70 % من الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة ألعاب الأجهزة الذكية!

70 % من الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة ألعاب الأجهزة الذكية!

رزان حبش – شام إف إم

كان معظم الأطفال يلعبون بطرق حسية وحركية وواقعية في صغرهم، وكان من المألوف رؤية أطفال المدارس مع جبائر على أيديهم أو أرجلهم نتيجة بعض أنواع الألعاب التي كانوا يمارسونها، إلا أنه ومع التقدم التكنولوجي وانتشار الأجهزة اللوحية بين أيديهم، تغيرت المعادلة!

أصبح من الأكثر وروداً الآن أن نجد الأطفال يعانون من بعض المشاكل والأعراض النفسية، التي تنتج عن ممارسة الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت.

وقد بيّن الاختصاصي في الإرشاد النفسي وعلاج اضطرابات النطق أحمد يوسف لبرنامج "البلد اليوم" على "شام إف إم" أن الألعاب التي يمارسها الأطفال هي أهم مصدر للتعلم والاكتشاف والنمو والتطور، وهي حق أساسي لهم، منوّهاً بذلك إلى أن الألعاب المقصودة هنا هي الحسية منها، أي التي يستطيع الطفل ان يتفاعل معها، سواء عن طريق اللمس أو التركيب والفك، أو حتى بواسطة الألوان والأصوات.

وأشار يوسف إلى أن هذه الألعاب يمكنها أن تجعل ذهن الطفل حاضراً، وكذلك حواسه، ما يساعده على إفراغ ما يعتمل بداخله، أو يتقمص الأدوار المجتمعية المختلفة.

بينما يتحول تأثير ألعاب الأجهزة اللوحية من تأثير تعلق إلى إدمان على المدى الطويل، والدليل على ذلك وفقاً للاختصاصي هو رد فعل الطفل المغاير كلياً في حال تم حرمانه من اللعبة الحسية عن حرمانه من الجهاز اللوحي، حيث يكون انفعالياً أكثر ومنزعجاً بشكل أكبر في الحالة الثانية، ما يؤكد إدمانه عليه.

وأكد يوسف أن لعبة الشاشة حتى ولو كانت تحتوي على الفائدة فهي لعبة تلقي لا تفاعل، وخصوصاً في ظل قلة الوعي المجتمعي من قبل الأهل تجاه دراسة الفترات المناسبة لإعطاء الطفل الجهاز اللوحي.

وكشف الاختصاصي تأكيد دراسات عام 2023 على أن 9 % من الأطفال بين عمر الـ 8 سنوات والـ 18 الذين يلعبون عبر الهاتف المحمول لديهم اضطراب الإدمان، أي يمكن أن يقوم برد فعل سيئ تجاه نفسه أو تجاه الآخرين أو التحدث بطرق غير لائقة، والعزلة وهي أعراض مشابهة لتلك التي يعاني منها مدمنو المخدرات!

فيما تعاني نسبة 13 % من المراهقين من الإدمان على الألعاب الإلكترونية أيضاً بحسب ما قاله يوسف، لافتاً إلى أن ذلك يندرج فقط تحت الأضرار النفسية والسلوكية والتواصلية، أما حول الأضرار الأخرى فتحدث عن وجود مخاطر جسدية واجتماعية كذلك.

كما عدَّد أنواعاً مختلفة من المشاكل التي يعاني منها الأطفال بسبب التعلق بألعاب الأجهزة اللوحية، ومنها ضعف وتشتت بالانتباه، وكثرة الحركة، والقيام بسلوكيات عدوانية، والعناد، بالإضافة إلى التأخر اللغوي والتواصلي، وعدم القدرة على الاندماج مع الآخرين، والقلق الاجتماعي، والتأخر الأكاديمي.

ومن واقع عمله أكد الاختصاصي في الإرشاد النفسي يوسف أن 70 % من الأطفال يعانون من المشاكل والاضرابات النفسية التي تسببها لهم ألعاب الأجهزة الذكية.

 وضمن حديثه عن الألعاب المناسبة لكل سن، ذكر أن الطفل يبدأ بالاكتشاف من عمر السنة والنصف تقريباً، ومن المهم في هذه الفترة تعريضه للخبرات الأساسية كالأكواب والصحون، والسيارات، والحيوانات، والمجسمات التي يستطيع تحريكها بشكل عام والألعاب المحشوة، أو ربط الأصوات مع المشاهد.

ويمكن البدء بألعاب التحدي والمسابقات الخفيفة من بعد عمر الثلاث سنوات، كألعاب المتاهة و"الليغو" والتقليد، والمطابقة، والبطاقات، وألعاب التصنيف، واستنتاج اللون الموحد بين عدة أشياء على سبيل المثال.

وأشار يوسف إلى أن الألعاب بعد عمر الست سنوات يمكنها أن تأخذ طابعاً أكثر تحدياً ودقة، كالتي تتعلق بحل المشكلات والمسائل والألغاز واتخاذ القرارات، والكلمات المتقاطعة، واختبارات الذكاء التي ترتبط بالذاكرة المكانية مثلاً.

بالإضافة لكل ما سبق، شدد الاختصاصي يوسف على أهمية أن يمارس الأطفال الألعاب الشعبية مع الأطفال في الحي، وذلك تحت مراقبة ذويهم، فهي مهمة جداً كونها تنمي لديهم فكرة الأدوار ومعرفة متى تقع المسؤولية على عاتقهم، ومتى يجب أن يتعاونوا مع الآخرين لإنجاز هدف ما، ما يرفع حس التنافسية ويُخفف من الأنانية، وكمثال على ذلك ألعاب "الدحل" و"الطميمة" وما يشابهها.

ومع ذلك أوضح يوسف أن اللعب عن طريق التكنولوجيا ليس سلوكاً خاطئاً، ولكنه يجب أن يكون مضبوطاً ومدروساً، لأن البرمجة أصبحت جزءاً أساسياً من نمط الحياة المعاصرة، ولذا من المهم أن يمارس الطفل هذه الألعاب مع مراقبة شديدة على المحتوى، حيث يقول تقرير للأمم المتحدة في تشرين الأول الماضي إن 300 مليون طفل تم استغلالهم عن طريق الإنترنت سواء عبر البيانات الشخصية أو السرية أو العائلية، وجزء كبير من ذلك عبر الألعاب الإلكترونية.

وكذلك يجب تحديد وقت لا يتجاوز الساعة إلى الساعة والنصف كحد أقصى في اليوم الواحد، مضيفاً أن الدراسات تشير إلى أن الطفل الذي يتعلم ويلعب عن طريق الشاشة يكون غير قادر على التعلم بالطرق التفاعلية التقليدية كالدروس الصفية.