أوباما واثق من أن القذافي سيتنحى ويلمح لتسليح الثوار

 

اعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن اقتناعه بان الزعيم الليبي معمر القذافي سيرضخ "في نهاية المطاف" للضغوط العسكرية والدبلوماسية على نظامه وسيتنحى عن السلطة ولكنه لم يستبعد تسليح المعارضة في حال لم تضعف العمليات الجارية النظام الليبي بما فيه الكفاية.

وفي مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية "ان بي سي"، قال اوباما ان العملية العسكرية التي انطلقت ضد النظام الليبي من قبل الائتلاف الدولي والتي قدمت فيها الولايات المتحجة قوتها النارية "جعلت القذافي في موقع الدفاع".

واضاف "بالاضافة الى فرض منطقة حظر جوي وحماية المدنيين، توجد بتصرفنا وسائل سياسية ودبلوماسية وعقوبات وتجميد ودائعه بالاضافة الى عناصر ستواصل خنق" نظام القذافي.

وتابع "اذن، بفضل هذه الضغوط القوية، ليس فقط العسكرية "..." نتوقع ان يتنحى القذافي في نهاية المطاف عن السلطة".

ومن جهة اخرى، لم يستبعد الرئيس الاميركي تسليح الثوار الليبيين، مشيرا في الوقت نفسه الى انه يجري حاليا اعداد تقييم لميزان القوى بين الثوار وقوات العقيد معمر القذافي.

وردا على سؤال حول امكانية تزويد الولايات المتحدة الثوار الليبيين بالاسلحة، اجاب اوباما "لا استبعد ذلك، ولكن لا اقول ايضا ان هذا الامر سيحصل".

واضاف "ما زلنا نقيم ما يمكن ان تقوم به كتائب القذافي. لقد مرت تسعة ايام على بدء" التحالف الدولي عملياته العسكرية في ليبيا، مشيرا الى انه في حال ضعفت هذه الكتائب كثيرا فان تسليح الثوار قد لا يكون عندها ضروريا.

وتابع "لكن لا استبعد شيئا حاليا". واجرى الرئيس الاميركي مقابلات مع ثلاث محطات تلفزيونية "ان بي سي وسي بي اس واي بي سي" غداة خطاب خصصه لليبيا وبرر فيه قراره بالتدخل في هذا البلد واكد ان هذا التدخل "حال دون وقوع مجزرة". وحذر بالوقت نفسه من حصول تدخل مباشر في ليبيا للاطاحة بنظام القذافي مذكرا ب"الخطأ" الجسيم في الارواح والميزانية الذي تسبب به غزو العراق عام 2003 للاطاحة بصدام حسين.

وفي مقابلته مع محطة "اي بي سي"، اشار الرئيس الاميركي الى ان المحيطين بالقذافي ونظرا الى الضغوط الحالية على النظام قد يتخلون عن القائد. وقال "ما نعمل عليه هو ان تفهم دائرة المقربين من القذافي ان الخناق يشتد وان ايامهم اصبحت على الارجح معدودة وانه يتوجب عليهم التفكير بما سيفعلونه بعد قليل".

وردا على سؤال المعارضة وخصوصا حول امكانية تسلل عناصر معادية للمصالح الاميركية الى ليبيا، اكد اوباما ان قادة الثوار الليبيين الذين التقوا مسؤولين اميركيين ومنهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون اكدوا ثقتهم بالامر ولكن دوافع واهداف بعض المجموعات ما زالت غير واضحة.

وفي مقابلته مع محطة "سي بي اس"، قال اوباما "هذا هو السبب الذي من اجله افكر بانه من المهم لنا عندم الغطس في الماء بدون تفكير. يجب ان نأخذ بالاعتبار وبحذر اهداف المعارضة".

وفي نيويورك، اعتبر الرئيس الاميركي الثلاثاء خلال تدشين مقرات جديدة للبعثة الاميركية لدى الامم المتحدة ان معالجة الملف الليبي خلال الاسابيع الماضية كان مثالا على الطريقة التي "يجب ان تعمل" بموجبها الاسرة الدولية.

وقال "حاليا، في ليبيا، نظهر ما هو ممكن عندما نجد الشجاعة وعندما نقوم بواجباتنا وعندما نكون موحدين".

 من ناحية اخرى قال مركز أبحاث بريطاني إن المعارضين المسلحين في ليبيا ليسوا متشددين معادين للغرب كما يقول الزعيم الليبي معمر القذافي لكن احتدام الاضطرابات وقتل مدنيين على أيدي القوات الغربية قد يساعد تنظيم القاعدة على أن يكون له موطىء قدم.

وقالت جماعة كويليام المتخصصة في دراسات الإسلاميين في تقرير إنه بينما توجد في ليبيا جماعات جهادية إلا "أنها ليست بأي حال قوية أو منتشرة كما يزعم نظام القذافي."

