USA TODAY - انها قضية عاطفية

حرية الاديان من منظورنا : الصراع حول مسجد نيويورك يوتر الاجواء ويشعل الضغائن
يو اس ايه توداي
نرجمة سهير الذهبي
الجدل حول بناء مركز اسلامي يضم مسجدا بالقرب من "غراوند زيرو" حيث كان برجا مركز التجارة العالمي, ليس الا مثالا على سوء استخدام السياسة في بلادنا , فبالرغم كل الاهتمام الشعبي والاعلامي الذي حظي به هذا الموضوع , الا انه لم يتخذ حتى الان قرار وطني بشأنه ..
ونيويورك مثلها مثل اي مكان اخر في الولايات المتحدة تضع التشريعات بشأن كيفية الاستفادة من أراضيها, وحتى لو ارادت نيويورك ان توقف مشروع المسجد "وهي لم تفعل" فإن ايجاد طريقة قانونية لذلك هو امر صعب , فالقوانين الامريكية تمنع الحكومة من معاملة اي دين بطريقة مختلفة عن دين اخر.
وجهات نظر اخرى.... انها قضية عاطفية:
الجدال بين مؤيد ومعارض لبناء المركز الاسلامي اندلع مرة اخرى مؤخرا, بعد ان اقر الرئيس باراك اوباما حرية ممارسة الدين بالنسبة للمسلمين – وهو اعلان مماثل لاعلان سلفه بوش عقب احداث سبتمبر- الا ان اوباما عاد ليسحب كلامه, قائلا انه لم يكن يريد ان ياخذ جانب اي طرف في هذا النزاع الذي تشهده نيويورك.
وطبعا من الصحيح ان يعمل رئيس البلاد على حماية حرية الاديان, وان يبقى في الوقت نفسه خارج اي نزاعات محلية. ولكن مسألة بناء المسجد وسط تاييد كثيرين ومعارضة اكثر , استدعت تدخل اوباما ليعبر عن دعمه حق المسلمين في بناء مسجد ومركز ديني في مانهاتن قرب غراوند زيرو.
الجمهوريون المعارضون بشدة لبناء المسجد تحولت معارضتهم الى معاداة مسعورة للموضوع, ورغم دعمهم الشفهي لحرية الاديان الا انهم في الواقع لايقدمون اي حلول عملية في هذا الشأن.. وذهب بعضهم مثل نيوت غينغريتش الناطق السابق باسم الكونغرس الى حد اتهام الرئيس اوباما بالوقوف وراء انتشار التطرف الاسلامي في البلاد.
ويثير الامر برمته مخاوف كبيرة من تقويض سلام اجتماعي ملحوظ عاشه الامريكيون, على الرغم من التوترات والضغائن التي ظهرت في اعقاب احداث سبتمبر.. فخلال العقد الماضي تم بناء عشرات المساجد في البلاد, من دون اثارة اي ضجة او معارك حولها, وهناك الان حوالي الف وخمسمئة مسجد في امريكا مقارنة مع الف ومئتي مسجد كانت موجودة عام الفين, والجيران كانوا يعترضون احيانا فقط على الضجيج قرب المسجد او الزحام المروري الذي يستبب به المسلمون قرب مساجدهم.. ولكن الامر ليس بالغريب فهو يحدث عندما يحضر المسيحيون قداساتهم في كنائسهم .
اما في مسالة مسجد مانهاتن هذه فالامر بدأ يعكس حالة من الجهل والخوف لدى الامريكيين من غير المسملين, إذ يتخوف بعضهم مثلا من انه ومن خلال معدلات ولادات المسمين العالية, فإانهم وفي غضون العشرين سنة القادمة سيمثلون الاغلبية في امريكا .
من جهتهم يعتبر مسلمون امريكيون واكاديميون مختصون في الدين لاسلامي ان مشروع المركز الاسلامي بالقرب من غراوند زيرو في منهاتن حشد مشاعر الكراهية المكنونة ضد المسلمين واظهرها الى السطح .
ولم تفوت مجموعات صغيرة من خلال الكتب والصحافة والمدونات وكل وسائل التكنولوجيا المتاحة, لم تفوت فرصة لمعارضة المشروع .... وتقول انغريد ماتسون رئيسة الجمعية الاسلامية لشمال امريكا ان الامريكيين العاديين والذين ليست لديهم معلومات كافية عن الاسلام خائفون جدا ويعارضون بشدة الفكرة... , "انهم قلقون وعلينا ان نزودهم بالمعلومات عن الدين الاسلامي حتى يخف قلقهم" تقول ماتسون.
ان الناس تحتاج الى قائد يحمل رسالة واضحة ومحددة وغير غامضة .. لقد لعبها بوش بشكل صحيح بعد ستة ايام من احداث سبتمبر, عندما قال ان وجه الارهاب لايمثل الوجه الحقيقي للاسلام, موجها كلامه الى اولئك الذين هاجموا الاسلام بشدة في اعقاب الاحداث, مضيفا القول: "هذه ليست امريكا التي اعرفها".
من الممكن ان يخفف الذين يسعون الى بناء المسجد في مانهاتن من حدة الازمة ومن حساسية الموقف, اذا ما اختاروا موقعا لبناء مسجدهم غير غراوند زيرو, اما اذا اصروا على هذا الموقع المثير للجدل والمشاعر, فان مسجدهم سيتحول الى نقطة علام في تاريخ التزام الولايات المحدة بمسالة الحريات الدينية .
USA TODAY
17 – 8 – 2010