أزمة بيع الخبز التمويني، وحاجة ملحّة لحماية تأمينه وتوزيعه

علي خزنه - شام إف إم
هو حالٌ قديم جديد لبيع الخبز التمويني أمام الأفران العامة وبأسعارٍ سياحية وتختلف من فرن إلى آخر بحسب كثافة عدد البائعين والإقبال على الشراء.
حالة لايمكن إخفاؤها بمنشور من قبل "التجارة الداخلية وحماية المستهلك" أنها تقوم بضبط المتاجرين بالخبز التمويني، في حين أن المتاجرين الحقيقيين هم العاملون بالأفران فلولا تعاونهم مع البائعين لا يمكن أن تخرج هذه الكميات الكبيرة من الأفران بشكل يومي، وهذا ما يؤكده أي بائعٍ أو بائعة للخبز التمويني أمام الأفران بأن ثمن الربطة من الفرن 3500 ليرة سورية وهم يقومون ببيعها بـ4000 ليرة، أي أن هذه الكميات لا تخرج من الفرن عبر بطاقات ذكية كما يقول البعض، فهذه الطريقة بالبيع أذكى من أية بطاقة.
في جولةٍ بسيطة على الأفران بدمشق نبدأ من فرن حاميش مرورواً بالفرن الموجود في مساكن برزة، العدوي، أفران المزة جميعها، فرن الأمين، باب توما، جميعهم دون استثناء تجد أمامهم البائعين بلا حسيب ولا رقيب فيما تجد بعض الازدحامات الخفيفة على شباك بيع الخبز لأن الأولوية للبائعين، وهذه الظاهرة موجودة في أغلب المحافظات السورية.
واللافت أيضاً أن البائعين يقفون بالقرب من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المعنية بحماية الخبز التمويني والحد من هدره وإيصاله لمستحقيه كونه مادة مدعومة حكومياً، ولكن يزداد يومياً عدد العاملين في مجال بيع الخبز التمويني أمام الأفران كونها باتت "شغلة يلي مالو شغلة" وهي مصلحة تُكسب العامل فيها مردوداً جيداً، فإذا باع الشخص الواحد 50 ربطة خبز خلال النهار يكون مربحه 25 ألف ليرة في حال كان الربح 500 ليرة فقط وإذا كان 1000 ليرة يكون مربحه 50 ألف ليرة.
وفي مقابل تلك الظاهرة المعلنة وغير المخفية، خرجت حماية المستهلك في دمشق بخبر قبل أيام عن ضبط شخص بمخالفة تجميع بطاقات إلكترونية كانت بحوزته بطريقة غير مشروعة بقصد الإتجار بالخبز التمويني، وضبط عدد من الأشخاص بمخالفة الإتجار بالخبز التمويني ومصادرة 150 ربطة خبز منهم، إضافة لضبط معتمد خبز بدمر بمخالفة البيع خارج البطاقة بقصد الاتجار.
ورغم ذلك لا يمكن إغفال دور المؤسسة العامة للمخابز التي تعمل للحفاظ على جودة الرغيف وتأمين وصولها للمستهلك بشكل لائق لأهمية هذه المادة كونها القوت اليومي للمواطن، حيث نشرت صفحة الوزارة قبل أيام تصريحاً لمدير عام المؤسسة مؤيد الرفاعي أنه "بحسابات القلم والورقة" الحالية، فإننا نجد حجم الدعم السنوي يقدر بنحو 14 تريليون ليرة، وبمعدل أيام عمل فعلية” 310 أيام” وهذا الرقم قابل للزيادة والنقصان، وفقاً لأسعار المستلزمات الأساسية من قمح ودقيق تمويني ومحروقات وأكياس نايلون والتي تحظى بالكتلة الأكبر من الدعم، وتالياً فقيمة الدعم خلال الربع الأول تقارب 3.5 تريليونات ليرة ".
كما تحدث الرفاعي عن أن " الرقابة التموينية للحفاظ على الجودة وسلامة العملية الإنتاجية، ووصول المادة إلى المستهلك، وهذه ليست بالجديدة بل هذه الحماية ومنظومة دعمها هي من أولويات الحكومات المتعاقبة ومنذ عقود مضت، وما زالت مستمرة رغم الفارق الكبير بين سعر المبيع الرسمي للربطة الواحدة، وبين تكلفتها الفعلية، بدليل أن مبيع الربطة الواحدة حالياً هو بسعر 400 ليرة، في حين تكلفتها الفعلية تقترب من سقف 8000 ليرة، أي أن دعم الربطة الواحدة يقدر بنحو 7600 ليرة، وهذا الرقم متغير في ظل عدم استقرار أسعار مدخلات المواد الأولية وصعوبة تأمين المستلزمات الأساسية وأجور تصنيعها".
وسط ذلك يتساءل مواطنون عن مدى الحاجة لإحداث وزارة تعمل على حماية الخبز التمويني وإيصاله لمستحقيه كمادة مدعومة حكومياً، والواقع أن سنوات كثيرة مضت على هذه المشكلة القديمة الجديدة وتعاقب وزراء ومديرون وبقيت تلك المعضلة التي لم يتمكن أحد من حلها، فهل يأتي يوم وينتهي هاجس إيصال الخبز التمويني لمستحقيه ويحصل المواطن على خبزه دون عناء؟