المعلم: المدة المقررة للإصلاحات لا تتجاوز ستة أشهر

التقى مراسل قناة " روسيا اليوم" الاستاذ وليد المعلم وزير خارجية جمهورية سورية وطرح عليه بعض الاسئلة حول واقع الاوضاع السورية حاليا، اجاب عليها السيد الوزير مشكورا.
س- معالي الوزير بداية لو تحدثنا عن الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في القاهرة والذي خصص للوضع في سورية، أنتم أعربتم عن تحفظكم على نتائج هذا الاجتماع، ومن جانب آخر المعارضة رحبت بذلك. برأيك معالي الوزير هل تقوم الجامعة العربية بدورها المنوط بها في الوقت الراهن؟
ج- مع الأسف بسبب ما سمي بالربيع العربي، هناك دول كانت فاعلة في الجامعة العربية، الآن منشغلة بمسائلها الداخلية وهذا أضعف العمل العربي المشترك وبالتالي جامعة الدول العربية. نحن نتمنى في المستقبل القريب أن نتجاوز هذه المرحلة وأن تعود الدول إلى فاعليتها السابقة لتعزيز العمل العربي المشترك. أولاً مندوب سورية الدائم أوضح الموقف السوري، وكان هذا الإيضاح ردا على محاولة البعض عقد اجتماع استشاري مغلق بدون حضور سورية، هل يعقل أن يناقش موضوع سورية بدون حضور سورية؟ ثانياً طرح في هذا الاجتماع الاستشاري موضوع تجميد عضوية سورية في جامعة الدول العربية، وهذا شأن خطير، كثير من الدول العربية التي حضرت هذا الاجتماع عارضت هذه الفكرة ووقفت ضدها. ثانياً كيف يتخيل البعض العمل العربي المشترك بدون سورية. ثالثاَ طرح مثل هذه المسألة مخالف لميثاق الجامعة لأن موضوع تجميد أو وقف العضوية هو حصراً من اختصاص القمم العربية. جرى تجاوز هذه المسألة في موضوع ليبيا وكلنا يعلم ماذا جرى آنذاك في جامعة الدول العربية من قرار استغل في مجلس الامن وتم استغلال قرار مجلس الأمن من الناتو، والعرب الذين عارضوا هذه الفكرة كانوا يدركون الهدف والغاية منها، هو نسف ما تبقى من عمل عربي مشترك. أما التحفظ الذي أدلى به مندوبنا الدائم، حيث قال حرفياً:"أنا أتحفظ بصفتي الشخصية، وأنتظر الموقف الرسمي من قيادتي". القيادة السورية درست بدقة ماوراء سطور هذا القرار، وأنا أبلغت أمين الجامعة العربية أن القيادة تدرس القرار بروح إيجابية، ثم أعلمنا جامعة الدول العربية بمذكرة خطية استعدادنا لاستقبال اللجنة الوزارية العربية في دمشق.
س- معالي الوزير، لو تحدثنا عما يجري في اسطنبول وحول الموقف التركي بالتحديد، كما يبدو وحسب رأي الخبراء أن تركيا باتت قريبة من الاعتراف بالمجلس الوطني الذي احتوته بشكل أساسي. في حال تم هذا الأمر، ما سيكون الرد السوري؟
ج- أنا لا أريد أن أستبق الأمور، لكن تركيا تعلم حجم العلاقة السورية التركية والاتفاقيات الخمسين التي وقعت بين البلدين، وما نجم عنها من تطور سريع في حجم التبادل التجاري وحجم التبادل السياحي والثقافي بين البلدين لأن الهدف كان إقامة علاقة استراتيجية بين سورية وتركيا، وباشرنا بتنفيذها، بمعنى أن المواطن السوري أو التركي يدخل ويخرج بالاتجاهين دون تأشيرة دخول. أنا آمل أن لا نصل إلى نقطة نبدأ بتهديم الجهد الذي بني بين البلدين طيلة السنوات العشرة السابقة.
