TIME : هل تنجح الاحتجاجات اللاعنفية- قصة مسيرتين فلسطينيتين

 

نشرت مجلة "تايم" الاميركية على موقعها الالكتروني مقالا بعث به مراسلها كارل فيك من مخيم قلنديا بالضفة الغربية، يقارن فيه بين مسيرتين فلسطينيتين في ذكرى حرب 1967، جاء فيه ان الذكرى هي التي ادت الى احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، وحاول الفلسطينيون فيها ابراز مشاهد الربيع العربي بنتائج مختلفة.

 


فالصور التلفزيونية التي عرضت الاحد من قرية مجدل شمس في مرتفعات الجولان اظهرت على ما يبدو مدنيا فلسطينيا غير مسلح يهبط من التلة ليشارك في مسيرة سلمية في اتجاه الجنود الاسرائيليين الذين اتخذوا مواقف قتالية. وبعد ذلك انطلقت قرقعات الطلقات النارية، ونقلت جثث لطختها الدماء بعيدا نحو التلة. واستمر هذا الحال لعدة ساعات.

 


بالمقابل، فان مسيرة فلسطينية مماثلة قامت في اليوم ذاته عند اطراف مدينة القدس كان يمكن ربما كان مثالا لنجاح المسيرات غير العنيفة. فمع اقتراب الظهيرة، تجمع حوالي 100 من الفلسطينيين والمواطنين الاجانب التعاطفين معهم على الطريق الرئيس بين مخيم قلنديا للاجئين في الضفة الغربية والمدينة المقدسة، وبدأوا الاستعداد للتوجه الى الجدار الحاجز الاسمنتي حيث نقاط التفتيش العسكرية الاسرائيلية التي اقامها الاسرائيليون لمنع الدخول الى مدينة القدس. وقال محمد سلاميه (26) الذي جاء من مدنية الخليل "هدفنا؟ ازالة الجدار. ولدينا أمل كبير في ذلك".

 


ولا بد ان نكون منطقيين ما أمكن – على ضوء ما وقع في الاحداث الاخيرة. فاذا كان التجمع سلميا يوما بعد آخر، جعل بامكان الاف التونسيين والمصريين الاطاحة بالحكام الدكتاتوريين بقوة الغضب المعنوي. فقد يستخدم الفلسطينيون هذا التكتيك ضد الاحتلال العسكري الذي استمر لـ44 عاما. واخذين بعين الاعتبار حساسية اسرائيل تجاه الضغوط الدولية، فان هذه الحملات يمكن ان تجبر الاسرائيليين على تقديم تنازلات تجعل بالامكان اجراء مفاوضات سلام اكثر مصداقية على الاقل من جديد وربما تؤدي الى الانسحاب.

 


الا انه لا بد ان تكون سلمية. ولجوء المحتجين الى اي نوع من العنف يجعل العمل العسكري الاسرائيلي يبدو مبررا. وقالت فدوى تمازي "اذا قذف احدهم حجرا اليوم فانه من بينهم. ومتعامل. يعمل معهم لكي يظهر اننا غير قادرين على القيام بمظاهرات غير عنيفة". لكنها تستدرك فتقول "او ربما انهم اطفال صغار. وهذه هي الطريقة التي يعبر فيها هؤلاء عن مشاعرهم".

 


وهذا هو الحال بالنسبة لبضع عشرات من الاحتجاجات حيث تتردد شعارات في مسيرة على امتداد ثلاث او اربع مجموعات من المباني في طريقها الى مركز التفتيش لكنهم يتوقفون ثم يسيرون التزاما باشارات المرور. وبينا هم سائرون كان اصحاب الدكاكين يهرعون لادخال بضائعهم الى داخل محالهم واغلاق بواباتها الحديدية. ويقول احمد وهو يغلق على عجل محله لبيع المفروشات "انت ترى ما يحدث. فخلال عشر دقائق سيبدأون اطلاق النار ويضيع ما عندي من اثاث".

 


بعد خمس عشرة ثانية انطلق صوت اول قذيفة، وانطلقت قنابل غاز التدميع تعبر سماء الظهيرة. وقد سقطت احداها على سيارة شحن صغيرة التي وزعت الدخان في المنطقة اثناء انطلاقها على الطريق، كما لو كانت شاحنة تنثر ادوية مكافحة البعوض. وقالت لمى حوراني "كل هذا ولما تبدأ مسيرتنا بعد"، وقد اتخذت ملجأ لها في زقاق، وفيما بين فترات الهدوء اشارت الى شفتها التي اصابتها قنبلة غازية.

 


وقال صحفيون وشهود عيان ان القوات الاسرائيلية قامت باول اجراء، باطلاق قنابل غاز التدميع والقذائف الصوتية مع اقتراب اول المحتجين من مركز التفتيش. وبعد لحظات بدأ الشبان الفلسطينيون قذف الحجارة.

 


وفال سلاميه وهو يحاول البقاء بعيدا عن مدى قنابل التدميع "كان حدثا يتسم بعدم اللجوء الى العنف، وهو ما كنا نرغب فيه. وقد شاهدت ما حدث. وسابقى على هذا الحال الى ان يقرروا المغادرة، كالعادة".


وحاول فارس ديب، الطالب الجامعي ان يفلسف الموضوع وان بدا انه يؤمن بالقضاء والقدر، فقال "ان احضار الصغار المقلاع فان الامر طبيعي تماما. انه يريد ان يقاومهم. كانت امامنا فرصة كبيرة باتفاقات اوسلو لتأسيس دولة فلسطينية، الا ان شيئا لم يحدث منذ 93 حتى الان . وعلى العكس فان الامور تتجه نحو الاسوأ. فقد اقيم المزيد من المستوطنات، والسجناء لا يزالون وراء القضبان. وليس هناك امل من وراء سياسيينا. فما الذي يمكننا ان نفعله؟"