WASHINGTON POST :سجون القذافي السريّة في بنغازي تبث الذعر في نفوس الليبيين

 

حالة من الصدمة والرعب تهيمن على كثير من سكان مدينة بنغازي الليبية، وكذلك زائريها، بعد أن تم الكشف هناك عن متاهة سرية تحت الأرض لسجون كان يستعين بها نظام القذافي. ورغم نجاح الثوار هناك في إحراز تقدم كبير وتحقيقهم لنصر ملموس على حساب القوات الموالية للقذافي، إلا أنهم بدأوا يعربون عن تخوفهم من إمكانية أن تتراجع ثورتهم على جبهتين ومن أن يتم إبطالها.

وأشارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية امس إلى أن آلاف الليبيين بدأوا يصلون إلى هذا المعسكر الذي يعرف بمعسكر كتيبة الفضيل بوعمر، الذي كان يقيم به القذافي خلال زياراته لتلك المدينة الساحلية، وقد تم العثور هناك على ذلك السجن الذي يقع تحت الأرض. ورغم سقوط المعسكر في يد المتظاهرين الشبان، بعد أن تم نهب وإحراق مبانيه، إلا أن خوف المتمردين على مستقبل ثورتهم لا يزال يثير قلقهم.

وقالت الصحيفة إن تلك السجون التحتية لا تعتبر لكثير من زائريها تذكيراً مؤلماً بوحشية نظام القذافي فحسب، بل تبرز كذلك الذعر الذي بإمكان القذافي أن يلحقه بالمستقبل إذا نجحت قواته في الاستيلاء مجدداً على المدينة، التي تعتبر ثاني أكبر المدن الليبية.

ونقلت الصحيفة عن شخص يدعى عادل غنايبور (50 عاماً) قوله: "أشعر بعصبية. فانظروا إلى ما حدث في الزاوية ورأس لانوف (تقع الأولى في الغرب والثانية في الشرق ونجحت قوات القذافي في استعادة السيطرة عليهما خلال اليومين الماضيين )، في وقت نفقد فيه كثير من الأشخاص في كل مكان".

بينما قال شخص آخر يدعى البدري (62 عاماً)، بعد رفضه الكشف عن اسمه بالكامل خشية أن تستهدفه قوات القذافي إن أعادت إحكام قبضتها على المدينة: "أتوقع أي شيء من القذافي. فبمقدوره أن ينسف بنغازي، وأن يستخدم حتى أسلحة كيميائية. ما الذي تنتظره أميركا؟ حتى يتمكن القذافي من قتل جموع الشعب الليبي؟".

ومن بين جميع المدن التي تمردت على حكم القذافي، قالت الصحيفة إن معظم الليبيين يرون أن بنغازي هي التي ستتحمل الوطأة الكاملة لغضبه إن تمكن من البقاء في السلطة. فالثورة المستمرة على مدار 3 أسابيع الآن وُلِدت هناك، وقد نجحت في الوصول إلى أعتاب مركز سلطة القذافي في غرب ليبيا، بعد أن تمكن الثوار من فرض هيمنتهم لفترة وجيزة على الزاوية، التي تقع على بعد 30 كلم من العاصمة طرابلس. كما تعتبر بنغازي مقراً للمجلس الوطني الليبي الذي يسعى لاستبدال نظام القذافي.

وأوضحت الصحيفة أنه من الصعب تخيل فرض القذافي هيمنته من جديد على مدينة بنغازي، دون خوض معركة ستكون أكثر دموية من تلك الصدامات التي نشبت في الزاوية. وعن السجون السرية التي تم الكشف عنها داخل كتيبة الفضيل بوعمر، قالت الصحيفة إن لا أحد يعرف بالتأكيد عدد المساجين الذين اعتقلوا هناك. وإن أشارت إلى أن معظمهم كانوا بلا شك خصوماً للنظام، وأن آخرين قد تم احتجازهم لكونهم مسلمين ورعين، وكان ينظر إليهم القذافي على أنهم إرهابيون تابعون للقاعدة.

وفي الختام، نقلت واشنطن بوست عن مواطن يدعي أحمد (60 عاماً)، وقد أتى إلى تلك المنطقة التي عثر بداخلها على تلك السجون برفقة زوجته وابنتيه، قوله: "لم يكن يعرف أحد أن ذلك كان سجناً. إن هذا لأمر فظيع، فلم أكن أتوقع أن أرى ذلك يوماً ما. وأنا متأكد من أن كثيرين قد عُذِّبوا وقُتِلوا هنا".

في حين ندد أسامة شابشة (30 عاماً)، وهو عامل بإحدى شركات النفط، بعدم إقدام الولايات المتحدة وبقية دول العالم على مساعدة المتمردين الليبيين في الإطاحة بالقذافي والمساهمة في فتح عهد جديد من الديمقراطية في ليبيا.

وأوردت الصحيفة عنه، قوله: "هذه الدول لا تفعل أي شيء. فهم يكتفون بالخطابات، ونحن نريد أفعالاً لا أقوالاً. القذافي في آخر أيامه، لكننا ما زلنا بحاجة للمساعدة. وأرى أن أفضل شيء يمكنهم أن يقدموه لنا هو فرض منطقة حظر طيران، لأن ذلك سينشط مقاتلينا".