خبيرة اقتصادية: من يجاهد لتأمين لقمة العيش لن ينطبق عليه ما يسمى بتأثير "قلم الحمرة"

شام إف إم – هند الشيخ علي
من المنطقي أن يتجه الناس خلال الأزمات الاقتصادية إلى الادخار لتلبية الاحتياجات الضرورية وبأقل التكاليف، إلا أننا قد نلاحظ ما هو عكس ذلك تماماً خلال تلك الأزمات، أي اتجاه الناس إلى المطاعم والمقاهي الفاخرة، إضافة إلى الطلب المتزايد على الماركات العالمية للألبسة ومستحضرات التجميل، وأحدث أجهزة الهواتف المحمولة.
وكان قد ابتدع ليونارد لودر، مؤسس شركة "إستي لودر" لمنتجات التجميل، مصطلح "تأثير قلم الحمرة" حينما لاحظ أن مبيعات أحمر الشفاه تزايدت خلال الأزمة الاقتصادية عام 2001، في إشارة منه إلى وجود علاقة عكسية بين الوضع الاقتصادي ومبيعات قلم الحمرة، واتجاه الناس إلى إنفاق الأموال الضخمة على ما يعزز "المظهر الاجتماعي" كالألبسة ومستحضرات التجميل وأجهزة الهاتف المحمول وغيرها.
إذاً، هل يمكن إسقاط مصطلح "تأثير قلم الحمرة" على الأزمة الاقتصادية في سورية؟
أوضحت الخبيرة الاقتصادية، لمياء عاصي، في لقاء أجرته مع عطية عوض ضمن برنامج «نبض العاصمة» أن هذا المصطلح صحيح نوعاً ما من حيث ارتفاع نسبة شراء المواد المتعلقة بالألبسة والحقائب ومواد التجميل الفاخرة خلال الأزمات الاقتصادية، مشيرةً إلى أن العديد من الدول التي عانت من أزمات اقتصادية سابقة استطاعت حماية اقتصادها من التدهور نتيجة توجه الناس لدفع مبالغ مالية كبيرة على هذه المنتجات، إلا أن الوضع القائم في سورية مختلف تماماً.
وتابعت عاصي: "إقبال الناس على المقاهي والمطاعم الفاخرة، أمر عادي ولا يمكن اعتباره رفاهية زائدة، إلا أننا قد نعتبره مشكلة بمقارنة دخل المواطن السوري بالفاتورة التي تترتب على دخوله أحد هذه المطاعم"، مضيفةً: "من الطبيعي أن يكون للأزمة السورية مفرزاتها، ولكننا نتحدث عن تسعة أعوام نجم عنها انفتاح من قبل الجيل الحالي، واختلاف في الأفكار والتوجهات والاهتمامات عن جيل ما قبل الحرب، مما قد يولد بشكل طبيعي توجهات ونزعات فردية مختلفة كالاهتمام الزائد بالـ "البريستيج" والمظهر الاجتماعي ككل من قبل جيل الشباب بشكل خاص".
وذكرت عاصي: "من المعروف عالمياً أنه كلما ارتفع دخل المواطن، ازدادت النزعة الفردية لديه وأصبح أكثر ميلاً للإنفاق على الأمور المتعلقة بالرفاهية، ولكننا نتحدث عن وضع مختلف تماماً في سورية، حيث أنك ستجد من يجاهد لتأمين لقمة العيش، وشباب باحث بشكل دائم عن فرص عمل تكفي لسد تكاليف أشد احتياجاته ضرورة خلال الشهر، وهؤلاء يشكلون النسبة العظمى من الشعب السوري"، منوهةً إلى أن الحالات التي تتجه للإنفاق بشكل كبير على المطاعم الفاخرة، أو شراء الألبسة ومستحضرات التجميل والهواتف باهظة الثمن خلال الأزمة السورية "موجودة" إلا أنها تشكل "نسبة قليلة" من المجتمع السوري الحالي.
بدوره، أعزى الاختصاصي النفسي، د. جلال شربا، في اتصال هاتفي ضمن برنامج «نبض العاصمة» مع عطية عوض، اتجاه البعض خلال فترة الأزمات إلى الإنفاق على ما له علاقة بالرفاهية والمظهر الاجتماعي "البريستيج"، إلى "حاجة نفسية لتغطية الضعف الداخلي لدى هؤلاء وعدم الثقة بالنفس، إضافة إلى اعتقادهم بعدم وجود إمكانيات تؤهلهم لممارسة دور فاعل في المجتمع.