79 مقلعاً في إدلب تتسبب بتصدعات للمنازل المجاورة ..

صورة أرشيفية

 

بينما يطالب مواطنون ومهتمون واختصاصيون بيئيون الجهات المعنية بحماية الميزات السياحية والبيئية لمحافظة إدلب والتشدد بمنح التراخيص للمقالع الحجرية وتحديد أماكنها وتفعيل التشريعات المتعلقة بها، يرى المستثمرون في هذا القطاع أن التشدد في منح التراخيص يخلق التحجير العشوائي والمخالف تحت جنح الليل.

وأعرب مواطنون من قرى إدلب (الهباط – كفريا – باتنته) عن تخوفهم من وجود المقالع الحجرية وتوسعها، نظرا لما تسببه من مشكلات بيئية تتهدد التنوع الحيوي والغابات والأشجار المثمرة. ‏

وأوضحوا أن تلك المقالع في حال عدم إعادة تأهيلها ومتابعة التدابير العملية لتوفيق أوضاعها مع المعايير البيئية المطلوبة ستزيد من تصحر الأراضي الزراعية والحراجية. ‏

وطالبوا بمتابعة وضع المقالع والمحاجر المخالفة للشروط والمواصفات البيئية لتصويب أوضاعها وتلاشي السلبيات المتعلقة بها وإيجاد حلول توافقية تضمن الحفاظ على البيئة من جهة، وديمومة هذا القطاع الذي يعتبر مصدر رزق لأعداد كبيرة من العاملين به. ‏  

 

مستثمرون: التشدد بمنح التراخيص يولد التحجير العشوائي

وأضافوا أنهم قاموا أكثر من مرة بمراجعة الجهات المعنية لحل مشكلتهم ومشكلة منطقتهم التي تعاني من آثار المقالع للحد من الأضرار التي تسببها، مشيرين إلى معاناتهم جراء وجود المقالع والآليات التي تعمل وتنقل الحجارة ما سبب أضرارا بيئية وتلفا في الطريق الرئيسة التي تمر من البلدة باتجاه مدينتي إدلب ومعرتمصرين بالإضافة إلى مشكلة القلابات والتي تشكل خطرا كبيرا على السلامة العامة، ويرى المواطن خالد البكور أن الغبار المتطاير من المحاجر يؤثر سلبا على الأشجار خصوصا أوراقها والتي تعتبر مصدر الغذاء لها، مشددا على أهمية ابتعاد تلك المقالع عن قريتهم الهباط بما لا يقل 1200 متر. ‏

لفت بكور البكور إلى أن أعمال التفجير الناجمة عن المقالع تسببت بظهور تصدعات وتشققات في منازل المواطنين القريبة منها وسط مخاوف من حدوث انهيارات في ظل استمرارية التفجيرات على مدار الساعة وازدياد مساحة التشققات التي بدأت تظهر على جدران المنازل من الداخل والخارج. ‏

ووفق مواطنين رافقوا «تشرين» في جولة إلى المنازل في قرية الهباط المتضررة المحاذية لموقع المقالع فإن التفجيرات ليس لها وقت محدد وباتت مصدر إزعاج متكرر للمواطنين نتيجة الأصوات العالية الصادرة منها اثناء العمل والتي يشعر بها جميع سكان المنطقة. ‏

 

 

شكاوى تتجدد كل عام ‏

تقول السيدة أمينة عبد الله من أهالي قرية الهباط: إن جميع سكان المنطقة يشعرون بارتجاجات واهتزازات واضحة أثناء القيام بأعمال التفجير القوية ضمن مناطق عمل المقالع لافتة إلى أن أطفالها الصغار هم الأكثر تأثراً بهذه الأعمال وسرعان ما يبدؤون بالبكاء والصراخ خاصة أثناء نومهم مشيرة إلى المعاناة التي تعيشها مع كل عملية تفجير لعدم التزام أصحاب العمل بأدنى شروط ومعايير السلامة العامة. ‏

