إضراب عام اليوم في تركيا

أعلنت نقابتان عماليتان ونقابات مهنية تركية أمس تنفيذها إضرابا عاما اليوم الإثنين في كل أنحاء تركيا احتجاجا على أعمال القمع والعنف التي يرتكبها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وشرطته بحق المتظاهرين السلميين المطالبين باستقالته فيما واصل الأخير تهديداته وقمعه لشعبه وللمحتجين مطلقا عليهم أشنع التوصيفات.

20130616-222020.jpg

وقال المتحدث باسم نقابة كيسك العمالية التركية باكي جينار لوكالة الصحافة الفرنسية أمس "إن نقابته ستنفذ الإثنين إضرابا في أنحاء البلاد بالتوافق مع نقابة ديسك ومنظمات أخرى تمثل الأطباء والمهندسين والمهندسين المعماريين وأطباء الأسنان".

ودعت النقابتان العماليتان التركيتان كيسك وديسك حكومة أردوغان إلى الوقف الفوري لأعمال العنف بحق المتظاهرين.

وكانت النقابات التركية نفذت إضرابا يوم الأربعاء الماضي غداة التدخل العنيف للشرطة بهدف إخلاء ساحة تقسيم في اسطنبول من عشرات آلاف المتظاهرين.

ويضم الاتحاد النقابي للعمال الثوريين ديسك 240 ألف عضو فيما يضم الاتحاد النقابي لموظفي القطاع العام كيسك 250 ألف عضو.

20130616-222133.jpg يذكر أن المحتجين الذين بدؤوا تظاهراتهم دفاعا عن بيئة وتاريخ وتراث ساحة تقسيم ومنع قطع الأشجار أكدوا أن طريقة تعامل حكومة أردوغان مع مطالبهم المحقة بالعنف وخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع كانت الشرارة التى دفعتهم إلى عدم الاستسلام وعدم مغادرة الشوارع والساحات مشددين على أن مطالبهم تتعدى مطلب حماية البيئة إلى تحقيق الديمقراطية والحريات مطورين مطالبهم بإقالة أردوغان وبالقضاء على سياساته التسلطية.

ويواصل المتظاهرون الأتراك في الشوارع الفرعية المؤدية إلى "ميدان تقسيم" باسطنبول.

وفي أنقرة واصلت الشرطة التركية قمع المحتجين في العاصمة التركية واشتبكت معهم بينما استمرت المظاهرات في اسطنبول بعد الاشتباكات التي وقعت أثناء الليل حيث استخدمت قوات الأمن التركية في المدينتين الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل ومدافع المياه لتفريق المتظاهرين في المدينتين.

20130616-222157.jpg وقال أحد المحتجين في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية "لسنا خائفين.. لسنا خائفين.. نريد أن يرحل هذا الديكتاتور "اردوغان".

وارتفعت حدة المواجهات بين أفراد الشرطة والمحتجين في أنقرة في وقت وقعت فيه احتجاجات واسعة واشتباكات مع الشرطة في شارعي الشيشلي والمجيدية المؤديين إلى ساحة تقسيم باسطنبول.

وكان ليل أمس الأول شهد تقننا بأعمال القمع الديكتاتوري بحق المحتجين من أبناء الشعب التركي المدافعين عن مطالبهم وحقوقهم حيث اقتحمت الشرطة متنزه جيزي في اسطنبول وهو محور الاحتجاجات المستمرة منذ أسبوعين ضد أردوغان مستخدمة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المحتجين فيما هرع مئات من المحتجين إلى الشوارع المحيطة لمناصرة رفاقهم.

20130616-222502.jpg

وأغلقت طوابير من رجال الشرطة تدعمها مركبات مصفحة ساحة تقسيم في وسط اسطنبول بينما اقتحم أفراد من الشرطة متنزه جيزي المتاخم حيث يعتصم المحتجون منذ أكثر من أسبوعين حيث فاجأ تدخل الشرطة بعد فترة وجيزة من كلمة أردوغان وتهديداته الكثيرين في ليلة أمس الاول في ميدان تقسيم خصوصا بعد أن قال الرئيس التركي عبد الله غل في وقت سابق أمس الأول أن المفاوضات الرامية لإنهاء الاحتجاجات تحقق تقدما مما يوحي بتقاسم أدوار بين الشخصين المنتمين لحزب العدالة والتنمية أو خلاف في الرأي حيال التعامل مع المحتجين.