س- معالي الوزير لو عدنا إلى ما يجري الآن في سورية، المعارضة تتحدث عن أن الوقت بات قليلاً أمام القيادة السورية، لإنجاز الاصلاحات التي دعا لها السيد الرئيس بشار الأسد. يقولون أن الشعب السوري يدفع دماً مقابل انتظار هذه الاصلاحات. لماذا ـ بالفعل ـ هذا التأخر في إنجاز الاصلاحات التي تدعو لها القيادة؟
ج- أولاً ليس هناك تأخر، بالعكس، ما يجري في سورية من برنامج إصلاحي شامل سيتم خلال أقل من ستة أشهر وهو زمن قياسي إذا ما قارنا التحولات التي جرت في بلدان أخرى بما فيها روسيا الاتحادية، استغرق التحول سنوات. لذلك أنا أقول هذا زمن قياسي، ومن يريد الاصلاح أصبح هناك قوانين، هناك قانون للأحزاب يستطيع أن ينضوي في ظل هذا القانون، هناك انتخابات نيابية ستجري في شهر شباط / فبراير القادم، هناك انتخابات الإدارة المحلية، أيضاً هناك قانون الإعلام، وأخيراً شكلت لجنة لوضع دستور جديد للبلاد متطور وعصري، أيضاً خلال أيام سيصدر قرار جمهوري بتشكيل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشامل الذي يجب أن يعقد في غضون شهر. ما هي السرعة المطلوبة؟ هذه أمور مصيرية، امور ستحول سورية إلى وجه جديد من التعددية من الديموقراطية، تقدم نموذجاً للمنطقة يحتذى به. هل يعقل ان يتم "سلق" هذه الأمور بسرعة؟ الأمور هامة لأنها تريد رسم صورة جديدة لسورية، ولذلك نحن استعنا بخبرات واستعنا بقانونيين للاستفادة من هذه الخبرات في سن مثل هذه القوانين. من هنا أقول أن القيادة لم تتأخر والجدول الزمني الذي حدده السيد الرئيس جدول مختصر، خلال أقل من ستة أشهر سيتم إنجاز كل هذه الاصلاحات. ولذلك مع الأسف أسأل إذا كانت المعارضة فعلاً حريصة على البلد وعلى سورية فيجب أن تتعامل إيجابياً مع هذه المواضيع، وأن تكون جزءاً منها ومن الحوار الوطني لكي تشارك في رسم صورة سورية المستقبل. أما موضوع الدم، اتساءل، هل هناك نظام في العالم يقتل مواطنيه؟ أم من واجب هذا النظام أن يحمي مواطنيه من الإرهاب؟ ما نواجهه هو جماعات إرهابية مسلحة، لا علاقة لها بالإصلاح، وليس في جدول أعمالها الاصلاح، هذه الجماعات الإرهابية تمول وتسلح من الخارج، وكل يوم يطالعنا التلفزيون السوري بضبط كميات من الأسلحة المهربة، وبضبط أشخاص يقومون بأعمال إرهابية، ما هي اهدافهم؟ فقط مقابل حفنة من المال. لذلك يجب أن نميز هنا بين المعارضة الوطنية التي لديها أفكار وتوجهات سياسية واقتصادية وبين هؤلاء المسلحين.
س- معالي الوزير، هل لك ان توضح لنا ما هي التيارات التي تنتمي إليها هذه الجماعات المسلحة، وما هي التيارات التي تقوم بدعمها بشكل مباشر؟
ج- أولاً نحن من خلال ما ضبط من قبل أجهزة الأمن وجدنا عناصر من القاعدة تسللت من العراق وجدنا بعض السلفيين وبعض المنتمين إلى تنظيم الأخوان المسلمين، وهناك تمويل لهؤلاء من مصدرين، مصدر من جمعيات إسلامية متواجدة في الوطن العربي وبخاصة في بلدان الخليج وأوروبا، ومصدر آخر من المهربين، مهربي السلاح والمخدرات.
