اوباما يعتمد على جذوره لاستمالة الاوروبيين والناخبين
خلال رحلته الاوروبية التي استمرت اسبوعا استغل الرئيس الاميركي باراك اوباما قصة حياته لاستمالة القارة التي يشعر البعض انه اهملها في الوقت الذي سعى فيه للتواصل مع دوائر انتخابية مهمة على الصعيد السياسي في الولايات المتحدة.
من ايرلندا إلى بريطانيا وبولندا اكتشف اوباما الذي ولد لاب كيني وام من كانساس جذوره الاوروبية واستغلها ليبهر حشودا غفيرة من مواطني دول اجنبية والتقاط صور قد تظهر في اعلانات حملته الانتخابية في العام المقبل.
وقال امام حشد يضم نحو 25 ألف شخص في دبلن بعد ساعات من زيارته البلدة التي عاش فيها جده الاكبر "اسمي باراك اوباما - من عائلة اوباما من مونيجال - وقد جئت لمسقط رأسي لاجد الفاصلة التي فقدناها مع الايام" مازحا بشأن طريقة كتابة اسمه في ايرلندا حيث تضاف فاصلة لا تظهر في كتابة الاسم في الولايات المتحدة.
واحب الحشد كلماته واستمرت الاشارات لاصوله في محطته التالية في لندن. وقال للملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا "احمل تحيات حارة من عشرات الملايين من الاميركيين يزعمون ان لهم اصولا بريطانية وانا احدهم من خلال عائلة والدتي".
وفي وارسو تحدث عن مدينته شيكاغو ليقيم رابطة مع واحدة من ابرز الجماعات العرقية في المدينة.
وقال في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك "اذا عشت في شيكاغو ولم تصبح بولنديا ولو قليلا فان ثمة خطأ بك ؟"
والنتيجة ان أول رئيس اميركي اسود اقام صلة شخصية بثلات من الدول الاوروبية الاربع التي زارها ليدعم صورته في الدول الاوروبية بعدما ركز على آسيا في السنوات الأولى لادارته مما اثار قلقا من تحول هائل في الاهتمام الاميركي صوب الشرق.
وقالت خبيرة الشؤون الاوروبية من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن هيذر كونلي ان الزيارة اظهرت ان اوباما مد يديه "لمجتمع الاطلسي" في الغرب وفي منطقة اسيا والمحيط الهادي في الشرق في ذات الوقت.
وقالت: "الزيارة انجزت المهمة. يبين بكل تأكيد ان قصته هو شخصيا تمتد في كلا الاتجاهين". وربما يكون هذا الانجاز الرئيسي لرحلة حفلت بالصور دون مضمون يذكر.
في فرنسا الدولة الوحيدة التي لم يزعم ان ثمة جذورا عائلية او صلات ثقافية تربطه بها التقى اوباما مع قادة الدول الصناعية الاعضاء في مجموعة الثماني وتبنت جميعها موقفا موحدا بشأن ضرورة رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي. لكنه انجاز محدود على مستوى السياسة الخارجية لرحلة استغرفت ستة أيام وطغى عليها كثيرا الطابع الاحتفالي.
كما عزز اطراء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للعملية الاميركية الناجحة التي اسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قوة اوباما السياسية على صعيد الامن القومي. وفي ظل منافسة محتملة من منافسين جمهوريين لترسيخ مؤهلاتهم الرئاسية ساعدت الرحلة في ان يبدو اوباما مترفعا عن الصراع السياسي المحلي.
كما ان الصور التي ترسخت في اذهان عشرات الملايين من الاميركيين من أصول ايرلندية ومواطنين اميركيين من اصول بريطانية وبولندية كانت ميزة. وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لاري ساباتو "حصل مستشارو الرئيس السياسيون على بعض لقطات الفيديو الممتازة لاستخدامها في الاعلانات التلفزيونية لعام 2012. كانت زيارة ايرلندا فرصة ذهبية لملايين ترجع جذورهم لاصول ايرلندية. يمكن إعادة استغلال المشاهدة الجذابة مع العائلة الملكية".
ولم تحقق الزيارة نجاحا تاما على مستوى الصور. اذ هيمنت اخبار اعاصير فتاكة ضربت وسط الغرب الاميركي على التغطية الاخبارية المحلية بينما كان اوباما بعيدا عن المشهد. ويقول بعض المحللين ان كثيرين من الاميركيين لم يدركوا غيابه.
وادرك البيت الابيض المشكلة وفي اللحظة الاخيرة حدد موعدا لبيان يبثه التلفزيون تحدث فيه اوباما عن الاعاصير صباح يوم الثلاثاء الماضي من لندن واعلن فيه عزمه زيارة المنطقة المنكوبة اليوم الاحد.
وبعد وقت قصير من توجيه الكلمة توجه لتمضية اليوم في قصر بكنغهام.
ويظل انه في الوقت الذي تنتاب فيه المخاوف الاميركيين ومستشاري اوباما السياسيين بشأن حالة الاقتصاد الامريكي فثمة إشادة بالرئيس لافساحه المجال للتركيز على السياسة الخارجية كما هو الحال في التضامن مع انتفاضات من اجل الديمقراطية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا والتي هيمنت على المحادثات التي اجرها في كل دولة زارها.
وقال اوباما في بولندا "حتى في الوقت الذي امضي فيه اغلب ساعات يومي في التفكير بشأن اقتصادنا وكيف اعيد الافراد للعمل...؟ اريد ان يدرك الاميركيون ان علينا ان نفسح مجالا لانفسنا لنواصل ترسيخ تقليدنا الخاص بقيادة العالم في مجال الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان".
A F P