أحلام مستغانمي راضية على نصف مسلسل "ذاكرة الجسد"

أحلام مستغانمي

أكدت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي أن النصف الأول من مسلسل ذاكرة الجسد نال رضاها بينما لم تستطع ان تتواصل مع الجزء الثاني، مشيرة إلى أن الوقت الذي استغرق أربعة أشهر لتصوير المسلسل هو المسؤول عن الضعف الذي ظهر في جزئه الثاني.
وقالت مستغانمي في مقابلة مع جريدة الشروق الجزائرية إنها معجبة بعدد من الممثلين السوريين مثل سلاف فواخرجي التي تمنت أن تعمل معها في مسلسلها الجديد "الأسود يليق بك" وغسان مسعود الذي رأت فيه أنه يمثل الشخصية الجزائرية بعنفوانها وصرامتها وعباس النوري وعابد فهد وأمل عرفة. إضافة للتونسية هند صبري.

وفيما نص الحوار المتعلق بمسلسل "ذاكرة الجسد:

نعود  لذاكرة الجسد،  لكن  هذه  المرة  للمسلسل  الذي  عُرض  في  شهر  رمضان ..  إلى  أي  مدى  تطابقت  الرواية  مع  المسلسل  التلفزيوني؟  

لم أدل بأيّ تصريح بخصوص المسلسل وهذه المرة الأولى التي سأتحدث فيها عنه وأرجو نقل كلامي بأمانة.. لا أريد أن أشوّه عملا يحمل اسمي وأقول ما يسيء إلى هذا العمل. لكن بصراحة، النصف الأوّل من العمل، أي 15 حلقة الأولى، كانت جيّدة ومطابقة للكتاب، والسيناريو كان مأخوذاً حرفيًّا من الرواية وكان "المونولوغ" جميلا لأنّه يملك حميميّة اللغة التي أحبّها القرّاء في الرواية، ثم بحكم إطالة العمل حتى يصل إلى 30 حلقة خرجوا عن النص تماماً، وأدخلوا شخصياّت أساءت للعمل. فهناك نساء هستيريات بصفات غير لبقة، وخالد أصبح سكّيراً يتردّد على الحانات وهذه أشياء لم أتقبّلها ولا أظن قرّائي تقبّلوها. فهناك بُعد رمزي في العمل لم يصل، مع الأسف، الى المشاهد. وربما لم يَعِ الأستاذ نجدت أنزور هذا البعد. فحياة هي رمز الجزائر، وروايتي حين كتبتها في الثمانينيات كنتُ أعني بحياة الجزائر التي اغتصبها العسكر، والتي تحبّ المجاهد والمثقّف الشريف في رمزيّة خالد والمناضل زياد. لكن سيعقد قرانه عليها العسكري (كما يحدث في معظم الأنظمة العربيّة) ويُدعى خالد لمباركة اغتصابها. لكن هذا البعد لم ينتبه إليه أنزور، مما جعل الكثيرين لا يفهمون منطق هذه البطلة التي ظهرت وكأنّها امرأة لعوب مذبذبة عاطفيا تحبّ رجلين وتتزوّج آخر دون سبب منطقيّ، إنّ غياب هذه الأبعاد حوّلت حياة إلى امرأة عادية على يد المخرج. يضربها زوجها حيناً ويكسوها بالألماس حيناً، وهو ما لا يشبه صفات وتصرفات الرجل الجزائري. ورغم تفوّق الممثّل القدير جهاد الأندري في آداء يحسب له كزوج لحياة، إلّا أنّ شيئاً ما كان ينقص الشخصيّة لا مؤدّيها. وكان لابدّ لهذه الشخصيّة الأساسيّة في العمل أن تُختار من الجزائر. وأن تكون شبيهة بشخصيّة عمّها التي جسّدها بجدارة الممثل القدير نورالدين شلوش، فهي اختارت هذا
الزوج كأب ليحميها  مثلما  تعقد  الشعوب  قرانها  على  العسكر  ليحموها،  لكن  هذه  الشخصيّة  كان  ينقصها  الأبوّة . هناك  أشياء  أيضا  عن  الجزائر  آذتني  لو  استشرت  ما  قبلت  بها  أبدا .
 
