11سبتمبر .. لماذا يكره العرب أمريكا؟

 

عشر سنوات كاملة مرت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. كنا نظن أنها كفيلة بأن تغيِّر من سياسة الولايات المتحدة الأمريكيَّة تجاه العرب والمسلمين؛ لكن عنجهية أمريكا وغطرستها جعلاها تتمادى في الغي والبطش ضد العالم الإسلامي، والذي جعلت منه عدوًّا فاستباحت الأرض والعرض وراحت تعيث في ديار المسلمين خرابا سواء في أفغانستان أو العراق ، وأعادت للأذهان الحروب الصليبية لكن بمسمى جديد وهو الحروب الاستباقيَّة.. وغرقت أمريكا في الوحل وتكبدت خسائر بشريَّة وماديَّة هائلة في أفغانستان، فهي تحارب أشباحًا بين الجبال والمغارات وارتكبت أبشع الجرائم ضد المدنيين العزَّل متذرعةً بدعوى محاربة الإرهاب..

وهنا يحق لنا التساؤل: هل بعد عشر سنوات قضت أمريكا على الإرهاب؟ أم أن العالم اليوم أكثر خوفًا وأقل أمنًا بعد اتساع نطاق الانتقام والحرب في أفغانستان والعراق، هاتين البلدين اللتين تحولتا إلى خراب وساحات للقتال وحروب الأهلية وكذلك نهب الثروات، فضلا عن اتساع موجة العداء والكراهية بين العرب والمسلمين ضد أمريكا والغرب بوجه عام.. كان الأحرى بأمريكا والقائمين على السلطة فيها أن يبحثوا عن أسباب العداوة والكراهية.. وبمعنى أدق لماذا يكره العالم العربي أمريكا؟ فبالتأكيد إن أول الأسباب الجليَّه لعداوة أمريكا هو دعمها المطلق لإسرائيل، والتي تحتل أرض فلسطين ظلمًا وعدوانًا.. وثاني تلك الأسباب هو دعمها للأنظمة العربيَّة المستبدة ضدّ شعوبها، وكان على رأسها نظام حسني مبارك "المخلوع" وهو ما يفسر الصدمة التي مُني بها البيت الأبيض بعد نجاح الثورة المصريَّة بالإضافة للعربدة والهيمنة الأمريكيَّة على المنطقة العربيَّة..

كنا نظن أن عقلاء أمريكا سوف يصححون مسار سياستها المتغطرسة ضد العرب فإذا بالأمر يزداد سوءًا، مما ينذر بانهيار الإمبراطوريَّة الأمريكيَّة وزوالها.. لكن وإن كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد أضرَّت بالعالم الإسلامي وجعلته في مرمى النيران محاصرًا من أقصاه إلى أدناه واحتلت دولتين منه إلا أنه كشف الوجه القبيح لعملاء أمريكا والذين سقطوا في شراك التعاون لمحاربة الإرهاب.

وبرؤية أكثر عمقًا فإن تلك الأحداث جعلت الولايات المتحدة الأمريكيَّة ترتكب خطأً استراتيجيًّا بدَّد قوتها وثروتها في حرب غير المدروسة والتي قطعًا سوف تكون سببًا في انهيارها.. والعجيب أن معظم الحركات الإسلاميَّة -بل كلها- يرفضون الاعتداء على المدنيين الأمريكيين وما قامت به القاعدة من تفجير برجي التجارة العالمي، إلا أنها اكتوت بنار الحرب الأمريكيَّة من تضييق ومطاردات واعتقالات دون مبرِّر.

وكان نظام حسني مبارك أول الفرحين من أحداث 11 سبتمبر مما جعله يقدِّم خدمات جليلة لأمريكا في مجال انتهاك حقوق الإنسان بجوانتانامو والسجون السرية التي نشرتها أمريكا حول العالم، بل إن النظام المصري استثمر الحرب الأمريكيَّة ضد الإرهاب المزعوم لتثبيت أركان حكمه.. فضلا عن أن قيادات أمن الدولة أعلنوا للكثير من المعتقلين أن أحداث 11سبتمبر هدية من السماء لهم كفتهم مطاردة ومتابعة الإسلاميين الهاربين في الخارج.. وهو ما يؤكد أن أول المستفيدين من تلك الأحداث هو إسرائيل والأنظمة العربيَّة المستبدَّة، لكن في نفس الوقت كانت تلك الأحداث وبالاً على الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة، فضلا عن أنها أصلا تخالفها الشريعة الإسلاميَّة القائمة على العدل والرحمة والتسامح.

لذلك من فضل الله القدير أن جاءت الثورات العربيَّة في مصر وتونس وليبيا لتسقط خيار العنف والتشدد وتعلي من النضال السلمي ضد الاستبداد والظلم، هذا النضال الذي أثبت نجاحه وفي نفس الوقت قلة خسائره.. أما خيار العنف فضلا عن أنه بعيد كل البعد عن الإسلام ومنهجه إلا أنه فشل بجدارة، وخسائره كانت للأسف هائلة.. حفظ الله بلادنا من كلِّ سوءٍ وردَّ الله أمريكا وحلفاءها إلى جادة الصواب إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

 

المصريون