س- معالي الوزير لو عدنا إلى مواقف الغرب والولايات المتحدة الموجهة ضد سورية، هناك تصريحات مستمرة بأن قوى الأمن لا تزال تستخدم القوة لمواجهة المتظاهرين، نحن من خلال جولاتنا بالفعل شاهدنا هناك انتشارقوى الامن في بعض المدن السورية وحول مدينة حمص لا تزال بعض المدرعات. ما السبب وراء هذا الكم من الجنود للانتشار في محيط بعض المدن خاصة مدينة حمص؟
ج- أولاً الغرب يدعي الحرص على حقوق الإنسان السوري، وهو الذي فرض عقوبات اقتصادية تضر بمصلحة الانسان السوري، هذا إذاً تناقض فاضح في توجه الغرب تجاه سورية، الغرب لديه مخطط، هذا المخطط أصبح واضح المعالم، استهدف في البداية إضعاف النظام ثم تحول إلى إسقاط النظام. لماذا؟ لأنهم يريدون إسقاط دور سورية في المنطقة وقرارها المستقل. هذا الغرب وجد أن العقوبات الاقتصادية هي الطريق لإسقاط النظام، من هنا أقول علينا مواجهة هذا المخطط. ثانياً لم تستخدم الدبابات السورية طيلة سبعة أشهر بل كانت في البداية تستخدم لحماية الجنود في داخلها، ولغاية الآن لم يستخدم مدفع دبابة واحدة في هذه الأحداث، لكن من الطبيعي هل هناك نظام في العالم يقبل أن يكون في داخله مجموعات إرهابية مسلحة، ممولة ومسلحة من الخارج، تعبث بأمن المواطن ومؤسساته ومدارسه؟ بالأمس قتل ثلاثة أطفال من عائلة واحدة أحداها لا تتجاوز 17 شهراً. هل هذا هو الاصلاح، أم أنه إرهاب؟ لذلك أنا أقول لك، واعترف أن هناك انتشار أمني في المناطق التي يتواجد فيها هؤلاء المسلحون.
س- معالي الوزير، المعارضة في سورية تقول أن الفيتو الروسي جاء دعماً لمواقف القيادة السورية، وأنتم تقولون أنه خطوة لمنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسورية. في الواقع وكما تعلم كان هناك مشروع قرار روسي قدم إلى مجلس الأمن ولا يزال حيوياً، في حال وافقت الدول الغربية على المشروع الروسي، ما هي الخطوات اللاحقة التي يمكن أن تتخذها سورية؟
ج- نحن أولاً لا نتوقع أن يوافق الغرب على مشروع القرار الروسي. ثانياً الفيتو لم يأت فقط لمصلحة سورية، الفيتو أعطى لسورية فسحة من الوقت لكي تنفذ برنامج الاصلاحات، وروسيا أكثر دولة تضغط وتطالب القيادة السورية بإنجاز الاصلاحات وبإنجاز الحوار الشامل. نحن لم نستغل الفيتو الروسي بل استفدنا منه لإنجاز تلك الاصلاحات دون ضغوط خارجية، إذا هناك مبدأ نتفق فيه مع روسيا هو رفض التدخل الخارجي، ورفض تدويل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية لأنها تضر بمصالح المواطن السوري. من هنا أقول أن الروس يضغطون خلال مشاوراتنا معهم اكثر من غيرهم لتنفيذ برنامج الاصلاحات والحوار الشامل. ثالثاً الفيتو الروسي أعاد الحياة لمجلس الامن من خلال التوازن الذي أوجده على الساحة الدولية في منع انفراد الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وهذا مبدأ هام. انظر عندما انفردوا بليبيا ماذا فعلوا، عندما انفردوا بالعراق، بأفغانستان ماذا فعلوا. هم في الواقع في منطقتنا تحديداً لم يتمتعوا بسياسة مستقلة ولا تخدم مصالحهم، هم ينفذون ما تطلبه منهم إسرائيل ـ بصراحة ـ وأنا خدمت في الولايات المتحدة لمدة 10 سنوات وأعلم هذه الحقيقة.
