ألست القــــــــــــائل ؟؟؟

 

ساهرة صالح.شام نيوز

عرف عن العرب فيما مضى شدة تعلّقهم بالكلمة ومعناها وأبعادها,فكانوا ما أن ينطقوا بكلمة حتى تصبح كالعقد المبرم والموثق بين طرفين,وهذه إحدى المحاسن التي كانت تحسب لهم فيما مضى و ما أكثرها ...

و قصّة مقتل الشاعر المتنبي خير مثال على ذلك, فبعد أن هجا كافور الأخشيدي قائلا :
لاتشتري العبد إلاّ والعصى معه ..... إن العبيد أنجاس مناكيد

فرّ هاربًا من بطشه عبر البلاد وعندما حاصره جند كافور أراد المتنبي أن يهمّ بالفرار فقال له غلامه : ألست القائل :
الخيل والليل و البيداء تعرفني ...... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فقال له المتنبي: لقد قتلتني يا غلام وعاد فقاتل فمات .....

إذاً.... فرجل كالمتنبي, فضّل الموت على أن يُقال, إنه يقول ما لا يفعل ...
أما اليوم فقد اختلفت الحال والأحوال وأصبحت الكلمات مُفرغة من معانيها ولا أبعاد لها أكثر من أنف قائلها, وهذه إحدى المساوئ التي تحسب علينا في أيامنا هذه وما أكثرها...

فعلى سبيل المثال لا الحصر,السادة أعضاء مجلس الشعب,أوالمرشحون الجدد, يتخموننا بكلمات وشعارات لامثيل لجمال معانيها على وجه الأرض, وكلّ قارئ لها, يشعر بأن الحياة معهم ستصبح وردية وأننا سنعيش في المدينة الأفلاطونية الفاضلة..

حتى تحوّل مستقبلنا إلى صورة و وعد, فنحن نسير في شوارع مدننا ونكاد لا نرى سوى لافتات وصور لأشخاص اعتادوا الحياة تحت قبّة البرلمان ولكننا نراهم لأول مرة,وآخرون جدد يسعون للجلوس تحت القبّة البرلمانية ذاتها,ولكننا أيضا لم نعرف لهم يوماً تاريخاً سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا,
وهنا يجدر استذكار مقطع من مسرحية غربة للكاتب الكبير محمد الماغوط عندما يبدأ الشعب في ذلك المقطع بقول : سا, فيجيب المسؤول : نبني لكم المدارس, و يكملون : سا,فيكمل المسؤول : نعبد لكم الطرقات ....... سا ..........نبني لكم المستشفيات .....سا ......... نحسن الوضع المعيشي ..... سا ......... نبني مساكن للشباب ..... سا......... سا .........سا ....الخ..

هكذا تصبح الأيام التي تسبق الإنتخابات البرلمانية,إلى أن يأتي اليوم الموعود أو اليوم البرزخ الذي يفصل ما قبله عما بعده,فتترك تلك الافتات والصور والشعارات إلى مصيرها,ولا بدّ له من أن تندثر مع الوعود التي كتبت عليها,أوعلى الأقل هذا ما تعودنا عليه حتى الآن, الى أن بات من الصعب أو المستحيل إقناعنا بأن أمثال المتنبي مازالوا على قيد الحياة, وعندئذ يصبح لكلّ كلمة قيلت أو كتبت,معنىً وبعداً استراتيجيا يتجاوز تلك الجلسة التي أجراها المرشح مع أصدقائه وسألهم فيها,ماذا يجب أن أكتب كشعار لحملتي الإنتخابية؟؟



ولعلّ بعض أصدقائه الأكثر ذكاءا أجابوه يومها أنّ من أفضل الشعارات في الفترة الراهنة ما يتعلق بالوحدة الوطنية أوهموم الشباب وقضاياهم أو إذا أردت أن تكون فعلا في قلب الحدث عليك بذكر الإثنين معا..

قد يجد من بقي في قلبه بعضٌ من أمل, ممحاة في رغيف للخبز كحال غوار أيضا في مسرحية غربة, فيصبح حديثنا كلو بدو محي,

لنبدأ من جديد مع أمل جديد, قد أصبحنا محكومين به.كما قال الكاتب الكبير سعدالله ونوس, و الى ذلك اليوم الذي نرى فيه الأعضاء الجدد في مجلس الشعب و هم يحولون أقوالهم إلى أفعال,لابد لنا من الإنتظار والترقب والإستعداد لمواجهة من سيغفو منهم بمقولة :

ألــــــــــــــــــــست القـــــــــــــــــــــــــــــــــــائل ؟؟؟؟