مثلا؟؟ 

أنا لم أطلع على السيناريو ولا توجد لجنة في الجزائر اطلعت على السيناريو وعلى المَشَاهِدْ، فمثلا السيارة التي كان يقودها ناصر لا يمكن أن تكون سيارة ابن شهيد.. هذه إهانة للدولة الجزائرية فهي لا تعطي سيارة عتيقة على تلك الحالة البائسة لابن أحد كبار شهداء الجزائر وأعطيتهم ملاحظات في هذا الصدد.. كما أنّ البيت الذي صوّرت فيه مشاهد قسنطينة من غير المعقول أن يجلس الناس طوال اليوم في وسط داره وحول المائدة نفسها. هذه ليست قسنطينة ولا هذه تقاليدنا ولم يسألوا أحدا عن هذا، والجانب الجزائري المسؤول على المسلسل لم يتابع  هذا  الموضوع،  فالشركة  التي  تابعت  الموضوع  في  الجزائر  لم  تأخذ  التفاصيل  مأخذ  الجدّ . 
 
أما  كان  بإمكانك  أن  تصحّحي  ما  يُمكن  تصحيحه؟ 

حضرت خصّيصا وعلى حسابي لأتابع المسلسل وبقيت 10 أيام بين الجزائر وقسنطينة، ولكن لا أحد شرح لي ماذا يحدث. تصوّر أنّني من أنقذ حفل الزفاف الذي كان يشكّل هاجساً كبيراً لديّ لأنّه سيدخل إلى كلّ البيوت العربية تقاليدنا في الزفاف، كما كان فرصة لتعريف العالم العربي  على  أزيائنا  وتقاليدنا .
ولولا تدخّلي ما كانوا ليعرضوا الثياب التقليدية القسنطينية كما بدت في المسلسل وبالمناسبة أشكر مصمم الأزياء عزّي لأنّه هو من قدّم لنا الثياب التقليدية بعد أن اتصلت به ليقدّم لي ثوبا أظهر به في الحلقة الأخيرة. ثم اكتشفت أنّه أجمل من الثوب البائس جدًّا الذي كانت ستظهر به العروس وكدتُ
أجن لأنّه لا يمثّل جماليّة التراث الجزائري. وأرسل الله لنا عزّي لإنقاذنا بعد أن أصرّ على التكفّل بكل الأزياء التقليديّة التي ستظهر في حفل الزفاف. لكن مع الأسف ذُكر اسمه في الجنيريك بحرف صغير رغم أن ما قدّمه لنا هو الشيء الأجمل من الجانب  الجزائري ..
 
لم  تكوني  على  علم  بأيّ  تغيير  أُدخل  على  السيناريو؟ 

هناك  أشياء  كثيرة  تفاجأت  بها . 
 
ولم  تتحدثي  مع  المخرج  حول  هذه  التغييرات؟ 

لم يكن يملك الوقت أصلا. لقد جاؤوا لقسنطينة لمدة أربعة أيام فقط لإنهاء التصوير، دون أن يسبق ذلك أي تحضيرات لمعرفة المدينة وروحها. لابدّ أن تعرف أن المشكلة كانت في ضيق وقت لأنّهم أرادوا إنهاء العمل بسرعة توفيراً للمصاريف.. لقد تألمت جدًّا لأن هذا العمل كان  يمكن  أن  يكون أجمل  لو  مُنح  وقتاً  أكثر،  ولو  تمّ  العمل  عليه  بشغف  أكبر . فقد  كان  فرصة  لدخول  الجزائر  لكلّ  البيوت  العربيّة، يكفي  أنّ  سبع  فضائيّات  كانت  تبثّه  في  الوقت  نفسه .
 
