أنا و أنت ... وسايكس بيكو بيننا

أنا و أنت ... وسايكس بيكو بيننا
ساهرة صالح .شام نيوز
كم أجد نفسي في هذه الأيام مدفوعة باتّجاه كلمات نشرها الكاتب اللّبناني أمين معلوف في كتابه (( اختلال العالم )) , كلمات كنت قد استعنت ببعضها في مقال سابق تحت عنوان ( إعلاميون أم إعلانيون ) عندما قال :
(( دخلنا القرن الجديد بلا بوصلة ...
لقد أخذت تحصل منذ الأشهر الأولى أحداث مقلقة تحمل على الظن بأن العالم يعاني اختلالا كبيراً, وفي عدة ميادين معاً, اختلال فكري, اختلال مالي, اختلال مناخي, اختلال جيوسياسي, اختلال أخلاقي)).
بالطبع لم يكن المقصود من هذا الكلام بثّ الرعب في النفوس, بقدر ما يُعتبر إنذاراً لما هو واقع الحال
(( إنه قلق نصير للتنوع المتناسق, قلق يجد نفسه مكرهاً على أن يشهد, صعود التعصب , والعنف , والنبذ , واليأس , إنه أولاً وبكل بساطة, قلق عاشق للحياة , لا يقبل بالفناء الذي يتربص بنا ))
كلمات صيغت بدقة لتبرهن على وجود أصوات ما زالت تنادي حتى الآن وتطالب بمحاولة النظر فقط إلى الأخر والتعرف عليه, بعيدا عن القوالب الجاهزة من الأفكار والأحاسيس والجمل التي تكرس التميز والكراهية بين بني البشر رغم أنها تبقى معادلة شبه مستحيلة بشكلها العام , كونها تحتاج لفكّ رموز وشيفرات جينية داخلنا وإلغائها أو تغيرها لنستطيع خلق بنية معادلة جديدة
(( ذلك أننا حين نتكلم عن "الآخرين" يجب أن لا نغيب نحن عن بالنا أبدا , أيّا كنّا , وأينما كنّا , أننا نحن أيضا "الآخرون " بالنسبة إلى سائر الأخرين ))
نداء عاجل توجه به الكاتب أمين معلوف لكلّ من تقع يده على هذا الكتاب, عربياً كان أم أعجمياً, أم هو من أولئك المغتربين الذين يحملون في داخلهم وطنـَين وثقافتين , وحتى إلى أبناء الوطن الواحد على اختلاف مرجعياتهم ...
فهذا نازح فلسطيني إلى سوريا "يحمل همّ القضية و شجونها".. وهذه مواطنة سورية تحمل الجنسية الألمانية "تنادي بالحرية و العولمة والانفتاح".. وهما معا في مشهد درامي سوري ..
ملخص الحوار كان جدالا على جملة متداولة كثيرا فيما بيننا وهي :
((فلان الفلاني من عندكون)) أو,(( فلانة تزوجت واحد من جماعتكون)) ...الخ
واللافت كان استنكار الشاب بطريقة درامية على هذه النظرية بقوله :
((شو يعني من عنا ومن عندكون؟؟؟ هي سايكس بيكو تبعك إيمتى بدها تخلص ؟؟؟؟))
سايكس بيكو !!!!!
عند تلك الجملة تحديداً يعود بنا الزمن إلى الصف التاسع الإعدادي – كتاب التاريخ – درس اتفاقية سايكس بيكو.......
نعم إّنها تلك الاتفاقية التي بموجبها صارت كلّ دولة عربية مستقلة بذاتها وذواتها.
ونحن كجيل شاب لم يعش تلك الفترة التاريخية , من الواضح أنه يعيش فيما تبقى من سلبياتها اليوم .
وبالعودة إلى السيد سايكس و السيد بيكو, وإلى كلّ من يمثل فكرهما قلباً وقالباً في الداخل والخارج , نقول كما قال (وليم كارلوس وليامز) :
(( ظل الإنسان باقيا حتى الأن, لأنّه ومن فرط جهله, لم يكن قادراً على تحقيق رغباته ... والآن و قد بات قادراً على تحقيقها ,عليه أن يعيها جيداً أو يهلك )).