أبي عريس... هل تقبل بزواج والدك؟؟

ليس بالسؤال الصعب أو الغامض.. وكلنا معرضون لأن نكون يوماً ما أحد المدعويين لحفلة خاصة جداً ولرجل خاص جداً كان ومازال يدعى "رب الأسرة".

 

ولنتحسس جميعاً رؤوسنا فلاوجود لريشة زائدة عليها وكلنا سواسية خاصة وأننا أصبحنا في زمن المادة والأنا وماعادات القيم الجماعية تعنينا إذا مالامست مصالحنا الشخصية والرجل العجوز الذي يدعى /عمّ/ أو المرأة العجوز التي تدعى /حماية وال نحن ماعادوا كما كانوا في السابق أحد أركان أو أعمدة الأسرة. فعندما تغلق الأبواب وتنتهي زحمة الأعياد سيعود كل منا إلى بيته وحياته/أولاده وعمله/.. وذاك الجد الهرم سيبقى مع أثاث منزله يستذكر مامضى وينفض غبار الأيام عن أحلامه.. بين أربعة جدران باردة لايدفئها سوى بقايا صور بالأبيض والأسود لحكايا«كان...ياماكان..».‏

 

ولاأخفيكم سراً أنني فيما مضى سئلت سؤالاً مشابهاً هل أزوج والدي؟!‏

 

ولكون السؤال من خارج المنهاج اغمضت عيني واستعنت بثقافة الحي الذي أسكن ودعوت فقط «الله يطول بعمر أمي». لكن... اليوم وبعد أن نضجت تجاربي واتسعت حدود معارفي خارج أسوار الحي الذي أسكن أدركت...... /الوحدة قاتلة/ .‏

 

عشرون أوثلاثون عاماً من الارتباط والعيش داخل عقد زواج أنجب أسرة قائمة بحد ذاتها لها ذكرياتها وتطورها ومراحل نموها بعد رحلة طويلة بحلوها ومرها ليست بالأمر السهل ولكن الصعب فيها البقاء دون هؤلاء...‏

 

خاصة بعد فقدان شريك الحياة واهتمام كل واحد من الأبناء بحياته الشخصية.. حينها لن يبقى سوى الزوج- الجد والأب- الذي سيشعر بالوحدة بعد أن خسر شريكة حياته والدفء والحنان الذي كان يفيض في كل زاوية من المنزل.. ومايزيد هذا الشعور باليتم هو استقرار الأبناء كلٌ في فضائه الخاص به بعيداً عن بيت العيلة الذي لم يبق فيه سوى-رب الأسرة- تهاجمه الأمراض وتنخر عظامه الهواجس والأحلام المخيفة التي أولها كأخرها ...‏

 

هل الزواج هو الحل..؟!‏

 

طبعاً هو الحل.. وهذا ماأكدت عليه الدكتورة نهى عيسى اختصاصية نفسية حين قالت: ليس هناك شك في شرعية ذلك الزواج خاصة وأنه يحقق هدفاً نبيلاً حيث أنه يلبي حاجات اجتماعية وإنسانية لرجل عجوز هو بأمس الحاجة لها بعيداً عن أهداف بيولوجية -مع شرعيتها- لأن الرجل العجوز الأرمل يحتاج في هذه المرحلة العمرية للحنان والرعاية كالطفل الصغير، يحتاج لمن يرفق به ويرعاه ويعيد له الأمل بالحياة ليصبح قادراً على التواصل والعطاء والتكيف مع عمره بما يتناسب مع ماقدم وما أخذ ليتمكن من الاستمرار والاندماج بالحياة الاجتماعية العامة بعيداً عن العزلة والاكتئاب وانتظار ساعة الموت التي تصبح الهاجس الوحيد والفكرة المسيطرة على أحلامه...‏

 

وتضيف د.عيسى: إن الوالد أو الجد الذي يسعى للزواج في هذا العمر المتقدم إنما هو يبحث عن /المساكنة/ الصحبة والونس ليقتل الشعور بالوحدة والملل والخوف من الموت وحيداً، وإقدامه على الزواج ليس نوعاً من الخرف بل هو حالة صحية طبيعية وحق لاصحابها متى قرروا اتخاذ هكذا قرار.. وعلى الأبناء أن لايقفوا عائقين لقرارهم لطالما هم غير قادرين على العناية بوالدهم أو والدتهم فتزويجهم أفضل بكثير من تركهم له لجدران فارغة أو في بيت رعاية تسيطر عليهم مشاعر الاغتراب والألم النفسي... التي تسيطر على كل شخص فرضت عليه ظروف الحياة وانصراف الأبناء كلٌ لدنياه...‏

