17540 ل.س نصيب كل مواطن سنوياً من الدعم الاجتماعي

يشكك الكثيرون من المحللين الاقتصاديين وأصحاب الأعمال بمبالغ الدعم التي تعلن عنها الحكومة لجهة تناقض هذه الأرقام من ناحية وتعبيرها عن المبلغ الحقيقي للدعم الذي يصل للمواطن السوري من ناحية ثانية، حيث كانت وزارة المالية أشارت إلى أن الموازنة العامة للدولة تتحمل فروقات المشتقات النفطية بكاملها وهي تصل إلى نحو 300 إلى 400 مليار ل.س سنوياً، على حين صرح وزير النفط سفيان العلاو بعد ذلك بأن سورية تستهلك نحو 22 مليون طن من الوقود سنوياً وأن الحكومة تدعم الطاقة بما يقارب 500 مليار ل.س سنوياً.
وكذلك أكد رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي لـ«الوطن» أنه يمكن اعتبار فاتورة الكهرباء في سورية أعلى من الفواتير العالمية، لأن الرسوم والفواتير غير المباشرة التي تضاف على وصل الكهرباء ترفع من أرقام هذه الفاتورة لمصافي الفواتير الأغلى عالمياً.
وأضاف: نحن لا ننكر أن الدولة تدعم حوامل الطاقة، ولكن خطة رفع الدعم التي بدأت بالفيول يجب أن تكون بشكل تدريجي وبقيم صغيرة، إذ يجب ألا يقفز سعر طن الفيول مباشرة من 9000 ل.س إلى 16 ألف ليرة قي العام القادم، فهذه الزيادات الضخمة لن يستوعبها الصناعي.
مطالباً بتعويض الصناعيين عن رفع الدعم من خلال منحهم ميزات تنافسية أخرى بديلة كالإعفاءات الضريبية في مراحل التأسيس على الأقل إضافة إلى دعم التصدير بشكل جدي ومنح إعفاءات حقيقية على استخدام الطاقة البديلة. وتسهيل منح القروض بفوائد منخفضة وبالتقسيط المريح ودعم الصناعات الصغيرة وإعادة هيكلة نظام التأمينات الاجتماعية، وحل مشاكل التراخيص الدائمة والمؤقتة أمام الصناعيين.
وليس هذا فحسب بل إن الباحث الاقتصادي نادر الغنيمي يشكك أيضاً بقول وزير النفط: إن سورية تستهلك 22 مليون طن وقود سنوياً، حيث قال: إذا علمنا أن عدد سكان سورية هم 22 مليون نسمة، فكلام الوزير يعني أن كل فرد يستهلك طناً كاملاً من مواد الطاقة، والطن يساوي كما قال الوزير 7 براميل بترول، فهل يعقل حسب الغنيمي أن استهلاك الفرد هو 7 براميل في الوقت الذي تصل فيه نسبة الاستهلاك العالمي لكل فرد لما قدره 5 براميل فقط؟ ولو ضربنا الرقم 22 مليون طن بـ7 براميل للطن لوجدنا أن الناتج هو 154 مليون برميل ولو قسمناه على عدد أيام السنة لوجدنا أن الناتج 420 ألف برميل وهو أعلى من إنتاج سورية اليومي من البترول. حيث تشير الإحصائيات العالمية إلى أن سورية أنتجت في عام 2010 ما قدره 401 ألف برميل بترول يومياً، وهي تأتي بالمرتبة 35 عالمياً ولكنها لم تستهلك إلا 292 ألف برميل يومياً. كما تشير إحصائيات البنك المركزي السوري إلى أن سورية صدرت 8.6 ملايين طن من إنتاجها النفطي واستوردت 4 ملايين طن، ما يعني أن رقم استهلاك سورية من المشتقات النفطية الذي قال وزير النفط إنه يصل إلى 22 مليون طن يشير إلى زيادة نسبتها 40% عن إحصائيات البنك المركزي.
كما يعتبر الغنيمي أن حجم الدعم الاجتماعي الذي أعلنت عنه الحكومة في موازنة عام 2012 والذي يصل إلى حدود 386 مليار ل.س من أصل القيمة الكلية للموازنة العامة للدولة للسنة المقبلة البالغة 1326 مليار ليرة هو مبلغ كبير نسبياً حتى لو حصل المواطن على هذا الدعم بشكل مجاني وبضعفي المخصصات التي يحصل عليها حالياً، فموازنة الدعم تعني أن نصيب الفرد الواحد منها هو 17540 ل.س لكون عدد سكان سورية يقارب 22 مليون نسمة، ولو وزعنا هذا المبلغ على سلة المواد التموينية ومواد الطاقة التي يحصل عليها المواطن لوجدنا أن فاتورة الدعم تعتبر كبيرة حتى ولو جرى توزيع مبلغ الدعم على شكل هبات فقط، إذ يمكن إعطاء كل مواطن سوري وفق فاتورة الدعم 180 كغ قمح مجاني سنوياً، بمعدل نصف كيلو يومياً وبما أن السعر العالمي الحالي لكيلو القمح هو 12 ليرة فإن فاتورة دعم القمح تصل في هذه الحالة إلى 2160 ل.س سنوياً وللمواطن الواحد فقط، وإضافة لذلك يمكن تقديم 24 كغ رز سنوياً مجاناً أي 2 كيلو شهرياً ولكون السعر العالمي للرز هو 40 ليرة فإن فاتورة دعم الرز على المواطن الواحد تصل حينها إلى 960 ل.س سنوياً.
كما يمكن حسب المبلغ المقرر في الموازنة للدعم الاجتماعي تقديم 18 كيلو سكر مجاناً بمعدل 1.5 كيلو شهرياً ولكون السعر العالمي للسكر هو 40 ليرة، فإن كلفة فاتورة دعم هذه المادة على المواطن الواحد سنوياً تصل إلى 720 ل.س، ويمكن أيضاً حسب فاتورة الدعم الاجتماعي تقديم برميل مازوت سنوياً لكل مواطن أي ما يعادل 1000 لتر للعائلة المكونة من 5 أشخاص وتكون كلفة ذلك 7000 ل.س، كما يمكن حسب الفاتورة المعلن عنها تقديم 1000 كيلو واط ساعي من الكهرباء لكل مواطن سنوياً، وإذا كان السعر المعتمد للكهرباء للقطاع الصناعي في أميركا هو (4 ليرات للكيلو واط) فإن هذا الدعم يكلف الحكومة السورية 4000 ليرة، علماً أن ذلك يعني تقديم أكثر من نصف إنتاج سورية من الكهرباء. وتكون مجمل كلفة ذلك هي 14840 ل.س لكل مواطن. ما يعني وبناء على هذه الأرقام أن هناك فائضاً بمبلغ الدعم الاجتماعي قدره 2700 ليرة لكل مواطن، ويرتفع الرقم لما يزيد على 59.4 مليار ل.س لعدد سكان سورية، أي ما يعال 1.12 مليار دولار.
والآن وبعد أن وضعنا السيناريو الأكثر تفاؤلاً في توزيع مبلغ الدعم المخصص في موازنة العام 2011 للمواطن السوري، يحق لنا التساؤل أين سيذهب الفائض في فاتورة الدعم؟ وهل سينال المواطن السوري فعلاً ما تزيد قيمته على 17 ألف ل.س سنوياً لدعم الخبز والمواد التموينية ومواد الطاقة؟
شام نيوز - الوطن