هل  اقتصر  دورك  على  تسليم  الرواية  فقط؟

‬إنّ  العمل  أصبح  ملكا  لقناة  أبو  ظبي،  ولم  أستشر  في تفاصيل  كثيرة . غير  أنّهم  أخذوا  برأيي  عند  اختياري  لأمل  بوشوشة  ودفاعي  عنها  لتأدية  الدور،  واقتنع  المخرج  بها  بعد فترة  التمرينات  التي  أجرتها .. 
 
هل  كان  هناك  رفض  لأن  تؤدي  أمل  بوشوشة  هذا  الدور؟ 

لا،  لكن  أنا  اقترحتها  بإلحاح  وإصرار .
 
هل  اخترت  أمل  بوشوشة  لشخصها  أم  لأنّها  جزائرية؟

أوّلا لأنها جزائرية فلابد أن تكون البطلة جزائرية وهذا كان رأيي، واقترحت بوشوشة لأني رأيت فيها الجمال الجزائري، وفيها جوانب تشبه الشخصية، وأنا سعيدة لأنّي أوصلتها دون أن تدفع ثمن وصولها. ففي ظروف أخرى لو لم تعمل في هذا العمل، وعملت مع جهات أخرى ما كان ليصل  دورها  أو  تمنح فرصة،  أو  لكانت  دفعت  الثمن  الذي  تدفعه  غالبا  الممثلات  للوصول،  وأمل  وصلت  كبيرة  تحت  حمايتي،  وللأمانة  عُوملت  من طرف  الجميع  باحترام  كبير  خاصة  من  قبل  نجدت  أنزور .
 
ألم  يكن  لك  أي  مجال  للتدخل  لحماية  النصف  الثاني  من  المسلسل؟ 

‬أنا  لم  أر  شيئا ..  الشيء  الوحيد  الذي  رأيته  كان  العرس  وأنقذته  بقدر  ما  استطعت . 
 
عفوا ..  هل  هذه  التحفّظات  أبلغتها  لأنزور؟ 

‬هذا  الكلام  قلته  للجميع  بما  فيهم  الشركة  الجزائرية  المسؤولة  على  العمل  وقلت  أنّ  ما  حدث  عيب . 
 
وكيف  كان  ردّهم؟ 

لا رد.. تصوّر حفل الزفاف كان بإمكانهم الاستعانة بأجمل الجميلات في الجزائر، لكن الشركة استعانت بما توفّر لها من نساء. أما فيما يخصّ الحضور الرجالي نشرت إعلانا في الصحف المحليّة. مما جعل من هبّ و دبّ يحضر للمشاركة في تصوير المشاهد. لقد بكيتُ يومها وأنا أستجدي  بعض  النساء  اللائي  توسّمت  فيهنّ  الجمال  القسنطيني  ليحضرن  ويرقصن  في  هذا  العرس  من  أجل  الجزائر .

وهل  هذا  خطأ  المخرج  أم  الشركة  المنتجة؟ 

بل هو خطأ الشركة المنتجة، كان عليها أن تولي اهتمامًا كبيراً لهذا المشهد الذي يشكّل أهمّ حدث في مشاهد المسلسل التي تخصّ قسنطينة. لا أن تتذرّع بأنّ نساء قسنطينة محافظات ولا يمكنهنّ الظهور في المسلسل.
فالجزائر  كبيرة  والحمد  لله  وكان  بالإمكان  الاستعانة  بنساء  من  مناطق  أخرى . كما  برجال  يملكون  عنفوان  الطلّة  الجزائرية .
لقد قال لي الأخضر بن تركي لو طلبوا منّي لأتيت لهم بأجمل الجميلات.
كان لابدّ من غيرة وطنيّة أكبر، وغيرة على صورة الجزائر. فالجلسة التي شاهدناها على مدى حلقات ليس المخرج من وضعها. هل نحن نجلس في وسط الدار حتى من دون وسائد؟ في الأمر إهانة لقسنطينة التي تُباهي  بمجالسها  والصينيّات  النحاسيّة  لقهوتها .. الشيء  الجميل  ربما  هو  تصوير  الجسور  المعلقة  فقط . 
 
