11200 طن من الأرز ينتظر في مرفأ اللاذقية .. بسبب الروتين

ما زالت السفينة "NORDINAG " التي زارت المرافئ السورية للمرة الأولى ينتظرون صدور قرار من جهة مسؤولة في بلدهم تنهي قضيتهم نهاية تنسجم مع سلامة البضاعة وفق جميع الخبرات الجارية عليها (الحسية منها والمخبرية)، خاصة بعد انتظار خمسة أشهر وعشرة أيام مضت على وصول الباخرة نورديناجي إلى مرفأ اللاذقية وعلى متنها «26250» طناً من الأرز التايلاندي المورد لمؤسسة التجارة الخارجية لمصلحة المؤسسة الاستهلاكية وأكثر من خمسة أشهر مضت على ترصيفها والبدء بتفريغها ومن ثم على التوقف عن تفريغ بضاعتها وبقاء «11200» طن في عنابرها بحجج غير مقنعة تبين أنها في غير محلها.. ونحو الشهر مضى على صدور قرار قضائي مبرم بتفريغ الباقي من بضاعتها في المرفأ دون أن يتم تنفيذه!!
ومع القرارات القضائية المبرمة الصادرة عن القضاء السوري بخصوصها.. لكنها دون نتيجة حتى الآن لأسباب عديدة بعضها يتعلق بالخوف من اتخاذ القرار وبعضها يتعلق بالروتين القاتل في الإجراءات.. وبعضها يتعلق بغياب الإحساس بالمسؤولية تجاه ما تعرضت وتتعرض له السفينة وأصحابها وطاقمها وبضاعتها.. وبعضها يتعلق بعدم وجود جهة مختصة في مرافئنا (لجنة مشتركة مثلاً) لديها صلاحية اتخاذ القرار في الوقت المناسب... وبعضها يتعلق بعدم اهتمام البعض ولا مبالاتهم بتنفيذ الأحكام القضائية...... الخ.
وعرضت جريدة الوطن بعض التفاصيل المتعلقة بهذه القضية من خلال المراسلات المتبادلة بين الجهات الرسمية ومن خلال الخبرات القضائية ونتائج التحاليل المخبرية.
- يقول السيد حسن غندورة صاحب ومدير عام شركة نور للشحن البحري (مقرها في طرطوس): بتاريخ 28/5/2010 وصلت السفينة (نورديناجي) إلى مرفأ اللاذقية وهي تحمل في عنابرها الخمسة إرسالية أكياس الرز التايلاندي (5250000) كيس وزنها الصافي «26250» طناً لحساب المؤسسة العامة للتجارة الخارجية.
دخلت السفينة إلى رصيف التفريغ بمرفأ اللاذقية وبدأت عمليات التفريغ بسحب الإرسالية سحباً مباشراً في 1/6/2010.. وبتاريخ 12/6/2010 توقف التفريغ بعد أن بلغت الكمية المفرغة نحو «15050» طناً وبقي في عنابرها «11200» طن.. ومنذاك التاريخ ما زالت السفينة منتظرة لتفريغ هذه الكمية وسط تخبط كبير بين الجهات المعنية.. ما اضطرنا لرفع دعوى أمام القضاء السوري في اللاذقية منذ بداية تموز الماضي.. وبعد ثلاثة أشهر على رفع الدعوى حصلنا على القرار القضائي المبرم القاضي بتفريغ البضاعة في مرفأ اللاذقية بعد أن تأكد للقضاء من خلال الخبرات التي شكلها أن البضاعة سليمة ومطابقة للمواصفة القياسية السورية.. لكن يبدو أن ذلك لم يشفع لنا حيث لم تبادر الجهات المعنية لتنفيذ القرار وما زالت تماطل.. حتى إن شركة مرفأ اللاذقية تتهرب من التنفيذ بحجة أن مستودعاتها غير جاهزة لتخزين البضاعة.
ويضيف السيد حسن وهو في قمة الألم: نعم بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على التوقف التعسفي لتفريغ السفينة والتي على ما يبدو أنها لم تأخذ القدر الكافي من الأهمية التي تستحقها لأنها قد أصبحت بمرور الوقت موضوعاً يمس سمعة الوطن في الداخل والخارج وأنا متأكد أنها تستحق أن تنال اهتمام المسؤولين على أرفع المستويات لما تستنزفه من الجهد والوقت وهدر للمال العام والخاص.