وطالب المواطن أحمد المحمد الجهات المعنية بإجبار أصحاب المقالع المهجورة على إعادة تأهيل مقالعهم بعد إنهاء عملهم بها، مشيراً إلى أن بعض المقالع المهجورة باتت بؤراً لتجميع القمامة وأشياء أخرى. ‏

يشار إلى أن معاناة أهالي قرى (الهباط- كفريا- باتنته) من المقالع الحجرية ليست وليدة اللحظة بل تعود إلى سنوات خلت دون أن تجد أي حل يلوح بالأفق ففي عام 1995 نقل رئيس رابطة فلاحي منطقة إدلب إلى اتحاده ما يعانيه مزارعو القرى المجاورة للمقالع، كما أن هيئة محكمة البداية المدنية بإدلب وبناء على الدعوى رقم الأساس /5848/ لعام 1995 أوعزت بالكشف الحسي على الواقع وبرفقة هيئة المحكمة قام الخبير العقاري المهندس مروان أسليم بالكشف وأعد تقرير خبرته آنذاك معبراً عن مخاوفه من الاستغلال الجائر للمقالع ومواقع العمل، ما يتسبب في تصاعد الأتربة وتطاير الغبار على المناطق المجاورة وكذلك تدمير البنية التحتية للطرق التي تسير عليها القلابات وما تسببه التفجيرات من تشققات وتصدعات للمنازل المجاورة جراء الاهتزازات المتواصلة. ‏

ويؤكد أن الأشجار والوديان في المنطقة تتطلب المحافظة على هذه البيئة والسلامة العامة، طالباً الإسراع باتخاذ الإجراءات المشددة للمخالفين لمنع التجاوزات في المقالع. ‏

مقلع مطابق للمواصفات والشروط ‏

ويؤكد سائر شاقول واحمد الحسن صاحبا مقلع في قرية الهباط والذي أثير حوله عدد من الشكاوي الكيدية على حد تعبيرهما، انه بحسب نظام المقالع فإن أعمال التفجير تتم بإشراف مندوب من الأجهزة المختصة مشيراً إلى أن التفجيرات ليس لها أي علاقة بتصدعات وتشققات المنازل المجاورة واعدا في الوقت نفسه أن لجنة مختصة شكلت للكشف على موقع المقلع للتأكد من مدى التزامه بشروط الترخيص ولم تسجل أية ملاحظة تذكر. ‏

وقال شاقول: إن المقلع يعتبر مصدر الرزق للكثير من الأسر، فهو يوفر فرص عمل إلى ما يقارب مئة عامل في هذا القطاع بشكل عام بما فيها المقالع الحجرية، محذرا من انتشار المقالع العشوائية والمخالفة في حال استمرار التشدد في منح التراخيص للمقالع في المحافظة. ‏

مؤكدا أنهم يقومون بإعادة الأراضي أفضل مما كانت إضافة إلى أنهم يقومون بفتح وتعبيد الطرق إلى مناطق المقالع على نفقتهم بحيث تصبح طرقا زراعية يستغلها المزارعون وأصحاب الأراضي التي يتم استئجارها فيما بعد. ‏

هذا وكان السيد محافظ إدلب قد أوعز إلى مديرية الخدمات الفنية في المحافظة بالأمر الإداري رقم 3533/1 تاريخ 16/5/2010 تشكيل لجنة مهمتها الكشف على المنازل المتصدعة في قرية الهباط وبيان فيما إذا كانت المقالع الموجودة في المنطقة هي المسبب لهذه التشققات في المنازل.. من جانبها وفي معرض تقريرها المقدم للسيد المحافظ رأت اللجنة أن المقلع العائد للسيد سائر شاقول لا يسبب الضرر الذي يشار إليه من قبل الأهالي وان التشققات الحاصلة في بعض المنازل ناتجة عن سقاية الحدائق الزراعية الموجودة ضمن المنازل، وأوصت اللجنة بتخفيض كمية المتفجرات في المقلع من 15- 10كغ، وتسوير المقلع بشبك معدني. ‏

