«أسرار الرؤساء», كتاب للصحفي الفرنسي فنسان نوزيل

من يقرأ كتاب الصحفي الفرنسي فنسان نوزيل المعنون «أسرار الرؤساء»، الذي أنجزه بأسلوب التحقيق الصحفي والتوثيق التاريخي، ينتابه الذهول لطبيعة نسج العلاقات الدولية
فيما خص قضايا تهم كل العالم، وخصوصاً دول العالم الثالث.
الكتاب يغطي أكثر من ثلاثة عقود من العلاقة الفرنسية- الأميركية بدأت مع الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران، وخلفه جاك شيراك، ومن ثم الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي. وكان في مقابلهم في البيت الأبيض على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كل من: رونالد ريغان، جورج بوش (الأب)، بيل كلينتون، جورج بوش (الابن)، وأخيرا باراك أوباما.
استمرت تحقيقات فنسان الجريئة، سنوات عدة على ضفتي المحيط الأطلسي، توفر له معها الوصول إلى الآلاف من الوثائق التي لم يتم نشرها في وقت من الأوقات، سواء أكانت من محفوظات البيت الأبيض أو وكالة المخابرات المركزية، أو للمرة الأولى، من الإليزيه. وتعتبر هذه الوثائق من المقتنيات الرسمية الاستثنائية، التي تستكملها شهادات اللاعبين الأساسيين التي تساعد المؤلف على رفع الستار عن الحوارات التي جرت على مستوى القمة والمواجهات والاتفاقيات السرية بين الرؤساء.
يكشف الكتاب، الذي صدر باللغة الفرنسية عن دار فايار، ثم صدر بترجمة عربية يشوبها الضعف، عن سلسلة من الحلقات الرئيسية للأحداث، بدءاً من وصول اليسار الفرنسي إلى السلطة في أيار 1981 حتى وصول ساركوزي في العام 2007، كما يشير إلى سقوط جدار برلين، وتفجيرات 11 سبتمبر 2001، والمفاوضات المتعلقة بتحرير الرهائن في لبنان، وحروب العراق ونهاية صدام حسين، واغتيال رفيق الحريري، والعمليات السرية التي نظمت ضد القذافي، وطريقة التعاطي مع الملف النووي الإيراني... وقد توزع الكتاب في ثلاثة أقسام تندرج تحت كل قسم عدة فصول، وقد جاءت كما يلي: القسم الأول: «ميتران»: الفصل الأول: سأخنق الشيوعيين»، الفصل الثاني: هدية تدعى فيرويل، الفصل الثالث: «عزيزي فرانسوا.. عزيزي رون»، الفصل الرابع: الهدف: تصفية القذافي، الفصل الخامس: فخ الرهائن في لبنان، الفصل السادس: ميتران وبوش صديقان في طريق مسدود، الفصل السابع: «ألو، فرنسوا؟ شكراً لمحاربتك إلى جانبنا..»، الفصل الثامن: خيبات المنتصرين، الفصل التاسع: شدائد نهاية عهد.. أما القسم الثاني: «شيراك».. الفصل العاشر: «جاك شيراك» خطيب أميركا، الفصل الحادي عشر: «بيل» و«جاك» في المركب، الفصل الثاني عشر: وسقط «شيراك» من عليائه، الفصل الثالث عشر: «تحياتي الودّية إلى هيلاري، الفصل الرابع عشر: 11 أيلول: «نحن كلنا أميركيون»، الفصل الخامس عشر: كواليس أو خفايا ال «لا» للحرب في العراق، الفصل السادس عشر: كيف انتقم بوش من «شيراك»، الفصل السابع عشر: «عزيزي جورج، دعنا نعود أصدقاء»، الفصل الثامن عشر: إجبار سورية على إعادة ما سلبته.. والقسم الثالث: «ساركوزي».. الفصل التاسع عشر: كيف أصبح «نيكولا» «ساركو الأميركان»، الفصل العشرون: «ساركوزي»- «أوباما» خفايا سوء التفاهم، المحادثات الهاتفية بين الرؤساء.. من الأسرار التي يكشفها الكتاب واحد يتعلق بسعي الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان لقتل العقيد الليبي معمر القذافي، وأحدثها وأهمها يتمحور حول إصرار الرئيس جاك شيراك على الإطاحة بالنظام السوري، خصوصاً بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. ويروي الكتاب تفاصيل الخلاف الفرنسي- الأميركي عشية الإعداد لحرب العراق عام 2003، والتي لم تعد إلى سابق عهدها إلا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، حيث توافقت المصالح الفرنسية الأميركية بشأن الموقف من لبنان وسورية. ويكشف الكاتب الفرنسي، كيف أن ريغان وميتران وصلا إلى مرحلة اليأس من تصرفات القذافي، خصوصاً في تشاد وغيرها. ويروي بالتفصيل كل محاضر اللقاءات والمحادثات التي جرت بينهما بغية إزالة الخطر الليبي وتخويف العقيد وصولاً إلى مرحلة الاقتناع باغتياله، رغم أن فرنسا بقيت معارضة لاغتياله مباشرة. وإذا كان ميتران تردد طويلاً في الأمر، وبقي مناصراً للضغوط على القذافي لا بل والحوار في بعض المرات، إلا أنه في نهاية المطاف سلم بالمنطق الأميركي، القائل إن القذافي ميؤوس منه، لكنه بقي حتى النهاية مناهضاً لأي تحالف أميركي فرنسي للقضاء عليه. شام نيوز - الثورة