في غضون ذلك أعلن منظمو الاحتجاجات التركية "الريدهاق" أن قمع الشرطة التركية للاحتجاجات فى اسطنبول يوم الخميس الماضي أسفر عن سقوط أربعة قتلى وسبعة آلاف جريح بينهم 65 جريحا بحالة خطرة بينما أوقعت عمليات القمع في اليومين الماضيين ضحايا أكبر بكثير من هذه الإحصائية.

أردوغان يصف المحتجين بالإرهابيين

وفي الوقت الذي كانت قوات الأمن التركية تعتدي على المتظاهرين في الشوارع المؤدية إلى ميدان تقسيم بوسط اسطنبول لمنعهم من الدخول إليه هاجم أردوغان وسائل الاعلام الخارجية واتهمها بنشر ما وصفه بالاكاذيب وتشويه الحقائق حسب تعبيره.

وقال أردوغان الذي حرص على الاستعراض وحشد عدد من أنصاره وجمعهم في ساحة أخرى باسطنبول " إذا كان الإعلام الدولي يريد تصوير حقيقة تركيا فهذه هي الحقيقة هذا الميدان وهذا الحشد الكبير وأنا أقول للإعلام الدولي أخفوا هذه الصورة أليس كذلك" مخاطبا بلغة متوترة في محاولة لاظهار نفسه كضحية قائلا ..(بي بي سي) أخفي هذه الصورة و(سي ان ان) ووكالة (رويترز) أنت أيضا ..منذ أيام و أنتم صورتم تركيا بشكل مختلف ..أنتم كنتم تنشرون الأكاذيب ..هذه الأمة وهذا الشعب ليس الذي صورتموه و سوقتموه إلى العالم .

وكان عشرات آلاف المحتجين الاتراك خرجوا عفويا الى الشوارع احتجاجا على سياسات اردوغان التسلطية والاستبدادية وقرار حكومته اقامة مشروع تجاري في ساحة تقسيم وقطع الاشجار فيها مطالبين باستقالته حيث نقلت شاشات التلفزة هذه المظاهرات دون أي رتوش أو كاميرات مرتجة او تعليقات فيما ردد اردوغان منذ الساعات الاولى بأنه يحظى بتأييد نصف الشعب التركي متماهيا مع المشروع التقسيمي الامريكي لدول المنطقة.

واستحضر أردوغان أنصاره من مناطق بعيدة ونقلهم بواسطة مئات الحافلات البلدية والخاصة إلى حديقة ضخمة تقع على طريق مطار اسطنبول بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية في محاولة لاظهار حجم التأييد له الامر الذي رأى محللون أتراك أن غايته تقسيم الشارع التركي والتعتيم على تظاهرات ميدان تقسيم واعتداءات شرطته على المتظاهرين فيه.

ويشير المراقبون إلى أن أردوغان ظهر غير مرتب الافكار وبدا عدم وضوح رؤيته جليا في تصريحات متناقضة فتارة يتهم وسائل الاعلام ومرة يتغنى بمدينة اسطنبول التي قال إنها تعني تركيا كلها وتعني الشرق الأوسط .. وتعني أيضا البلقان وتعني الأوروبيين أيضا و آسيا وإفريقيا وبأنها العاصمة القديمة للدولة العثمانية.

وواصل أردوغان هجومه على المحتجين من أبناء الشعب التركي وإطلاقه أعنف النعوت بحقهم "كالمخربين والخونة والارهابيين" مشككا بدوافعهم معتبرا أنهم لا يدافعون عن البيئة وإنما يدمرونها .

وقال أردوغان الذي حاول التقليل من المحتجين وتعظيم الحشود التي جمعها لتاييده: "هنا مئات آلاف من الأشخاص ليسوا من المخربين لكن من المعمرين الذين يدعمون الاعمار والاستقرار هؤلاء الاشخاص لم يأتوا بالعنف وليسوا بالخونة".

وكرر أردوغان: التذكير بأنه حصل على خمسين بالمئة في الانتخابات الماضية مجددا محاولاته التغني بماضي أجداده من السلاطين العثمانيين وممارساتهم التسلطية قائلا: " نحن أحفاد دولة السلاجقة التي جمعت الشرق لأوسط تحت علم واحد ونحن أحفاد الدولة العثمانية التي جمعت ثلاث قارات تحت علم واحد ..تركيا حاربت ضد الدول السبع وهزمتهم وأنجزت الجمهورية ونحن لا يمكن أن نقع في الكمين الذي يحاولون ان ينصبوه ..لا يمكن ان يوقعونا في هذه الكمائن".

