" ثورة سورية " أم ثورة بعض السوريين ؟

 
 
سقطت المادة الثامنة ومعها سقط الحزب القائد للثورة والشعب والدولة عن عرش الدستور، ومن سيحل في عرش الحكم في المستقبل سيصل إلى  مكانته بموجب  التصويت الشعبي  الذي ينبغي لمستقبل سورية الديمقراطية أن يستند عليه إن طبقت السلطة نص الدستور كما وعدت ، وكما  صوت الناس عليه،  ولم تجتهد به وفيه كما يتخوف المعارضون الشرفاء منهم والعملاء.
 
ولكن بالتزامن  سقطت الثورة على يد القائمين بها لأنهم وإن كانوا شجعانا في ساحات القتال أحيانا إلا أنهم بدو جبناء جدا  أمام تحدي صندوق الإقتراع . فبعد الإستفتاء سيكون هناك تصويت في إنتخابات نيابية حرة وتعددية وبعدها ربما تكون إنتخابات رئاسية تعددية ، فكيف يخشى الديمقراطية من طالب  بها ، وهل يخجل من المطالبة بمراقبين دوليين للإنتخابات من طالب بإحتلال الناتو لبلاده بوصفه واجبا دينيا ؟
 
وحدهم الثوار – وهم بعض من  السوريين وأقلية من بينهم  – سيدفعون ثمن عنادهم المستند على تحريض جعل من عسكرة الثورة طريقا لهستيريا اصابت انصارها، فكيف يتخلف عن الإحتفال بالنصر (إسقاط النظام القديم القائم على احادية الحزب الحاكم ) من سعى إليه؟
 
وهل كان المطلوب والهدف إشعال سورية ودب الفوضى في أرجائها أم إسقاط المادة الثامنة وتحقيق إصلاحات تؤدي إلى قيام نظام جديد تعددي ومدني يضمن حقوق المواطنين ويضمن ايضا حقوق المسؤولين بعد إنتهاء ولايتهم .
 
" ثوار بعض من الشعب السوري "  أصابتهم سكرة الدعم العربي والغربي المالي والسياسي والإعلامي والعسكري بلوثة الغرور المعاند فضاعت الفكرة التي من أجلها أصلا قامت الثورة.
 من يعرف كيف يتظاهر كيف ينسى كيف يحاور؟ 
 
 ومن يخشى تزوير الإنتخابات القادمة كيف لا يخشى تزوير الناتو لأهداف تدخله ؟
وكيف لا يخشى غدر مملكات ومشيخات باعت فلسطين والعراق ولبنان وتود لو تحصل على سورية لتبيعها ؟ .
 
 ليست ثورة هي التظاهرات بلا سياسة ، ولا ثورة هي الثورة التي تقمع من يخالفها في مناطق سيطرتها ، ولا ثورة بلا حرية وأول الحرية أن تتحرر الثورة من مؤثرات خارجية لدول لا ترى في الثورة ولا في الثوار طُهر النضال بل نجاسة المصالح – مصالحها، فكيف وقد غاب الثوار الأولون وسرق منهم ثورتهم مسلحون مدججون لا بالأفكار بل  بقوة السلاح.
 
 مسلحون  لا يملكون قوة إقناع سوى روسية من طراز أم كي 47 (ويقال أم 18 أميركية)
النظام الذي يعتقد ملوك العرب وشيوخ النفط  أنه يترنح عاد وإنتصب بقوة الإستفتاء الذي بدا عاريا في صحته وبلا رتوش ولم يكن من حاجة للمشاركين فيه لتضخيم  عددهم،  فكل من شارك عرف أنه لم يكن وحيدا بل فردا من آلاف جمعوا من كل المراكز ملايينهم السبعة .
 
فاز الشعب وسقطت الثورة – ثورة بعض السوريين – وسقط النظام القديم ومنح السوريون ثقتهم مجددا لإصلاحات جذرية يريدون أن يحققها من يعرفونه وهو نفسه الذي جعل من فرصة الأزمة طريقا للحل والتقدم ، وهو الذي يتحدث إليهم وفي يديه إنجاز الأمان الذي أفقدهم الثوار مجده ومتعته  ، و بدلا عن تسليم أمرهم ومستقبلهم لمجهولين لم يحفظوا من وجوه قادتهم إلا قسمات وجه حمد بن جاسم  ، أعطى السوريون فرصة للنظام القائم لكي يجدد نفسه ومعه ليجدد وجه سورية السياسي .
بالأمس عرف كل من شارك في الإستفتاء وعرف كل من راقبه بنزاهة أن  الشعب السوري يثق بالرئيس بشار الأسد لتجاوز هذه المحنة. هو رئيس كان حاكما مطلقا أو يكاد ولكن كانت  لديه شجاعة  الحوار مع المتظاهرين والناقمين والحاقدين وحتى مع بعض المقربين من المسلحين، وهو رئيس وجد الناس عنده شجاعة وضع حد لسنوات حكم بلا حد.
 
قبل الأزمة كان الرئيس الأسد حاكما للبلد وأما بعد هستيريا السلاح وبعد العقوبات الظالمة للشعب لا للدولة فقط فقد وجدت أغلبية النصف ونيف من الشعب السوري فيه رمزا للعبور إلى الزمن الآتي بسلام ودون حرب أهلية . كان حاكما فأصبح رئيسا إنقاذيا تقف خلفه    أغلبية ديمقراطية (فوق الخمسين بالمئة وليس مهما الرقم حين يتجاوز النصف زائد واحد من المشاركين في الإستفتاء)  تقول له :
نريد ديمقراطية وحرية وتعددية معك لا بدونك وعلى يدك لا على يد مجهولين .
  كسب  الحكم جولة داخلية حاسمة  ستسمح له بتجديد نفسه وبإعادة صياغة نظام الحكم في بلد يحتاج بشدة إلى مؤسسات تستمر في الحكم ولو تبدل الأشخاص والأحزاب لكن  تبقى ثوابتها وجذورها ومصالحها مصانة ولا يعبث بها مستخف أميركي  أو مغرور قطري  أومستبد سعودي.
 
شارك من شارك في الإستفتاء  وفي عقله أسئلة متعددة  ولكن أهمها :  " هل أنا مع الحرب الأهلية في سورية أم ضدها وهل أنا مع الإحتلال الأجنبي لسورية أم ضده ؟