أفل نجم فارس الكويت والعرب والمسلمين

منذ منتصف عام 1985 وعلاقتي معك تقوى يوماً عن يوم، توجهني، تحنو وتشفق عليّ لثورتي الدائمة ضد الخطأ، وتتقبل طرقي واساليبي الخاصة في ابداء الرأي، تقدر وتثني على حماسي، تداعبني وترشدني وتنصحني بروح الاخ الكبير مع اخيه الاصغر، تحميني من جور الآخرين من حاسدين وحاقدين.
رحمك الله يا «بومرزوق»، لم تكن ابن عم وحسب، بل كنت اكثر من ذلك بكثير.
يالفخري بك، وهل احد لديه ابن عم يحمل صفاتك بالمروءة والشهامة والشجاعة والعزيمة والعدل والانصاف والكرم والتمسك بالمبادئ والقيم؟
كنت حاملاً قضايا امتك حريصاً على دعمها بالفعل لا بالقول، اقمت المشاريع التجارية والصناعية والخدمية والزراعية في مصر، يعمل في شركاتك الفاعلة ويرتزق منها مئات الألوف، وانني قد اتيت من رحلة عمل في بلد ناء ومن النادر ان تجد احدا من رجال اعمالنا يستثمر فيه، وهو دولة «غامبيا» الاسلامية، حيث اقمت فيها يا «بومرزوق» مشاريع سياحية وفنادق كبرى، ووظفت الألوف في مزارع انتاجية ثبت انها لا تربح، ولكن حين علمت الاعداد الهائلة من العمالة «الغامبية» تعمل فيها وما يوفر المشروع الزراعي من منتجات غذائية لهذا البلد الفقير، امرت باستمرار الاستثمار حتى وان كان يخسر.
رحمك الله يا «بومرزوق» فقد كنت مستثمراً جاداً وليس مغامراً او مقامراً والعياذ بالله.
البعض يناصر العرب والمسلمين بالخطب الحماسية فقط لا غير، بينما كنت تشغل يا «بومرزوق» فكرك وقلبك ليل نهار في قضايا العرب والمسلمين، سواء بالاستثمار بأموالك او بدعمك وتأييدك المعلن لاي بندقية توجه ضد الاعداء الصهاينة داعيا بالبركة لليد التي تحمل هذه البندقية.
فلم تكن تربيتك يا «بومرزوق» تفرق بين طائفة واخرى لرجاحة عقلك وبعد نظرك مما ادى لعدم رضا بعض المقربين منك وحاربوك بل عاداك اعداء فلسطين ومن والاهم ولكنك لم تأبه لهم ولم تهبهم.
كنا نتهاتف تلفونيا منذ الصباح الباكر وما زال صوتك الحاني الهادئ باقيا في فكري وقلبي، لقد علمتني الكثير الكثير منذ عام 1985، علمتني الصدق والاخلاص في العمل والجدية وتحمل المسؤولية والتعامل الطيب مع الآخرين، لقد علمتني ان الكويت فيها عزنا وملاذنا... رحمك الله يا «بومرزوق»، لقد علمتني ألا أتنازل عن مبادئي ولا عن كرامتي، وكنت تردد لي ذلك دائما لاسيما حين أتحرج من لقاء كبار رجالات الكويت من اهل المال والنفوذ او من افراد الاسرة الحاكمة.
علمتني ان من حشمك احشمه ومن تعامل منهم معك بكبرياء وغرور وتجاهلك لا تحترمه، لقد تعلمت منك صفة التواضع والعطاء، وان الخير كله في المال الحلال وألا أبخل على وطني وأهل بلدي.
رحمك الله يا «بومرزوق» فأنا أشهد بالله العلي العظيم ألا تعلم يمينك عن عطاء شمالك، فقد كنت عطوفا رحوما للمحتاج، وكنت تعين كل من أتاك طالبا حاجة، فقد كنت يا «بومرزوق» من اهل المروءة والشهامة والنخوة وهم قلة هذه الايام.
أذكر في مكالماتي شبه اليومية معك انني أحاول ان أخفف عنك تطاول خصومك وحروبهم الظالمة معك، فكنت اجدك شامخاً كالجبل مردداً بروحك الجميلة «خلها على الله» يا «بومساعد».
وبعد ان انهي المكالمة معك أردد مع نفسي كلمات الاعجاب بايمانك وصلابتك وقوة عزيمتك فرحمك الله يا «بومرزوق».
لم يتمكن احد من التفوق عليك يا «بومرزوق» في اعمال الخير التي بذرها والدك المرحوم محمد عبدالمحسن الخرافي واستمررت بتكملتها انت واخوتك واخواتك الكرام.
فقد كانت عطاءاتكم الخيرة كثيراً منها بالسر وقليلاً منها بالعلن، ولم تفرقوا في عطاءاتكم الخيرة بين طوائف الكويت وفئاتها كما يفعل الآخرون.
يا «بومرزوق»، لا نرد على كل من اساء اليك وتطاول ظلما وبهتانا الا ان نقول لا حول ولا قوة إلا بالله ونوكلهم لله تعالى وهو نعم الوكيل.
***
نعاهدك يا «بومرزوق» ان نستمر بحمل الامانة وستبقى توجيهاتك الخيرة لنا راسخة ما بقينا وسنورثها لابنائنا يا «بومرزوق» كما أكملت انت واخوتك واخواتك مسيرة والدك سيكمل ابناؤكم مسيرتكم باذن الله.
مهما عظم نفوذ خصومك فنحن قادرون على مجابهتهم والتصدي لهم فلا يصح الا الصحيح.
ندعو الله تعالى ان يسكن أبا مرزوق ناصر محمد عبدالمحسن الخرافي فردوسه الاعلى ويجعل مثواه الجنة ويلهمنا الصبر والسلوان على هذه الصدمة الكبيرة والفاجعة العظيمة، إنا لله وإنا إليه راجعون.
خليفة الخرافي - القبس