TIME : طلب فلسطين العضوية في الامم المتحدة يتعرض للبلقنة

الرئيس محمود عباس في سراييفو مع اعضاء مجلس رئاسة البوسنة والهرسك

 

كتب كارل فيك في مجلة "تايم" الاميركية مقالاً عن سعي الفلسطينيين الى ضمان تأمين موافقة دولة تاسعة عضو في مجلس الامن بالتصويت الى جانب مطلبهم العضوية الكاملة في الامم المتحدة عبر المجلس وما سيعنيه نجاحهم في ذلك – اذا نجحوا - بالنسبة الى الولايات المتحدة التي كانت قد هددت باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد الطلب الفلسطيني. وهنا نص المقال:

"الجميع يتحدث عن استخدام الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الامن لتعطيل الطلب الفلسطيني لعضوية الامم المتحدة، ولكن هناك حساباً آخر يحرك اشد المساعي الدبلوماسية حرارة حول هذا الطلب: اذا لم يحصل الطلب الفلسطيني على تسعة اصوات من اعضاء آخرين في مجلس الأمن، فإن واشنطن لن تضطر الى استخدام الفيتو، ما سيجنب ادارة اوباما تحمل المسؤولية الوحيدة والسافرة عن قهر حلم الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير في السنة نفسها التي يحتفي فيها اوباما بالربيع العربي.

وهكذا وجدنا محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطنية، قبل بضعة ايام في بوغوتا، العاصمة الجبلية لكولومبيا التي هي بلد له صوت مرجح في المجلس. ولكن من الذي ظهر يوم الخميس في ساراييفو، العاصمة الجبلية للبوسنة والهرسك التي هي أيضا دولة لها مقعد ذو اهمية محورية في مجلس الأمن الدولي، ولم تقرر موقفها رسميا بعد؟ لم يكن الشخص الذي ظهر هناك سوى أفيغدور ليبرمان وزير خارجية اسرائيل.

إن من شأن التصويت بـ "نعم" من جانب أي منهما أن يضع فلسطين على الخريطة، أو يضع واشنطن على الأقل في وضع حرج. وتعتبر رام الله ان ثمانية من الأصوات في المجلس حتى الآن مضمونة في جيبها: جنوب أفريقيا، والهند، والبرازيل، ولبنان، والصين، وروسيا، ونيجيريا والغابون. ويعتقد ان أفضل رهان لها على صوت تاسع سيكون من بين البرتغال، وكولومبيا، والبوسنة والهرسك التي هي إحدى دول البلقان ذات السيادة التي برزت من تفجير ذلك البلد المتبقي من حقبة الحرب الباردة والمسمى يوغوسلافيا. اما موقف البرتغال فغامض نوعا ما، إذ أن صنع القرارات فيها يغلفه، أو يخفيه قناع جهاز السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وتعتبر كولومبيا صعبة المنال جدا بالنسبة إلى الفلسطينيين بالنظر إلى بلايين الدولارات التي ابتلعتها بوغوتا في شكل مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي.

وماذا عن البوسنة والهرسك؟ إن سياسات هذا البلد المطابقة لاسمها المركب معقدة حتى بالنسبة إلى منطقة البلقان. ذلك ان لها ثلاثة رؤساء: واحد لكل فئة عرقية من السكان. ويقف الرئيس البوسني الممثل للسكان المسلمين مؤيدا تأييدا تاما للطلب الفلسطيني. أما الرئيس البوسني الذي يمثل السكان الصرب فيقف بقوة ضد الطلب. ولكن ماذا عن الرئيس البوسني الذي يمثل السكان الكروات؟ لقد أصدر البيان الآتي: "إن رئاسة البوسنة – الهرسك ليس لها رأي واحد في هذه القضية، فيما ينبغي اتخاذ مثل هذه القرارات بالتوافق". وبعبارة أخرى فإن الكرواتي محشور في الوسط.

لدى كل من الجانبين أوراق يمكنه أن يلعبها. وقد سارعت السلطة الفلسطينة إلى الاعتراف بالبوسنة دولةً مستقلة عندما انفصلت عن يوغوسلافيا عام 1992. ومنذ ذلك الحين اغدقت الدول الاسلامية الأموال على الدولة الناشئة. ولهذه الأمور أهميتها، وإن لم تكن قد اثيرت خلال الزيارة التي قام بها عباس إلى سراييفو في آب (أغسطس)، فإن وزير خارجيته رياض المالكي يمكن ان يكون قد انعش ذاكرة مضيفيه عندما وصل يوم الجمعة، اي بعد يوم من مغادرة ليبرمان.

من جهة اخرى، يلاحظ أن ليبرمان قضى هذه السنة إجازة لمدة أسبوع في بانيا لوكا في جمهورية الصرب واعداً باستثمارات اسرائيلية، ومستكشفاً، بصفته من مواليد دولة مولدوفا التي كانت من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا، أي أرضية مشتركةيمكن العثور عليها مع الصرب الذين حظوا خلال حروب البلقان بتعاطف روسيا السلافية على الأقل.

ولكن القلق الحقيقي بالنسبة إلى الصرب يتعلق بكوسوفو، الجمهورية المنفصلة التي يقطنها مسلمون ألبان عرقيا قامت طائرات حلف شمال الأطلسي في 1999 بدعم حربهم للاستقلال عن بلغراد دعما حاسما. ومنذ ذلك الحين اتجهت كوسوفو تدريجيا نحو الاستقلال لكنها لم تتمكن من اكتساب العضوية في الأمم المتحدة. (مشكلة كوسوفو في مجلس الأمن هي روسيا التي تملك حق النقض بصفتها عضوا دائما). ويخشى صرب البوسنة من أن التأييد للطلب الفلسطيني من شأنه أن يعزز جهود كوسوفو. والسؤال الآن هو ما اذا كان التضامن الصربي بشأن كوسوفو سيحكم الموقف النهائي للرئيس البوسني الصربي نيبويسا رادمانوفيتش أو ما إذا كان موقفه سيصبح أقل تشددا نتيجة مصدر قلق بلقاني آخر اقل بروزا.

ولكن ربما يتجه الجميع نحو لشبونة.