أمير قطر مجدداً في دمشق..

سكب تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن المملكة رفعت يدها عن لبنان محذراً في الوقت عينه من التقسيم، ماء ساخنة على اللبنانيين

لأنه جاء من خارج سياق مواقف الطمأنة العربية والغربية وخالف الجهود المبذولة على مستوى المنطقة لحل الأزمة اللبنانية، وقرئ على أنه قطع للطريق على المسعى القطري التركي المنبثق من القمة السورية التركية القطرية التي احتضنتها دمشق مطلع هذا الأسبوع. أجواء بيروت التي اضطربت بسبب مواقف أعلنت من شرم الشيخ، ترافقت مع معلومات عن وصول أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى دمشق قادما من شرم الشيخ، وترافقت مع ما تردد عن خلاف في وجهات النظر كان قد برز في الاجتماع الوزاري الذي سبق القمة، بين نائب وزير الخارجية فيصل المقداد وكل من وزيري خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط في التعاطي مع الشأن اللبناني.

إلا أن مصادر دبلوماسية أوضحت  عدم دقة ما نقل، مشيرة إلى أن النقاش بين المقداد والفيصل كان جيداً، وأن تصريحات الأمير الفيصل بخصوص الجهود السورية السعودية بشأن لبنان كانت إيجابية، وإنه أشار إلى أن العاهل السعودي عبد اللـه بن عبد العزيز أنهى المسعى في وقت سابق.

وذكرت المصادر أن الفيصل قال: إنه ليس بصورة الجهود التي تبذل حالياً «بمجهود من تركيا وقطر»، وهنا تدخل أبو الغيط ليقترح تشكيل لجنة عربية تقوم بالتدخل في هذه المساعي الرامية لإيجاد حل في لبنان، فرد المقداد بأن المطلوب الآن ليس تعقيد الأمور وحرفها باتجاه آخر عن الاتجاه المعروف، مشيراً أن ما يمكن للعرب فعله هو دعم جهود التسوية على أساس المسعى السوري السعودي.

وفي بيروت استغرب رئيس المجلس النيابي نبيه بري التنصل السعودي من التحرك القطري التركي الرامي إلى إيجاد حل للأزمة اللبنانية. وردت أوساطه على ما نقله بعض وسائل الإعلام عن لسان وزير الخارجية السعودي، وقوله: إن السعودية رفعت يدها عن لبنان الذي يعيش وضعاً صعباً وخطراً خصوصاً إذا ما آل المآل نحو التقسيم المتوقع، وإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد اللـه بن عبد العزيز أبلغ ذلك إلى الرئيس بشار الأسد في الاتصال الذي تم بينهما. وأوضحت المصادر أن رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو أكدا أثناء التشاور أنهما لم يتحركا إلى لبنان إلا بعدما تقرر ذلك في قمة دمشق وبعد إجراء اتصال مع الجانب السعودي الذي أكد القرار بالتحرك إلى لبنان بموافقة سعودية كاملة.

واستغربت أوساط بري أن يكون هذا الكلام صادراً عن وزير الخارجية السعودي. وكان لافتاً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بادر، فور صدور هذا الموقف عن بري وإثر شيوع الاستياء والقلق اللبناني من تصريح الأمير الفيصل، إلى الاتصال بوزير الخارجية السعودي للتداول في مستجدات الوضع.

وحسب بيان عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال، «أطلع الحريري الفيصل على مجريات التحركات الجارية لمعالجة الأوضاع في لبنان، والتي ترتكز في الأساس على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد اللـه بن عبد العزيز والمساعي السعودية السورية».

ونقل البيان عن الفيصل تأكيده «وقوف المملكة العربية السعودية مع أي جهد يبذل لتوفير عوامل الاستقرار في لبنان».

وبقي الشيخ حمد في بيروت لمواصلة لقاءاته مع القيادات اللبنانية من مقر إقامته في فندق فينيسيا، لكن بعيداً من الإعلام، بهدف إعادة أحياء التفاهم السعودي السوري وصولاً إلى تسوية يمكن أن تنهي الوضع المأزوم، في حين غادر وزير خارجية تركيا لارتباطات خارجية.

من جهته رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط عقب على كل التحليلات الإعلامية التي ضاقت بها بعض الصحف، مشدداً على أن «المرحلة الراهنة هي عالية الحساسية وتتطلب مواقف مسؤولة تتخطى حسابات الاصطفاف السياسي التقليدي لتصب في المصلحة الوطنية العليا وتساهم في إخراج البلاد من حالة التأزم العميق الذي تعيشه»، مضيفاً: «نحن أدرى بطبيعة هذه المواقف التي ننسقها مع كل الأطراف التي تملك الحرص على استقرار لبنان وفي طليعتها سورية والسعودية».

وأمل إفساح المجال أمام الجهود القطرية التركية التي جاءت لتكمل المبادرة العربية التي اطلعنا على عناصرها هذا الأسبوع، ويبقى الحوار هو الخيار الوحيد لمعالجة المشاكل القائمة والخروج من الأزمة الراهنة.

 

 

الوطن