أبناء الجولان المحتل يحيون الذكرى التاسعة والعشرين لرفضهم الهوية الإسرائيلية

يحتفل أبناء الجولان السوري المحتل اليوم بالذكرى التاسعة العشرين لصدور ما يسمى "قانون الجولان" والذي يعرف بـ"يوم الضم" عند الجولانيين، حيث تصدى أبناء الجولان السوري المحتل في الرابع عشر من شباط 1982 لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي فرض قوانينه على مواطني الجولان، وسطروا سفراً خالداً في تاريخ النضال الوطني، وجولة نضالية على طريق تحرير الجولان المحتل، يوم وقف أهالي قرى الجولان وقفة رجل واحد رافضين قرار فرض القوانين الإسرائيلية عليهم، متمسكين بأرضهم وهويتهم العربية السورية مؤكدين صدق انتمائهم لوطنهم، ولم ترهبهم سياسة المحتل ولم تجبرهم على ترك الأرض أو الرضوخ لقوانينه وأوامره وصبروا وناضلوا متحدين الخوف والاعتقال والتعذيب وخاضوا معارك مشرفة توجت بانتفاضة الرابع عشر من شباط 1982، التي سطر فيها الأهل أروع الملاحم وأهم البطولات رافضين فرض القوانين الإسرائيلية على الجولان المحتل وفرض الهوية الإسرائيلية بالقوة على الجولانيين، ففي هذا اليوم سارع الأبطال إلى تمزيق الهوية الإسرائيلية ورميها تحت الأقدام مرددين «لا بديل عن الجنسية العربية السورية، ولن نتنازل عن هويتنا السورية، والمنية ولا الهوية الإسرائيلية».

 

في 14 كانون الأول 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي فيما يسمى بـ«قانون الجولان» فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على الجولان، وقد أبرز هذا القانون بشكل قاطع النيات والأهداف الصهيونية القائمة على الاستيطان والهيمنة ونهب خيرات الجولان، وقد استقبل أهل الجولان هذا القرار بالرفض التام والشامل، وإزاء إصرار «إسرائيل» على قرارها، أعلن مواطنو الجولان المحتل الإضراب العام والمفتوح في جميع المجالات والمرافق، واستمر هذا الإضراب أكثر من خمسة أشهر حاولت قوات الاحتلال بكل جبروتها تطبيق قوانينها المخالفة لكل الأعراف والتقاليد والقوانين والقيم الدولية والإنسانية، مستعملة مختلف الأساليب وأصناف الأسلحة ضد مواطني الجولان لإخضاعهم لمشيئة الاحتلال بعد فرضها التعتيم الإعلامي على ما يجري، وقامت بحملات اعتقال واسعة وقلع الأشجار من بساتين الفلاحين وتلويث مياه الشرب ومصادرة المواشي وفرض الغرامات الباهظة على السكان، ضاربة عرض الحائط بقرارات المجتمع الدولي الرافض للإجراءات والممارسات الإسرائيلية، وكان الجولان خلال فترة الإضراب منطقة عسكرية محاصرة ومعزولة تماما عن العالم، فمنع السكان من الخروج خارج قراهم ومنعت الصحافة أو أي شخص آخر من الدخول، أما أبرز مطالب أهالي الجولان من أجل وقف الإضراب العام المفتوح فكان إلغاء هذا القانون الإسرائيلي الجائر وإطلاق سراح المعتقلين والكفّ عن مضايقة السكان وعدم المس بالمصالح والممتلكات وإعادة الأراضي والأملاك المصادرة والسماح للسكان باستخدام مياههم ومعاملتهم حسب المواثيق الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة. ‏

 

وبالتزامن مع انتفاضة الأهل في الجولان أثمرت الدبلوماسية السورية لدى الأمم المتحدة، والتي عدت قرار فرض القوانين الإسرائيلية على الجولان ملغى، واستصدرت قراراً من مجلس الأمن الدولي عد محاولات الكنيست الإسرائيلي بفرض الهوية الإسرائيلية وضم الجولان إلى الكيان المحتل غير قانوني وغير شرعي وملغى. ‏

