من هو محمد البرادعي.. الرجل الذي يضرب الامثلة عن مارتن لوثر كينغ وغاندي؟

في شباط ٢٠١١، وعلى لسان عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية الحديث العهد، فوّض «مبارك» رئيس مصر السابق سلطاته إلى المجلس الأعلى العسكري. قبل ذلك بعام، تحديداً في شباط ٢٠١٠، في صالة الوصول بمطار القاهرة الدولي، وبعد أن هبطت الطائرة القادمة من فيينا، وعلى متنها محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خطب البرادعي في آلاف الشباب والناشطين السياسيين الذين اصطفوا على أرصفة المطار لاستقباله، ربما كانت أقصر خطبة سياسية شهدتها الحياة السياسية في مصر «التغيير قادم لا محالة». أطلق البرادعي خطابه القصير، تلاه بعدد من اللقاءات التليفزيونية، انتشرت بعدها كلمات مثل «الإصلاح» و«التغيير الجذري» و«الحراك الاجتماعي» و«شباب مصر» مثل نيران سريعة الاشتعال، في مجتمع جاف قابل للاشتعال. هو محمد مصطفى البرادعي الدبلوماسي المصري، الذي ارتقى في وزارة الخارجية المصرية، حتى وصل إلى مندوب مصر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل أن يرتقي إلى منصب رئيسها، ضد إرادة مصر التي قدمت مرشحا ضده وقتها. قبل ٢٠١٠، بخمس سنوات بدأ البرادعي مواجهته للنظام السابق، وهي المواجهة التي ظهرت فوق الطاولة بوصول خريج الحقوق، ونجل مصطفى البرادعي المحامي النقيب السابق للمحامين، إلى مطار القاهرة قبل عام من خروج مبارك إلى شرم الشيخ. قبل ذلك بخمس سنوات، وبعد حصوله على جائزة نوبل للسلام، وعلى الهواء مباشرة في صباح أحد أيام ٢٠٠٥، نقلت قنوات التليفزيون الحكومي لقاء للبرادعي والرئيس مبارك أثناء تكريمه لحصوله على الجائزة العالمية، كسر «البرادعي» إيقاع مراسم التكريم البروتوكولية عندما جاءه الدور لإلقاء كلمته التي تحدث فيها عن رقي الأمم وتقدمها، وهو الخطاب القصير – كعادة خطابات البرادعي كما سيظهر لاحقاً – الذي ختمه موجها كلمات قوية للرئيس المواجه له «سيادة الرئيس، ولنعلم أن الدول لا تتقدم إلا باحترام حقوق الإنسان». في تشرين الثاني ٢٠٠٩ وفي خضم جدل سياسي حول انتخابات رئاسة الجمهورية المستحقة في مصر سنة ٢٠١١ والعوائق الدستورية الموضوعة أمام المترشحين بموجب المادة ٧٦ المعدّلة في ٢٠٠٧ وتكهنات حول تصعيد جمال ابن الرئيس حسني مبارك، أعلن محمد البرادعي احتمال ترشحه لانتخابات الرئاسة في مصر مشترطاً لإعلان قراره بشكل قاطع وجود «ضمانات مكتوبة» حول نزاهة وحرية العملية الانتخابية. وقال البرادعى في مقابلة تليفزيونية أجراها مع شبكة «سى.إن.إن» الإخبارية الأمريكية: «سأدرس إمكانية الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية في مصر إذا وجدت ضمانات مكتوبة بأن العملية الانتخابية ستكون حرة ونزيهة». إعلان البرادعي أثار ردود أفعال متباينة في الشارع السياسي المصري، حيث اعتبره البعض رسالة محرجة للنظام من شخصية ذات ثقل دولي مفادها أن عملية تداول السلطة في مصر تحتاج إلى إعادة نظر. بينما رأى آخرون أن تصريح البرادعي يعد مسعى حقيقياً لفتح آفاق جديدة للحياة السياسية «المخنوقة» في مصر - حسب وصفه. وفور انتهاء فترة رئاسته للوكالة الدولية في كانون الاول ٢٠٠٩، أعلن عزمه الترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقررة في ٢٠١١، ولكن بشرط إعادة تعديل المواد ٧٦ و٧٧ و٨٨ من الدستور المصري, ليسمح لأي مصري بخوض الانتخابات الرئاسية، كما طالب ببعض التعهدات الكتابية لضمان نزاهة العملية الانتخابية وبعض الضمانات مثل المراقبة القضائية والدولية، وقد رحبت أحزاب وتيارات المعارضة المختلفة بهذا القرار. وصل البرادعي إلى القاهرة يوم الجمعة الموافق ١٩ شباط ٢٠١٠ وكان في استقباله في مطار القاهرة العديد من النشطاء السياسيين المصريين وعدد غير قليل من الشباب من عدة مناطق ومحافظات مختلفة في مظاهرة ترحيب بعودته لوطنه قدرت بحوالي ألفي شخص من أعمار وفئات اجتماعية مختلفة، رافعين أعلام مصر والعديد من اللافتات التي عبرت عن ترحيبهم به وتأييدهم للرجل فيما اعتزمه من إصلاحات سياسية وإعادة الديمقراطية التي افتقدها الشباب المصري في ظل النظام الحالي.
وفي الأسبوع الأول لوصوله اجتمع مع عدد من قادة التيارات السياسية المختلفة والنشطاء السياسيين، كما قام عدد من القنوات الفضائية المستقلة باستضافته في عدد من البرامج الحوارية لتقديم نفسه للشعب والتعرف على رؤيته السياسية، واندهش البعض من استخدام الرجل لكلمات «الدستور» و«الإصلاح» و«تغيير النظام» وضربه أمثلة بـ«مارتن لوثر كينج» و«غاندي» وهي المصطلحات التي اعتاد السياسيون المصريون الابتعاد عنها في الخطابات الموجهة للجماهير بسبب ما يرون أنه انخفاض في الوعي السياسي بالمجتمع المصري.
شام نيوز - المصري اليوم