من جانبها مديرية البيئة في المحافظة وبكتابها للسيد المحافظ رقم 3614/ص.ب تاريخ 15/3/2010 أفادت أثناء الكشف أنه لم تسجل أية أضرار ناتجة عن وجود المقلع المذكور واقترحت التوجيه لمن يلزم لبيان الرأي القانوني بترخيص المقلع المشار إليه وفق التعليمات التنفيذية الجديدة لمقالع الأحجار من حيث بعده عن التجمعات السكنية. ‏

ويؤكد المهندس البيولوجي محمد إبراهيم الخالد- اختصاصي بحماية البيئة أن المقالع والمحاجر في المنطقة تشكل مخاطر متعددة على النواحي البيئية والصحية والسلامة العامة للمواطنين، معتبرا أنها اعتداء على الأراضي الزراعية وانجرافها. ‏

ويدعو الخالد إلى ضرورة وقف الأخطار الصحية والبيئية المترتبة على وجود تلك المقالع، باعتبار أن الغبار المتطاير من تلك المقالع والمحاجر يتسبب بأمراض الربو والتحسس وأمراض العين. ويُضيفُ إلى ذلك «إمكانية تلوث المياه ومصادرها الموجودة قرب تلك المواقع»، خصوصا في ظل عدم توفر شروط الصحة والسلامة العامة. ‏

 

تسوية أوضاع المقالع الحجرية المخالفة ‏

‏ المهندس خالد الأحمد محافظ إدلب في اجتماعه الأخير لمناقشة واقع عمل المقالع في المحافظة أكد أن هناك دراسة لواقع المقالع في المحافظة لتحديد الأطر اللازمة لعملها بشكل يضمن الحفاظ على البيئة وعدم تأثير هذه المقالع على البنية التحتية التي أنفقت عليها الدولة مبالغ طائلة لخدمة المواطنين، ودعا أصحاب المقالع لدراسة واقعها واتخاذ إجراءات مناسبة دون الإضرار بالمصلحة الوطنية والعامة. ‏

 

وشدد على ضرورة تلافي الصعوبات التي تعترض العمل ومتابعة إجراءات التراخيص الممنوحة وإغلاق المقالع غير المرخصة وتقديم التسهيلات لتسوية أوضاع 21 مقلعاً وفق القانون رقم 26 الناظم لعملها. ‏

وطالب السيد المحافظ بالحفاظ على الأراضى الزراعية والمواقع السياحية والأثرية والإسراع بمعالجة وضع المقالع المنتشرة في كفردريان وسرمدا وكفرعروق. ‏

ومنح المحافظ مهلة مدة عام لتسوية أوضاع 21 مقلعاً ريثما يتم إيجاد بدائل لمواقعها الحالية مشيراً إلى ضرورة تشكيل لجنة تضم مختصين من الجيولوجيا والآثار والزراعة وممثلاً من الوحدة الإدارية للكشف الدائم على المقالع ومنع حدوث أي مخالفة بهذا الشأن. ‏

يذكر أن عدد المقالع المرخصة في إدلب 79 مقلعاً منها 15 رخصة كتل للبناء و64 رخصة حجر كلسي للطحن منها 4 رخص عائدة للقطاع العام و60 رخصة للقطاع الخاص. ‏

من جانبه المهندس نصر شحادة- مدير الجيولوجيا بإدلب أكد أن المديرية تتلقى الكثير من شكاوى المواطنين وتعمل على التحقق من كل شكوى، من خلال مفتشين يزورون مواقع المقالع للتأكد من استيفائها الاشتراطات الصحية. ‏

وأوضح أنه تمت مخالفة عدد من المقالع وإغلاق بعضها الآخر بناء على شكاوى المواطنين، وتجري الوزارة دائماً حملات تفتيشية على جميع الكسارات الموجودة في المناطق الجبلية للتأكد من تطبيقها للمعايير الصحية.. وأكد أن التفجيرات التي تتم مرخص لها من قبل الجهات المعنية.

 

المصدر: تشرين