إنها بضاعة لسلعة غذائية مهمة قيمتها عشرات الملايين من الدولارات تحملها سفينة من الحجم الكبير «35000»طن تدعم الاقتصاد والعمالة في هذا الوطن حيث إن مستثمريها وجميع العاملين عليها هم مواطنون يحملون الجنسية السورية.
كل ذلك لم يلاق أي اهتمام من المسؤولين على كل الصعد سواء المستفيدون من البضاعة أم القيمون على الحقوق والفعاليات الاقتصادية في هذا البلد سوى خطابات تناحر وتجاذب بين الأطراف كل طرف يلقي بالمسؤولية على الطرف الآخر. اليوم وبعد مرور ما يزيد على خمسة أشهر على توقف التفريغ حكم القضاء بعد تسميته عدداً من الخبراء وبعد تقديم خبراتهم مدعمة بالتقارير والتحاليل المختلفة والتي تؤكد أن ما تدعيه الجهة المستفيدة هو غير صحيح ولا أساس له من الصحة (مرفق أصولاً) كما تسلسل الأحداث والوقائع.
حيث أخذ ما يزيد على «20» عشرين عينة مختلفة للبضاعة المذكورة مع تحاليل من جميع الأطراف وبمختبرات مختلفة في المحافظات السورية التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة وبتكليف من القضاء حصراً ورغم ذلك ما زالت الجهة المستفيدة (مؤسسة التجارة الخارجية) متمسكة بأن العينة التاسعة فيها عيب خفي وهي العينة الوحيدة التي تم إيقاف التفريغ على أساسها ولم يتقدم أي طرف بعناء التأكد من صحة هذه العينة حيث إنه كان قد سبقها ثماني عينات سليمة تم بموجبها تفريغ ما قيمته «15000» طن من البضاعة ولأن المنطق السليم يفرض عليهم أن يعيدوا التأكد من صحة هذه العينة حفاظاً على ما سبق وإن أخذ من العينات وتم تفريغه من البضائع فربما كانت كل العينات السابقة هي أيضاً غير سليمة.
إن الجهة المستفيدة تمسكت بالعينة التاسعة ورفضت استلام الباقي من البضاعة لأغراض مجهولة وغامضة ورفضت المشاركة أو التعاطي مع الأطراف المعنية بأخذ العينات والخبرات اللاحقة المكلفة من القضاء والتي أثبتت أن البضاعة في حالة سليمة وفق المواصفات القياسية السورية وصالحة للاستهلاك البشري. وبعد مواجهتها بالوقائع والخبرات.. استمرت الجهات المستفيدة التمسك بنتيجة العينة التاسعة وبالادعاء أن العيب في البضاعة هو (عيب خفي لا يمكن اكتشافه إلا بعد فتح الأكياس وتوزيعها على المواطنين وفق القسائم التموينية) فتصوروا هذا المنطق وهذا الادعاء؟
هل يعقل أن ادعاء كهذا يصدر عن جهة وصائية تتحمل مسؤوليات بهذا القدر؟ هل يوجد عقل بشري يتقبل هذه الادعاءات في زمن العلم والعلوم البشرية.. كتاب من المؤسسة الاستهلاكية تتمسك بادعائها أنها اكتشفت عيباً لا يمكن اكتشافه فلماذا أوجدت المختبرات والتحاليل والخبرات وغيرها؟
هل يعقل أن كتاباً كهذا يلقى به دون أي ثبوتيات يترتب عليه من هدر للوقت وللمال العام وتعطيل استثمار سفينة كبيرة وقيمة بضاعة معطل رأسمالها بسبب التناحر والتجاذب لأغراض مجهولة ونيات غير معروفة المصالح؟.
من واجبنا الوطني أن نرفع هذه القضية ونعمل على كشف تفاصيلها على أعلى المستويات..
لقد تم الاتصال بأندية الحماية والتعويض وبعد الكشف على الباخرة أثبتوا أيضاً أن البضاعة بحالة سليمة وقالوا لنا إن المفاجآت متوقعة دائماً على السفن التي تدخل الموانئ السورية حيث أصبحت هذه الصفة ملازمة لهذه الموانئ فاحذروها.
إن سفننا التي تجوب أنحاء المعمورة أثبتت للعالم أن الناقل السوري بما يحمله من الخبرات والالتزام والمصداقية أصبح على مستوى عال من الكفاءة والمنافسة على الساحة العالمية وكذلك مكان إعجاب واحترام وتقدير كافة المهتمين دولياً في هذا المجال (النقل البحري)، كل ذلك يصب في مصلحة الوطن ورفع شأنه ودعم مقدراته.