 

وأصدر مجلس الأمن الدولي في الشهر نفسه قراراً يدعو إسرائيل للتراجع عن قرارها الذي عده قراراً باطلاً ولا قيمة قانونية أو معنوية له، كما دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار وعدّته باطلاً وملغى قانونياً ومعنوياً، وأصدرت قرارها بذلك في الخامس من شهر شباط عام 1982. ‏

 

وأصدرت الجمعية العامة الكثير من القرارات التي تدين عدم امتثال إسرائيل للشرعية الدولية أبرزها القرار الذي أصدرته بعنوان الجولان السوري المحتل، وصوتت عليه 154 دولة ويتضمن رفض المنظمة الدولية للقرار الإسرائيلي مؤكدة على المبدأ الأساسي بعدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة وفقاً للميثاق الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ‏

ولذلك انطلقت في محافظة القنيطرة أمس فعاليات مهرجان أمل الجولان الرابع لذوي الاحتياجات الخاصة الذي أقامه المجلس الفرعي لشؤون المعوقين بالمحافظة بالتعاون مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تزامناً مع الذكرى التاسعة والعشرين لانتفاضة أهلنا في الجولان السوري المحتل وإعلانهم للإضراب المفتوح بمشاركة عدد من نجوم الفن والغناء في سورية.

 

وتضمن المهرجان الذي يقام تحت عنوان المقاومة خيارنا انتماؤنا هويتنا فيلما وثائقيا بعنوان القنيطرة المحررة يتناول موضوع المقاومة ورفض الأهل في الجولان السوري المحتل للهوية الإسرائيلية وإعلانهم الإضراب المفتوح عام 1982 إلى جانب النهضة الشاملة التي شهدتها المحافظة منذ التحرير حتى اليوم.

 

كما تضمن المهرجان عرض مسرحية لذوي الاحتياجات الخاصة جسدت معاناة أبناء الجولان المصابين بإعاقات مختلفة جراء الألغام التي خلفتها قوات الاحتلال الإسرائيلية في القنيطرة قبل انسحابها منها مرغمة عام 1974 .

 

وتخلل المهرجان لوحات فنية وبانوراما غنائية وطنية لفرقتي حنين وأمل الجولان شارك فيها نجوم الفن إضافة إلى افتتاح معرض للأشغال اليدوية لذوي الاحتياجات الخاصة ومسابقات رياضية منوعة وتكريم نجوم مسلسل وراء الشمس والمعوقين الذين حصلوا على مراكز متقدمة في الأولمبياد الخاص.

 

كما قام المحافظ وعدد من الفنانين بزيارات لجمعيات رعاية المكفوفين والمعاقين جسدياً والمصابين بالألغام تخللها تقديم هدايا وإعانات شملت 40 كرسيا متحركا للمعوقين وسماعات طبية.

 

ودعا الدكتور رياض حجاب محافظ القنيطرة إلى تعزيز عملية الدمج الاجتماعي لهذه الشريحة وتحفيز القدرات الكامنة لدى افرادها مؤكدا ان رعاية المعوقين ودمجهم مسؤولية اجتماعية يجب على الجميع المشاركة فيها.

 

وأشار الدكتور حجاب إلى القيم والمعاني الوطنية التي جسدتها انتفاضة أهلنا في الجولان ضد ممارسات الاحتلال التعسفية وما قدموه من تضحيات على مذبح الحرية من شهداء وأسرى مازالوا صامدين في زنازين الاحتلال لتمسكهم بالهوية السورية وتشبثهم بالأرض لافتاً إلى دلالات ومعاني المهرجان الوطنية والاجتماعية والإنسانية.

 

حضر المهرجان الدكتور إبراهيم العلي رئيس اللجنة الفرعية المؤقتة لحزب البعث في القنيطرة وكافة الفعاليات الرسمية والشعبية في المحافظة.

 

 

شام نيوز