10 دول للتمويل.. وتركيا للتسليح.. وأميركا لتفشيل مهمة أنان

فتح مؤتمر "الأصدقاء" الذي عُقد في اسطنبول الأحد الماضي، فصلاً جديداً من فصول الأزمة السورية، بعد إقراره آلية عملية للتدخل غير المباشر في سورية، أتت ترجمة للفشل في الوصول إلى التدخل المباشر.
ورغم أن ما تقرر - علناً وسراً - في هذا المؤتمر، لم يكن سراً ولم يكن جديداً، إلا أن خطورته تكمن في تضافر جهود هذه القوى التي كان يتحرك بعضها منفرداً، ومن دون تنسيق أحياناً.
وبعيداً عن البيان الختامي لهذا المؤتمر الذي خلا من أية خطوات تلبي طموحات المعارضين، بسبب وجود معارضة واضحة من معظم الدول المشاركة للتدخل العسكري - المباشر أو غير المباشر - في سورية، اضطر القائمون على "المؤامرة" أن يقلصوا أعداد المساهمين في اللعبة المباشرة، لضمان الفاعلية، كما قال مسؤول تركي رفيع شارك في المؤتمر والتحضيرات التي سبقته.
تقاسم اللاعبون الأدوار في ما بينهم؛ مجموعة من الدول تولت تشكيل لجنة للتمويل والتسليح، ضمت 11 دولة، تتصدرها تمويلاً ثلاث دول نفطية ناطقة بالعربية هي قطر والسعودية وليبيا، وتتصدرها لوجستياً تركيا والأردن وبريطانيا وفرنسا، ومن مهام هذه اللجنة تأمين تسليح "نوعي" لما يسمى "الجيش الحر".
أما اللاعبون الآخرون فقد تزعمتهم الولايات المتحدة، التي تعهدت رسمياً "إفشال" مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان، وتسريع إعلان فشلها في مجلس الأمن من أجل فتح الباب أمام الخيارات الأخرى.
وإذا كان هذا "الهيجان الدولي" مفهوماً مع زيادة الضغط السوري على المسلحين في الداخل، فإن ما قام به مجلس اسطنبول قبيل وخلال وبعد المؤتمر، يشكل علامة فارقة في العمل "الوطني"، الذي تقوم فيه مجموعة من "المواطنين السوريين" بحض المجتمع الدولي على ضرب بلادهم؛ اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، للوصول إلى السلطة والاستفادة منها مادياً قبل تسلمها.
فبعد أن ساهمت الضغوط التركية المكثفة في الوصول إلى إعلان شكلي لتوحيد قوى المعارضة، تبين أن كل ما كان قبل مؤتمر المعارضة الذي انعقد في مدينة اسطنبول، ما يزال على حاله لجهة تفرق آراء هؤلاء وانقسامهم على تقاسم "جبنة" لا يعرفون إذا كانوا سيحصلون عليها أم لا، فقد اضطر الأتراك إلى الضغط الهائل من أجل إعلان شكلي وصل إلى حد توقيف بعض المناوئين لمجلس اسطنبول، وجرهم إلى السجون التركية لمنع تشويشهم على إعلان الوحدة الشكلي، فأُخليت قاعة المؤتمر الصحفي، ليتبين عند العودة إليها أن هؤلاء المشاغبين قد اختفوا، ثم يظهر أحدهم بعد أن غادر تركيا، ليعلن أن الأمن التركي اعتقله ولم يفرج عنه إلا لأنه يحمل الجنسية البريطانية، وبعد تدخل السفارة التي نصحته بالمغادرة، فيما يبقى السوريون الذين لا يحملون أية أوراق ثبوتية رهينة في تركيا.
مقابل الوعد بالاعتراف، سارع المجلس الوطني إلى تقديم التنازلات.. تم حذف عبارة "تحرير الجولان" واستبدالها بعبارة "استعادة" لتهدئة المخاوف الإسرائيلية والأميركية، وتم الاعتراف بـ"الهوية القومية للشعب الكردي" لاستقطاب الانفصاليين الأكراد، محققين لهم بذلك فصلهم عن الشعب السوري، ولولا الخوف التركي لتم إعطاؤهم حق "الفيدرالية".
أما أسوأ ما يرتكبه هذا المجلس، فهو السعي إلى "الاستدانة" على حساب مستقبل سورية، إذ اعترف برهان غليون في مؤتمر صحفي عقده بعد مؤتمر "الأصدقاء"، بوجود مساع لتأمين قروض لتأمين السلاح والرواتب للمقاتلين، من دون أن يوضح ما إذا كان لهذا المجلس ضمانات يقدمها للدائنين، ما عدا مستقبل سورية!