أهالي الغجر سوريون بجنسية إسرائيلية في لبنان

على الرغم من أن المطلب اللبناني بانسحاب إسرائيل من بلدة الغجر اللبنانية ليس بجديد، فإنه من شأن تنفيذ هذه الخطوة في المدى القريب أن يثير الكثير من الإشكاليات على المستوى القانوني والمدني ، انطلاقا من أن سكان البلدة هم من غير اللبنانيين ويحملون الهوية السورية، بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية التي فرضت عليهم في مرحلة لاحقة.

في ظل قرار الحكومة الإسرائيلية الانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر، يبدو ان سكانها يرفضون اي تقسيم لها واعتبروا انهم ضحية اختلاف الدول، علمًا ان قرية الغجر كانت تعرف بأسماء كثيرة في السابق منها طرنجه، المثلث، وهي أسماء عدة لانتماء واحد. انتماء للزمان والمكان والتاريخ والكيان الموحد.

هذه القرية التي اكتسبت اسمها من الأكراد الذين سيطروا على أراضيها قبل 200 عام، بأمر من الباب العالي العثماني، هاجر إليها أهلها من أبناء الطائفة الإسلامية "العلوية" من شمال سوريا أيام السلطان العثماني سليم الأول، بعد معركة مرج دابق التي وقعت قرب حلب عام 1516 بين دولة المماليك والعثمانيين. سكان القرية سكنوا منطقة الجولان، وأقاموا ثلاث قرى هي: زعورة، عين فيت، وطرنجة (الغجر).

ذاق أهالي قرية الغجر الأمرين أيام الاحتلالين التركي والفرنسي لسوريا، إسوة بباقي سكان المنطقة.

 خير الأهالي في استفتاء عام 1932 بين الجنسيتين اللبنانية والسورية، فاختاروا السورية، وألحق الجزء الذي يقيمون عليه بسورية، وعرفت باسم الغجر السورية. وبقيت الأراضي الواقعة خارج البلدة ضمن السيادة اللبنانية. ومع الاحتلال الإسرائيلي لاحقا، احتلت الغجر ثم الأراضي اللبنانية، وتوسعت البلدة مع بناء الأهالي منازلهم على ملكيات فردية تعود لهم وأخرى ملك للدولة اللبنانية ولأفراد لبنانيين».

وبعدما ضمت إسرائيل هضبة الجولان بقرار انفرادي ولا تعترف به الأسرة الدولية في مطلع الثمانينيات، فرضت الجنسية الإسرائيلية على أبناء هذه القرية، ورفض سكان القرية التقسيم الذي فرضته الأمم المتحدة لأراضي قريتهم كما رفضوا القرار الإسرائيلي بالتقسيم. وشن أبناء القرية حملات إعلامية طالبوا فيها ببقاء القرية موحدة واعتبار أن الخرائط التي استندت إليها الأمم المتحدة في ترسيم "الخط الأزرق" غير صحيحة.

ويقول أحد سكان القرية ان الإسرائيليين يتعاملون معهم كأنهم ليسوا بشرًا أصحاب حقوق. وقال آخرون ان إسرائيل تفرض عليهم الضرائب لكنها لا تحاول الاعتناء بمصالحهم. وهدد بعضهم بالتصدي بأرواحهم لأي محاولة لتقسيم القرية التي "مصيرها من مصير الجولان".

ويشير أهالي القرية إلى أن ما يشهدونه اليوم سبق وشهدوه قبل عقد من الزمان عندما أخلت إسرائيل الجنوب اللبناني. وقالوا انهم سبق وأحبطوا مؤامرة تقسيم القرية في الماضي وإنهم سيحبطونها حاليًا.

ويوضح  الخبير العسكري والعميد المتقاعد أمين حطيط لـصحيفة «الشرق الأوسط» أن إسرائيل «بالتزامها بتنفيذ القرار 1701 في العام 2006 وافقت ضمنيا على الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة ومن بينها الغجر، ومرت 4 سنوات من دون أن تنفذ ذلك». وأشار إلى أن «اللافت هو ما تسرب بشكل جانبي عن طبيعة الانسحاب فيما لو تحقق»، ولخصها في 5 نقاط قال إنها «خطيرة جدا»، وهي: «الأولى تنص على امتناع الجيش اللبناني و«اليونيفيل» عن الدخول إلى الغجر، وتمنع الثانية إقامة جدران أو شريط شائك يفصل جزأي البلدة على أن يبقى للفريقين حرية التنقل. وتبقي النقطة الثالثة إسرائيل هي المسؤولة عن تقديم الخدمات للأهالي على أن يدفعوا الرسوم والضرائب لها، فيما تشترط الرابعة أن يتولى الأمن عناصر من الأهالي يتبعون للبلدية بإشراف إسرائيلي. ويمنع أي لبناني، بموجب النقطة الأخيرة، من الدخول إلى الغجر على أن تتولى (اليونيفيل) المنع بإقامة سور أمني خارج البلدة».

وبالتالي، فإن الخيارات المتاحة أمام سكان الغجر، وفق حطيط، هي إما تسوية أوضاعهم والخضوع للسيادة اللبنانية على أراض لبنانية، وإما تركها. وفيما يتعلق بالإشكالية الناجمة عن كون السكان غير لبنانيين ويحملون الجنسية الإسرائيلية إلى جانب هويتهم السورية، لفت حطيط إلى أن «الجنسية الإسرائيلية فرضت على أهل الغجر بالقوة، ولم تسقط سورية عنهم جنسيتها، وبالتالي على لبنان أن يتعامل معهم حتما على أساس أنهم مواطنون سوريون بعد أن يكونوا قد تخلوا طوعا عن جنسيتهم الإسرائيلية».

 

 

 

وكالات