات لا يسمعون بعضهم جيداً، أو يسمعون بشكل خاطئ، وبالتالي فإن التعبير عن الآراء والأفكار يصبح أضعف، ما يسهم في إنشاء جيل لا يعرف التواصل الصحيح!!
وهناك نوعان للاستماع، السمع وهو عملية فيزيولوجية تعتمد على الأذن ولا يشترط فيها استخدام العقل والفهم، فهي حاسة من الحواس الخمس التي يتمتع بها الإنسان، والنوع الآخر هو الإنصات وهو درجة أعلى من السمع، ويتوفر فيه استخدام العقل والذهن والرغبة في الحصول على ناتج من المسموع، أو فهم ما يتم سماعه.
كيفية امتلاك مهارة الاستماع:
وقالت الدكتورة في علم النفس آلاء مراد إن الاستماع النشط أو الإصغاء الفعال هو مهارة عاطفية تبني الثقة بالنفس، وتساعد على حل المشكلات وتحسين التواصل، مبيّنةً أنه يمكن امتلاك هذه المهارة عن طريق خطوتين، حيث تأتي أولاً خطوة الملاحظة والانتباه إلى قدرة الشخص على الاستماع ولكم من الوقت يستمر بالاستماع، وإن كان الآخرون من أهله وأصدقائه وأبنائه يحبون أن يتحدثوا إليه، ويرتاحون للتعبير عن مشاعرهم أمامه.
وبعد ذلك يجب على الشخص أن يرى إن كان يُفيد الآخر ويساعده في تخطي مشكلته والتعبير الصحيح عن مشاعره، وهنا يمكن قياس قوة المهارة وإن كانت بحاجة لتطوير أم لا.
إكساب الطفل مهارة الاستماع:
أما فيما يخص مهارة الاستماع عند الأطفال ذكرت د. آلاء أن هناك أطفالاً لديهم فرط نشاط، ويكون انتباههم واستماعهم أقل، ويكونون معتادين على مقاطعة الأحاديث والثرثرة، ما يجعل مهاراتهم اللغوية والاجتماعية قليلة في كثير من الأحيان.
مشيرةً إلى أنه يجب في هذه الحالة البحث عن السبب، إن كان الطفل يشعر بالقلق أو الاكتآب أو لديه فرط نشاط وقلة انتباه، ومن ثم يتم العلاج على أساس ذلك، بحيث يلجأ الأهل إلى جعل الطفل يستمع بدايةً لمدة 5 دقائق، وبعدها يزيدون المدة إلى 7 دقائق، وهكذا، ما يسهم في اكتساب الطفل لهذه المهارة.
عيوب الاستماع:
أوضحت الدكتورة بعلم النفس أن هناك عيوباً للاستماع، أولها المقاطعة بالسؤال والاستفسار قبل أن يكمل المتحدث فكرته.
وثانياً يأتي فرط التصحيح، كأن يقول المستمع للمتحدث خلال كلامه "لا، ليس هكذا بل هكذا"، ما يولد الإحباط لدى المتحدث ويوقف تسلسل الأفكار لديه.
كما أن إطلاق الأحكام واللوم واتهام الشخص المتحدث من عيوب الاستماع أيضاً، كأن يقول المستمع "لم يكن عليك التصرف بهذه الطريقة بل كان يجب أن تفعل كذلك"، وهذا يُشعر المتحدث بأنه غير كفؤ في التعامل مع المواقف الحياتية.
إضافة لسرد القصص بعد المقاطعة، وكثرة الحركة أثناء دوران الحديث، والتفكير بالإجابة أثناء الاستماع، أو عدم الحضور بلغة الجسد كإدارة الظهر إلى المتحدث أو الإمساك بالهاتف أو تكتيف الذراعين.
وشرحت د. مراد أيضاً أن الدقائق الأولى بعد الصدمات النفسية كالحوادث أو الفقدان مهمة جداً، ويجب التعامل معها بذكاء واعتماد الاستماع الفعال للوقاية من أي صدمة نفسية لاحقة.
من الممكن أن يكون الاستماع موضوعاً بسيطاً في الحياة، إلا أن له دوراً جوهرياً فيها وتأثيراً كبيراً عليها، وخصوصاً خلال هذا العصر الذي تسيطر فيه السرعة والتكنولوجيا على الحياة بشكل عام، وجعل الكثيرين ينسون كيف يستمعون إلى بعضهم بشكل فعال وحقيقي، ويفقدون القدرة على ذلك!!