وواصل أردوغان الذي وقف وراء الإعلام التضليلي بفبركة الأخبار عن سورية وتلفيقها لسفك دماء ابناء شعبها مهاجمة وسائل الإعلام الدولية معتبرا أن "تركيا ليست الدولة التي يمكن ان يقوموا بعمليات إعلامية ضدها دون خجل .. يقولون إننا نحن شاهدنا الربيع العربي والآن الدور للربيع التركي"..معتبرا أن الربيع التركي هو الذي "جلب حزبه لحكم تركيا في العام (2002) حيث يشهد الضباط والمحامون والصحفيون وممثلو الرأي العام والمجتمع المدني القابعون في سجون حكومة حزب العدالة والتنمية أي ربيع منيت به تركيا بحكمه وتسلطه عليها .. معتبرا وهو الذي نصب الكمائن لغيره وخبر كيف يتم نصبها وتبني المواقف المعادية أن بلاده "ليست الدولة التي يمكن نصب الكمائن لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت وفي الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي".

وادعى أردوغان وفي سياق حملته الهستيرية واتهاماته الموزعة من كل حدب وصوب معبرا عن حقده على سورية وعلى الاوروبيين الذين لفظوه ورفضوا انضمامه الى ناديهم "الاتحاد الاوروبي " أن البرلمان الأوروبي مصوب أنظاره على ما يجري في تركيا ولا يرى ما يجري في غيرها مثل سورية متجاهلا حملته الارهابية بحق سورية والهجمة الاوروبية الغربية ضد سورية.

ودافع أردوغان عن حملة العنف التي شنتها شرطته وقوات أمنه ضد المحتجين الاتراك في اسطنبول في جنح الظلام محاولا تبرير الهجوم العنيف للشرطة ومباغتتها للمحتجين في ساحة تقسيم بدعوى تأثر السياحة بسبب المظاهرات معتبرا أن جميع الفنادق في تقسيم أفرغت من السياح وهناك الكثير من اصحاب المحال اغلقت وكسرت محلاتهم.

وقال اردوغان مهاجما المحتجين "إنهم يريدون نصب الخيم في تقسيم وأنا اقول لهم لا يمكنكم نصب الخيم هنا اذهبوا وانصبوا الخيم في البرية انهم يريدون ارسال رسالة وهم يقولون انهم فنانون وهم في الحقيقة ليسوا بفنانين انهم ارهابيون ويتعاملون مع تنظيمات ارهابية".

واعتبر أردوغان الذي كان يوزع شعارات وادعاءات الحرية والديمقراطية على الآخرين ما وصفه "تطهير" ساحة تقسيم في اسطنبول شكل واجبا له مبررا بذلك إقدام شرطته وبعد ثوان من إطلاقه تهديدات ضد المحتجين على مباغتة المحتجين الأتراك بالساحة في جنح الظلام بالهجوم على ساحة تقسيم بالمدرعات وإلقاء القنابل الغازية وخراطيم المياه لإخراج المحتجين بالقوة من الساحة.

وقال أردوغان الذي تفوق على أعتى الديكتاتوريات في العالم بإقدامه على إجبار حشد من أنصار حزبه في اسطنبول للخروج لتأييده في محاولة لتقسيم الشارع التركي "لقد تم تنفيذ العملية وتم تطهير ساحة تقسيم وحديقة جيزي ووصلنا إلى النهاية وأن ذلك واجبي كرئيس للوزراء".

مظاهرة في برلين للتضامن مع المحتجين الأتراك..والحكومة الألمانية تدعو أردوغان إلى احترام حرية التظاهر والتعبير

في برلين شارك آلاف المتظاهرين في مسيرة في شوارع المدينة أمس للتعبير عن التضامن مع المحتجين الأتراك في ساحة تقسيم باسطنبول.

ونقلت رويترز عن الشرطة الألمانية قولها إن أكثر من 2000 شخص شاركوا في المسيرة التي جابت شوارع المدينة.

وجاءت المظاهرة بعد ساعات من إخلاء ساحة تقسيم بالقوة وبعدما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع في اسطنبول وأنقرة لمحاولة منع المتظاهرين المعارضين لحكومة رجب طيب أردوغان من إعادة التجمع.

بدورها دعت ألمانيا حكومة أردوغان أمس إلى احترام حرية التظاهر والتعبير للمواطنين الأتراك السلميين.

وقال المتحدث باسم الحكومة الالمانية ستيفين شيبرت في رسالة عبر موقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت (تويتر) نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية إن "الحكومة الالمانية حذرت مرات عدة من أنه يجب ضمان حرية التظاهر والتعبير واحترام المواطنين المسالمين".

وفي رسالة أخرى لفت شيبرت إلى وجوب "استمرار الحوار" في تركيا مؤكدا أن "الحكومة الألمانية تدعو مرة أخرى جميع الأطراف إلى الاحتكام للمنطق".