بل هي ثورة

ديانا جبور. بلدنا
أثلج صدري وهدّأ روعي الحضور الرسمي المتميّز لحفل السفارة المصرية في الذكرى الأولى لثورة يناير، ما يؤطّر الأصوات الناعقة والمسفّهة للثورة المصرية في حدود الآراء الفردية والاجتهادات الشخصية.
لقد أثار ريبتي تدفّق التقييمات السلبية عن الثورة المصرية، والنظر إليها كما لو أنّها صناعة إسرائيلية، وفي أحسن الأحوال أمريكية بأيدٍ مصرية، بما يوحي بأن أصحاب الرأي يحذرون أيّاً من المعارضة السورية أن يقيس ما يجري محلياً على نموذج توهّموا أنه إيجابي، ما قد يجمّل الاحتذاء به، مع أنه شر مستطير.
أن يكون هناك موقف مضاد ممّا يجري على الساحة السورية لا يبرّر جرم تزوير الثورة المصرية وجناية تسفيهها، إنها ثورة لكنّها لم تنجز بعد مهامها النهائية؛ بل هي مستمرة، ومازال أمامها مراحل ووظائف جسام للتحقيق والتصويب؛ ثورة تدعو إلى التفاؤل حتى لو اختطفها في منتصف الطريق التيار الأصولي، وحتى لو قصرت في هذه اللحظة عن إتمام صورتها المثالية.
لم يصعد الإخوان فقط؛ بل نافسهم السلفيون، ما أثار حرقة الكثير من العلمانيين (وأنا منهم) لكن ماذا لو تأخّر هذا الاستحقاق الديمقراطي أكثر؟ ألن تكتسح المشهد التيارات الأكثر تشدداً بما يتناسب طرداً مع حالة الاحتقان والجوع إلى التعبير عن رفض القوى السياسية القائمة؟
وبعد، هل يمكننا الحصول على الديمقراطية دون أثمانها، وهي مؤلمة أحياناً؟
سال حبر كثير لقراءة وتحليل الموقف المهادن للإخوان من اتفاقيات الصلح، على أنّه عربون الصعود واستلام السلطة، وهذا تحليل وجيه، لكنهم، أيّاً كان الدرك الذي سيصل إليه استخذاؤهم، سيظلّون محافظين على بقايا عنفوان وطنيّ يحاسبهم عليه الناخبون، ومن ثمّ، وبمقياس الأرباح والخسائر، هل يستطيع أحد الجزم بأنّ مصر قبل الثورة كانت مصدر قلق لأيّ من أعداء العرب والعروبة، وأنها صارت بعد الثورة وسادة طمأنينة لهؤلاء الأعداء؟
ألم يتعلّم شباب الثورة المصرية أنّ عليهم ألا يهنوا وألا يضعفوا، فتنادوا في الأمس إلى جمعة الغضب؟
الأغرب في موجة الانتقاد السابقة أنّها لا تأخذ في الاعتبار أننا لا نحتاج، كسوريين، إلى خصومات جديدة وأعداء صاعدين.