س- معالي الوزير، في ظل العقوبات الحالية التي شددت على سورية، لا شك أنكم اتخذتم خطوات إضافية للتخفيف من حدة هذه العقوبات. كيف تقيمون الدور الروسي وهل من خطوات لاحقة ستتخذ مع موسكو لتجاوز العقوبات الحالية؟
ج- الغرب فرض عقوبات اقتصادية، يعني الاتحاد الأوروبي اليابان الولايات المتحدة، فرضت عقوبات تؤثر في تنميتنا الاقتصادية وتؤثر في حياة المواطن. لأنه وجد أن هذه العقوبات هي التي ستؤدي إلى إسقاط النظام، من الطبيعي أن نلجأ في سورية إلى الاعتماد على إمكانياتنا الذاتية وأؤكد لك أن هناك وفرة في المخزون الاحتياطي الاستراتيجي تكفي لأكثر من عام من المواد الأساسية التي يحتاج إليها المواطن، بدءاً من القمح. النقطة الثانية لا بد أن نعتمد على تعميق علاقاتنا الاقتصادية مع بلدان تنهج سياسات مستقلة وليست جزءاً من هذا المخطط الغربي، مثل روسيا، مثل الهند، مثل ماليزيا والصين، هناك دول لديها اقتصاديات متطورة وحققت إنجازات هائلة في مجال العلم والتكنولوجيا. هذه الدول سوف نعمق علاقاتنا الاقتصادية معها. من خلال هذين الأمرين، إمكانياتنا الذاتية وتعميق علاقاتنا مع الدول الصديقة، أعتقد أن بمقدورنا تجاوز هذا الوضع.
س- معالي الوزير كما ورد في وسائل الإعلام أن دمشق تنوي التعاون في الجانب المصرفي مع موسكو للتخفيف من حدة العقوبات، كذلك دمشق تدعو الشركات الروسية في مجال النفط والغاز وسكك الحديد لرفع مستوى تعاونها. هل هذا الأمر يدرس بشكل موسع في الوقت الراهن؟
ج- عندما نقول العلاقات الاقتصادية فهي تشمل كل النواحي، أنا لا اعلم ما هي المجالات تحديداً لكن القرار الاستراتيجي السوري هو تعميق العلاقات مع موسكو في مختلف المجالات، بدءاً من شراء طائرات تجارية.
س- معالي الوزير لو ذهبنا إلى ملف آخر وهو استقبال سورية للمعتقلين الذين تم الافراج عنهم ـ الفلسطينيين ـ ما هي الأسس التي وافقت دمشق عليها، ومن المعروف أن هناك ضغوطات غربية أخرى لتواجد قيادة حماس في سورية وجاءت هذه الخطوة لتشدد من اللغة الغربية تجاه سورية. هل هناك أسس محددة تم الحديث عنها عندما استقبلتم المفرج عنهم من السجون الاسرائيلية؟
ج- أولاً يجب أن يكون معلوماً أن هناك ارتباط عضوي بين سورية والقضية الفلسطينية، ونحن خسرنا الجولان من أجل فلسطين، فلا يمكن فصم هذه العلاقة الوطيدة بين سورية وقضية فلسطين، سواء من خلال دعمنا لفصائل المقاومة أو من خلال تحركنا على الساحة الاقليمية والدولية ولذلك لا يحتاج الأمر إلى أسس، هذا الشيء الطبيعي. بالنسبة لكل سوري قضية فلسطين هي قضية محورية، تحرير الأرض، تحرير الجولان هي قضية محورية وتحتل الأولوية في توجهاتنا السياسية.
س- معالي الوزير، البعض يقول أن هناك أوجه تشابه بين شخصية السيد الرئيس بشار الأسد مع شخصية بوتن، هل لك أن توافق على هذا الأمر؟
ج- أنا أعتقد ذلك، أنا التقيت مع الرئيس بوتن في 2006، وكذلك التقينا مع الرئيس مدفيديف بعد أحداث جورجيا، ولمست أن هناك ترابط كيميائي بين الرئيس بشار الأسد، والرئيسين مدفيديف وبوتن. فكلاهما يتمتع بحيوية وبقدرة على فهم التحولات الدولية بسرعة واتخاذ القرار المناسب بصددها. لذلك أنا أجيب نعم هناك تشابه.