أنت وأنا أيها الســــوري
علي مخلوف.بلدنا
الفرز والتمايز والاختلاف كلمات لم نعتد سماعها في مجتمعنا، صحيح أنَّ الاختلاف نشاط ودليل صحة على ما يجري في المجتمع، لكن بشرط ألا يتحوَّل هذا الاختلاف إلى خلاف، ومن الطبيعي أن يطفو في هذه الفترة أناس كثر بصفات مختلفة، لكن القاسم المشترك بينهم هو أنهم أصبحوا كلهم سياسيين بامتياز، منهم مَن يؤيِّد ومنهم من يعارض، الأغلبية باتت تتحدَّث، ولا ضير بالحديث والتفاعل ما دام يخدم الوطن والشعب، لكن أن يكون الكلام أقرب للجدل منه إلى التفاهم فهذا ما لا يُطاق، وقد صحّت في مرحلتنا هذه مقولة أنَّ الحقيقي فينا صامت،
ولكن الاكتسابي ثرثار، طبعاً مع احترامنا لكلّ من يتكلم، فنحن بحاجة إلى من يكون منبراً ويتكلم، لكن أن يكون منبراً وطنياً جامعاً موحداً يقرب وجهات النظر، فمن أنت أيها المختلف معي سوى أخي وشريكي بالوطن، من أنت سوى من يحمل همّي وأحمل همه، الحوار هو ما نبتغيه، لا الخوار، ثقافة قبول الآخر لا ثقافة الحواجز والحجارة والعصي والقناصات، والاحتقان، سمعنا بما يُسمّى «مؤتمر الإنقاذ الوطني» الذي انتقده معارضون قبل غيرهم، سمعنا عنه وعن الانقسامات الحاصلة أثناء انعقاده، وطبعاً من أحد أسباب الانقسامات سبب قومي عرقي، فهل هذا ما نريده؛ أن تكون الأسباب عرقية أو دينية؟ هل هذه الحريات والديمقراطية التي ستحوِّل سورية إلى بلاد راقية، ومتى كان الدين والعرق أحد أسباب التطور إن تغلغل في مجتمع ما بشكل متطرف؟ وهل سنرى كل عرقية أو طائفة تطالب باسم جمهورية لسورية بحسب انتمائها؟،
ألم يحن الوقت لتغليب منطق العلمانية والهوية السورية على كل هذه الأفكار البالية التي تركها الغرب وأوروبا التي تدعم من تدعم في الداخل؟ أم هل يريد بعضهم إسقاط تجربة أوروبا في العصور المظلمة على سورية أيام كان رجال الدين ومؤسساتهم يحكمون كل شيء باسم الرب؟..
أنا وأنت سوريان، دمنا واحد، وعرضنا واحد، وهمنا واحد، ومصيرنا واحد، وتاريخنا وثقافتنا وعاداتنا واحدة، فهل سننسف ما عشناه مئات السنين وأكثر في لحظة فورة دم؟
يقول «جبران»: «أنت أعمى، وأنا أصم أبكم، إذاً ضع يدك بيدي فيدرك أحدنا الآخر»..