 

مابين الرجل والمرأة‏

 

شاهدنا كثيراً من القصص المعاشة على أرض الواقع وحتى على شاشة تلفازنا أن المرأة الأرملة تصبر على العيش وحيدة أكثر من الرجل.. وأنها قادرة على اجترار ذكرياتها والعيش معها وكأنها وليدة لحظتها فلماذاهي فكرة مقبولة للرجل بل ونصفق لها وليست بالمطروحة حتى للمرأة..!! وهل تختلف نظرة المجتمع في حال كانت المرأة هي الأرملة وهي الوحيدة والتي تشعر هي أيضاً كما الرجل بالوحدة والاغتراب والألم النفسي...‏

 

وفي ذلك قالت الدكتورة عيسى: إن المرأة أيضاً تتعرض لنفس الظروف النفسية الذكورية في حال فقدانها شريك حياتها ولكنها ولفيزيولوجية خاصة بها قادرة على الصبر والتعايش مع أي وضع جديد أكثر من الرجل وربما أيضاً أن نظرة المجتمع الذي لم يعتد أن يعطي المرأة تماماً كما الرجل زادت في صلابتها وقوتها تجاه الظروف القاسية... إلا أنه حتى ولوفكرت المرأة بالارتباط تكون الغاية منها/البحث والحاجة للشعور بالأمان والحماية/ على عكس الرجل الذي يبحث عن الأنس والصحبة ومن يدير شؤونه وينظمها.. وكلا الدافعين هو دافع مباح وصحيح لطالما أن الهدف منه الاحساس بنفس آخر إلى جواره يتفقده إذا ماتعرض لأزمة..‏

 

وليس الزواج بمن هن فتيات صغيرات.. أوعجوز بشاب في العشرينيات...‏

 

هل تزوج والدك..؟!‏

 

ماهر حمود: متزوج ولديه أربع بنات يقول: أنا منذ الآن مستعد ومتقبل لفكرة البحث عن زوجة لوالدي خاصة وأنني أسكن في محافظة أخرى بعيدة عنه، ومشغول بحياتي الخاصة وبيتي وبناتي الأربع وزوجتي.. ووالدي المريض يحتاج لمن تجعلنا نحن وأخواتي مطمئنين على أن بجانبه امرأة ترعاه وتفهم عليه وتقبل بظروفه ونحن مستعدون للاعتناء بها بالمثل ومراعاتها كأنها أحد أفراد أسرتنا... «يوسف محمد» متزوج ولديه من الأُخوة والأخوات أكثر من سبعة يقول: أنا الكبير في إخوتي ووالدي رجل مسن وأنا من شجعه على الزواج لأنني بعيد عنه وأخواتي البنات لكل واحدة حياتها وبيتها وهي غير مسؤولة عن التعهد لرعاية والدنا لذلك زوجناه واليوم وبعد وفاة والدي مازالت/خالتي زوجة أبي/ تعيش في منزلنا ولها الحقوق التي أوصى بها الشرع وضمناها لها بعد وفاة أبي لأنها كانت امرأة نقية وصالحة ورعت والدنا المريض..‏

 

السيدة سهام محلا تقول: لن أتقبل أبداً فكرة تزويج والدي بامرأة أخرى بعد أمي.. وما أراه مستحيلاً أن أدخل إلى بيت أهلي وأرى امرأة أخرى غير أمي تفتح لي باب بيتنا وتسكن داراً كانت لأمي قبلها وأنا أتعهد مع أُخوتي بالقيام بالاعتناء بوالدي جيداً وزيارته دائماً مع أحفاده الذين لن يشعروه أبداً بالوحدة... ولا بالعزلة ولا بأي مفردة من مفردات الاكتئاب...‏

فكرة زواج الأب- الجدالأرمل- أصبحت من القضايا المطروحة جداً في أيامنا والمرحب بها خاصة في الأوساط الذكورية وإن قصة الرجل الذي اعتكف عند ذكرى زوجته التي أحبها وأخلص لها كانت فصلاً مضافاً لحكايا شهر زاد والفيديو كليب ومع أنني لا أؤمن بالتعميم إلا أنني أؤكد أن أغلب الرجال لوسألتهم الآن هل تتزوج ثانية؟! لهمسوا في أذن أقرب صبية لهم...نعم...!!!‏

 

 

 

الثورة