ما زالت موانئنا السورية ورغم ما توصلت إليه من تطوير وتحديث فني ولوجستي تعاني من السمعة غير اللائقة والمعاناة غير المبررة أغلب الأحيان بسبب السلوكيات اللامسؤولة وغير المبالية التي تنال من سمعة وقيمة هذا القطاع الهام والحساس...
إن بعض المراسلات المتبادلة بين الجهات ذات العلاقة والتي تعكس مدى التعاطي مع المسؤولية بين الأطراف المختلفة حيث كل منهم يلوم الآخر ويلقي بالمسؤولية بعيداً عنه وبين تجاذب وتناحر كانت بدايتها مع إلقاء عينة مشكوك في أمرها (العينة التاسعة) والتمسك بنتيجتها بادعاءات واهية ثبت بالحكم المبرم عدم صحتها وبطريقة اللامبالاة رفض الجميع تحمل المسؤولية في إعادة التأكد من صحتها.. مؤسسة التجارة الخارجية تدعي أن المؤسسة الاستهلاكية هي المسؤولة والمؤسسة الاستهلاكية تنفي وتلقي بالمسؤولية على هيئة الجمارك.. والجمارك يدعون أنهم يقررون بناءً على التعليمات والوقائع الواردة من المؤسسة الاستهلاكية..
ويتابع السيد غندورة: اليوم وبعد مرور ما يزيد على خمسة أشهر من التوقف التعسفي والجائر عن تفريغ حمولة ما تبقى من البضاعة على السفينة نورديناجي.. ورغم الاحتجاجات والادعاءات والخبرات والتقارير وبعد انتظار الحكم القضائي الأساسي ومن ثم الحكم القطعي والمبرم الذي صدر بتاريخ 13/10/2010 من محكمة الاستئناف في اللاذقية الذي يثبت الحالة الجيدة للبضاعة ويدحض ادعاءات الأطراف الأخرى ويحكم بتفريغ البضاعة وتحميل الأطراف غير المحقة في الدعوى كافة الأضرار.. نجد أننا ندخل متاهة جديدة فبتاريخ 2/11/2010 وبعد إيداع الحكم دائرة التنفيذ صدر القرار التنفيذي بإلزام تفريغ المتبقي من البضاعة في مستودعات المرفأ.. حيث بدأنا بمواجهة تناحر وتجاذب من نوع جديد بين القيمين على المرفأ ومتاهات لا نعرف كيف سيكون مصيرها بعدم جاهزية مستودعات المرفأ لاستلام هذه البضاعة.. وبادعاءات واهية وغير مبررة للتهرب من تنفيذ هذا القرار بطرق غير مباشرة.
إن ادعاءً باطلاً دون إثبات يستنزف القطاعين العام والخاص لمدة تقارب النصف عام أمام أعين المسؤولين في وزارات الاتصالات والمالية والنقل وعند صدور الحكم القضائي المبرم نجد الجميع يتهرب من تنفيذه والتعامل معه!!
إنه ومن خلال آخر اجتماع مع وزير النقل الدكتور يعرب سليمان بدر مع مالكي السفن حيث استمع إلى مشاكلهم مشجعاً الجميع على تسجيل سفنهم تحت العلم السوري.. اليوم أضع بين يديه هذه المأساة لناقل سوري مستثمر سفن ذات حمولات كبيرة داعمة للاقتصاد والعمالة والسمعة والخبرة في هذا الوطن.. هذا الناقل السوري الذي تستوعب شركته ما يزيد على مئتي مواطن سوري من ذوي الكفاءات والخبرة العالية والمأساة لنحو نصف عام ولا يعرف الخروج بسفينته من هذا التناحر لأطراف بعيدين كل البعد عن تحمل مسؤولياتهم.
.. معاناة لم نواجه مثيلاً لها ولا يمكن أن تحدث في أي ميناء بالعالم رغم أننا نقلنا ما يزيد على مليون طن من نفس البضاعة إلى أماكن مختلفة من العالم.
ويختتم بالقول:
مجدداً نرجو أن توضع هذه القضية بين أيدي المسؤولين والقيمين الغيورين على سمعة هذا الوطن والحفاظ على مقدراته لاتخاذ المناسب من القرارات علّهم يخرجوننا دون تأخير جديد مما نحن فيه من ألم ومعاناة ومن خسائر مادية كبيرة.
شام نيوز- جريدة الوطن