أطفال ساروجة يزينون الاسمنت بلوحاتهم...

تزين مدخل مدرسة حي ساروجة في دمشق القديمة بأكثر من 20 عملا تشكيليا مشغولا بخامة الإسمنت هي حصيلة نتاج ورشة فنية نفذها محترف شغل وفن وشارك فيها 15 طفلا خلال العطلة الانتصافية في الحي نفسه تحت عنوان ورشة تشكيل إسمنت خاصة بالأطفال.
وظهرت على الأعمال المنجزة التي تم جمعها ضمن كادر كبير فضاءات خيال الأطفال المفتوحة على الأمل والمعبرة عن رؤاهم الخلاقة للأفكار الإبداعية من خلال رسومات الأنهار والطبيعة الحية والبيوت الدمشقية وحاراتها بذهنية استطاعت التعامل مع خامة الإسمنت لتكون طيعة بين أياديهم وتتحول إلى مادة حية للفنون.
وشكلت هذه اللوحة المتكاملة مادة خصبة للنقاش بين أطفال المدرسة أنفسهم وهم يتحاورون مع بعضهم عن الأفكار التي تحملها الأعمال والجمالية التي اكتنزها مدخل مدرستهم.
وفي تصريح لوكالة سانا قال الفنان مهند ديب مدير محترف شغل وفن إن هذا المعرض الذي شارك فيها أطفال المدرسة وتتراوح أعمارهم بين 9 و12عاماً يأتي ضمن أنشطة المحترف لعام 2011 بهدف خلق علاقة أفضل بين المجتمع والأماكن العامة واستكمالاً لتوجه المحترف في مشروع الإسمنت في التشكيل الذي أطلقه منذ عامين مشيراً إلى إن القيمة الأساسية من هذا المعرض جاءت في الأعمال الإسمنتية الملونة التي عبر من خلالها الأطفال عن مفرداتهم الخاصة.
ويشير ديب إلى أن تثبيت الأعمال التي قام الأطفال بإنجازها هو خطوة أساسية في تلمس أثر الفن في حياة الأطفال كونها ستكون معرضا دائماً على حائط مدرستهم التي تشكل جزءاً أساسياً من تكوينهم وتفاعلهم مع محيطهم ومجتمعهم كما أنها تحقق لمسة جمالية في الفضاء المحيط تخفف من التلوث البصري المنتشر.
واعتمدت الورشة على تعريف الأطفال بمادة الإسمنت وتغيير مفهومها عندهم من الناحية الشكلية واللونية على اعتبارها مادة خام جامدة ومنتشرة بشكل كبير في محيطهم بالاعتماد على مخيلة الطفل التي تستطيع تحويلها إلى مادة فنية خاصة.
ورأى ديب أن تعليق الأعمال على حائط المدرسة لا يهدف إلى تنشيط الحس المعرفي للوحات زملائهم فقط وإنما للتأكيد على ثقافة الانتماء للمكان من خلال المساهمة في بناء وتزيين المدرسة والذي من الممكن أن يتطور إلى الحي والمدينة.
واستعان الأطفال خلال الورشة بعدد من المدربين والمشرفين الذين يعتمدون على صيغة ترك الحرية الكاملة للأطفال في انتقاء مفردات وعناصر لوحاتهم لتكوين المادة الأساسية ومن ثم تلوينها بحسب المقترح الفطري الذي يرونه مناسباً.
وفي هذا الشأن يوضح الفنان ديب أن الورشة هدفت أيضاً إلى تعريف الأطفال أنه يمكن تلوين مادة الإسمنت وإخراجها بصيغة جمالية وعدم قبولها بهيئتها التي تظهر لنا في الأماكن السكنية التي نعيش فيها وبالتالي يمكن التخفيف من التلوث البصري الذي يحيط بنا.
من جانبها قالت المهندسة بيسان الشريف المشرفة المباشرة على الورشة: إن الورشة كانت عبارة عن حالة تفاعلية بيننا وبين الأطفال الذين تخطوا فترة التأقلم مع بعضهم البعض منذ اليوم الأول مشيرة إلى أن معظم الأفكار التي كانوا يشتغلون عليها خلال الورشة تمحورت حول الصيغة التي يريدون مشاهدة مدرستهم بها ومن هنا أتت أفكار الأشجار والمناظر الطبيعية المحيطة بالمدرسة.
وأوضحت الشريف أن الأطفال أعملوا مخيلتهم في تحويل الإسمنت مستعينين بالألوان إلى لوحات فنية تنطق بالحياة ومفعمة بالحيوية ولا تكون جامدة لافتة إلى أن دور المشرفين اقتصر على المساعدة وتجهيز الخامة والألوان دون أن يكون لهم تدخل فيما يريدون اشتغاله بهذه المواد.
يذكر أن محترف شغل وفن هو فضاء مستقل ومفتوح في قلب مدينة دمشق في سوق ساروجة يهدف إلى تفعيل دور النحاتين السوريين من خلال تنشيط وتحفيز عمل النحت وتوسيع مجالاته ومحاولة توظيفه لخلق علاقة أفضل مع المدينة المحيطة به وهو أحد المشاريع المحتضنة لدى روافد المشروع الثقافي لدى لأمانة السورية للتنمية في إطار حاضنة المشاريع الثقافية.