أزهى عصور كبت الحريات

ربما تصحو غدا ولاتجد صحيفة (المصريون) موجودة أمامك على شبكة الانترنت..بل ربما لاتجد صفحتك الخاصة على الفيس بوك..بل أزيدك هما وغما عندما أقول لك أنه ربما أيضا لن تجد قناتك الفضائية المفضلة أو المذيع الذي تحب أن تتابعه علي الشاشة..فسوف يختفي هذا المذيع وتلك الشاشة.
هوه فيه ايه..هذا هو السؤال الذي أصبح حديث ملايين المصريين..بعد أن كشرت السلطة عن أنيابها وقررت بدون مواربة أو تزويق أن (تجيب م الآخر) وتخنق وتغلق وتشرد ماتريد من فضائيات وصحف..مثلما جرى من ايقاف برنامج القاهرة اليوم وجلوس مذيعه الشهير عمرو أديب في بيته وأعقبه اعفاء ابراهيم عيسى من تقديم برنامجه على قناة (أون تو في) ثم ماجرى من مذبحة لجريدة الدستور علي يد رئيس (أكبر) حزب مصري معارض.. وما أعقبه من ايقاف بث أربع قنوات فضائية وكذلك ايقاف خدمة بث الرسائل الاخبارية على الموبايل.. وماسبق ذلك من اتصالات جرت برؤساء تحرير صحف خاصة لوقف نشر مقالات بعينها وكتاب تم تحديدهم بالاسم ومنعهم عن الكتابة.
لايزال في جعبة السلطة الكثير.. ولا أظن أن الأسابيع القليلة القادمة سوف تمر دون أن تزيد السلطة من تضييق الخناق أكثر وأكثر على كافة وسائل الإعلام الخاص والمستقلة.. هنا يجب التنبيه الى أن الدولة لم تعد كيانا واحدا أو فردا واحدا يمكن أن نشير اليه ونتهمه بأنه وراء كل مايجري.. فما كان يحدث في الماضي وتحديدا خلال الخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات لايمكن تطبيقه على مايجري الآن.. بعد أن ضعفت قبضة الدولة بشكل ملحوظ مما أدى معه الى ظهور قوى أخرى فاعلة علي مسرح حياتنا السياسية.. تلك القوى التي أصبح لها توجهاتها وأجندتها الخاصة التي ربما تعارضت مع أجندة الدولة الرسمية.
لعل أبرز تلك القوي التي ظهرت خلال العقدين الأخيرين هي (رجال الأعمال) ومايشكلونه من نفوذ وسطوة , وكذلك أصبح (الخارج) ضاغطا ومؤثرا وكذلك (الكنيسة)..وبعد أن أصبحت كافة ملفاتنا السياسية في أيدي الأمن.. فقد تحول بدوره الى أن يكون اللاعب الأول الآن في حياتنا السياسية ويتخذ الكثير من القرارات وفق رؤية أمنية ضيقة.
لكل ماسبق فإننا نتوقع مزيدا من تقليل هامش الحريات الضيق أصلا وأعتقد أن جناحا بعينه ومايملكه من نفوذ داخل السلطة والحزب الوطني.. وهو مقبل على اجراء انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى بعد شهر.. أصبح هذا الجناح حريصا على اخلاء الساحة أمامه -وأمام تزويره- من أية منغصات تعكر صفو ما استقروا عليه وخططوا له.. خاصة أن تجربة الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت عام 2005 لاتزال ماثلة في الأذهان عندما لعب الاعلام الخاص والمستقل دورا كبيرا في فضح جرائم التزوير وكشفها للرأي العام المصري والعالمي.. مما كشف كثيرا من عورات الحزب الحاكم ونظامه .. وقد قرر هذا الجناح في السلطة تقييد الاعلام بمساعدة من رجال الأعمال الذين تربطهم مصالحهم بهذا الجناح.
القادم في حرية الإعلام أكثر سوءا من الآن.. ولابد من الانتباه..ثم البحث عن حل.
المصريون - محمد علي خير