بعد  كلّ  هذا  في  رأيك  هل  نجح  المسلسل؟ 

نجدت أنزور مخرج كبير ومن أكبر مخرجي العرب، لكن لدي عتب عليه أنه أنتج مسلسلين في عام واحد، ولا يمكن لشخص أن يبدع في 60 حلقة، والحلقات الأخيرة كان يصورها قبل أيام من العيد، ولا يمكن لمبدع أن يعمل وسيف الوقت على رقبته. قد يكون المسلسل قد نجح تجاريا. لكنه لن يعرف الخلود، الخلود شأن آخر. فذاكرة الجسد نجحت لأني قضيتُ 4 سنوات في نحتها كلمة كلمة، بينما قضى نجدت أنزور أربعة أشهر في تصوير ثلاثين حلقة. ربما في هذا اختصار للفرق بين العملين. فأنا بعد عشرين سنة من كتابة ذاكرة الجسد مازلتُ أنسب لها، فبقدر ما تعطي العمل  يعطيك . ولهذا  لم  يحصل  مسلسل  ذاكرة  الجسد  على  جوائز  تليق  باسم  المخرج  وبجهد  من  عملوا  فيه .

 
لمست  من  كلامك  أنك  متألمة  جدا  لما  حدث؟ 

أعترف أنّ الحلقات الـ15 الأولى كانت رائعة، وهناك أشياء جميلة في المسلسل كموسيقى العمل المستوحاة من النشيد الوطني. لكن فيما بعد خرجوا عن الموضوع تماما ولكي يبدع المرء عليه أن يكون مرتاحا. المسلسل كان فرصة لنجدت أنزور لينجز عملا خرافيا، لكن تشتّته بين مسلسلين جعله لا يعطي هذا المسلسل حقّه. غير أنّ هذا الأمر لم يعد هاجسي اليوم فقد أصبح هذا العمل خلفي. ما يعنيني هو مشروع "ذاكرة الجسد" كفيلم الذي ارتبط بأسماء كبرى تمنّت أن تقوم بإخراجه في عمل ضخم كفقيدي السينما يوسف شاهين ومصطفى العقّاد.
 
هل  كنت  راضية  عن  الممثّلين  الذين  شاركوا  في  المسلسل؟

لقد توفّق نجدت أنزور في إسناد الأدوار لممثّلين قديرين جميعهم دون استثناء برع في آداء دوره خاصة الممثّلين السوريين الذين أسندت إليهم شخصيات جزائرية قريبة إلى القلب، كشخصيّة عتيقة وناصر وخالد، الذين يكاد المرء يخالهم جزائريين. أمّا العزيز جمال سليمان، فلقد  أنقذ  العمل  بحضوره  الطاغي،  وأنا  أشكره  على  كل  التضحيات  التي  قدّمها  ليفوز  بهذا  الدور  حبّا  منه  للرواية،  وعلى  كلّ  السلبيات  التي  صمت  عنها كي  لا  يشوّش  على  صيت  العمل . أما  الغالية  بهية  راشدي،  فقد  كانت  سيّدة  الحضور  الجزائري  أمومة  وبهاءً .

أخيرا  هل  ثمّة  ممثّلون  عرب  تتمنّين  التعاون  معهم  مستقبلاً؟

كثير من الممثلات السوريات يُعجبنني، وبعضهن لم ينلن حقّهن من الشهرة ولكنّهن رائعات حقّا.. ومع الأسف لا أملك ذاكرة للأسماء. لكنّني سأبحث عنهن في الوقت المناسب. كما تعجبني هند صبري وأمل عرفة وسلاف فواخرجي خاصة في دورها في مسلسل "أسمهان" الذي شاركها فيه الممثّل الرائع عابد فهد، والذي أتمنّى أن يكون لي سعادة التعاون معه في عملي القادم "الأسود يليق بك"، لأنّي أراه مناسباً لهذا الدور الرومنسي والعميق في آن. كما يعجبني عباس النوري الذي سبق أن التقيتُ به، والممثّل القدير غسان مسعود الذي يملك شخصيّة قريبة من الشخصيّة  الجزائرية  بعنفوانها  وصرامتها .