وأضافت قائلة "من الواضح كما يقال أن انهيار سيطرة الحكومة الليبية في مناطق كثيرة من ليبيا مصحوبا بالقتال المستمر في مناطق عديدة يعطي الجهاديين والإسلاميين المتطرفين مجالا أكبر من أي وقت مضى للعمل في ليبيا."

وقالت الجماعة إن كمية الأسلحة التي أصبحت متاحة في ليبيا نتيجة للحرب أصبحت سببا حقيقيا للقلق.

ولا يأخذ أي مسؤول غربي مأخذ الجد زعم القذافي بأن القاعدة أطلقت الانتفاضة الليبية لكن هناك مؤشرات متزايدة إلي قلق بين الحكومات الغربية من أن المقاتلين الإسلاميين ربما يعملون مع قوى المعارضة.

وقال الأميرال جيمس ستافريدس القائد الاعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا وقائد القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية يوم الثلاثاء إن معلومات المخابرات عن المعارضة المسلحة أظهرت "دلائل" على وجود للقاعدة أو جماعة حزب الله لكن لم تتضح بعد صورة مفصلة للمعارضة الليبية الناشئة.

وقالت كويليام إنه في حين ان صورة نشاط الإسلاميين في الانتفاضة الليبية غير كاملة إلا أنه من المعتقد أن معظم مجتمع الجماعات الإسلامية المسلحة السابقة في ليبيا تدعم قيادة المجلس الوطني المعارض الذي يطلب مساعدة من الغرب.

وأحد المشاركين في إعداد التقرير هو نعمان بن عثمان وهو زعيم سابق في الجماعة الليبية المقاتلة التي شنت تمردا مسلحا فاشلا ضد حكم القذافي في التسعينات.

ويقدم التقرير قائمة بعدة جماعات إسلامية متشددة وتفاصيل عن قدرتها على كسب اتباع في ليبيا.

ولا يوجد لكبار زعماء القاعدة سوى القليل من الأعضاء العاملين في ليبيا إذا كان لديهم أعضاء على الاطلاق. وللتغلب على هذه المشكلة أصدرت القاعدة بيانات بشأن ليبيا في محاولة لدفع الليبيين إلى انشاء تنظيم محلي لهم يكون جناحا للقاعدة.

وأحد المتحدثين هو عطية الله وهو ليبي وعضو في القاعدة منذ 1989 ومقيم في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية.

ويرى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي -ذراع القاعدة في منطقة شمال أفريقيا- في عدم الاستقرار في ليبيا فرصة لنقل عناصر نشطة إليها. وانضم نحو 40 ليبيا إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي خارج ليبيا في السنوات القليلة الماضية رغم ان قيادة الجماعة ما زال يهيمن عليها اشخاص غير ليبيين.

وقالت كويليام إن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أرسلت في أوائل يناير كانون الثاني عضوين ليبيين إلى ليبيا من شمال مالي عن طريق جنوب الجزائر.

ووصل العضوان إلى بلدة الغات في جنوب غرب ليبيا في 15 يناير كانون الثاني وشاركا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن المحلية وقتلا شرطيا قبل مقتلهما في أول عملية مسلحة معروفة في ليبيا.

وزادت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من مشاركتها بعد الانتقاضة التي اندلعت في منتصف فبراير شباط وبثت تسجيلا مصورا دعائيا يظهر إرسال التنظيم أربع سيارات جيب محملة بالأسلحة إلى ليبيا.

وترفض الجماعة الليبية المقاتلة التي كانت أكبر الجماعات الجهادية في العالم العربي مفهوم الجهاد العالمي الذي تتبناه القاعدة وتركز بشكل أساسي على إقامة دولة إسلامية في ليبيا.

لكن الحركة جرى سحقها إلى حد كبير في الاعوام الاولى من الالفية الجديدة. وأعلنت القاعدة اندماجا معها في أواخر 2007 لكن الجماعة الليبية رفضت الخطوة وشرعت في عملية مصالحة مع الحكومة الليبية والتي انتهت بحل الجماعة الليبية نفسها في منتصف 2009 .

وقالت كويليام إن اعضاء سابقين بالجماعة الليبية المقاتلة يشاركون سياسيا في الانتفاضة وان بعضهم يقاتلون ضد القذافي.

ومن المحتمل ان يدفع استخدام المجتمع الدولي الهجمات الجوية بعض أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة السابقين إلى أن يتبنوا من جديد أيديولوجية متشددة خصوصا إذا احتضنتهم القاعدة.

وقالت كويليام إن ليبيا موطن لعدد كبير من المتشددين الذين تبنوا العنف بشكل مستقل عن أي جماعة إسلامية معروفة. ومدينة درنة في شرق ليبيا الذي تسيطر عليه المعارضة هي مركز لمن يطلق عليهم المتشددون الذين يبدأون نشاطهم بأنفسهم.

ووفق "سجلات سنجار" وهي قائمة للقاعدة بالمقاتلين الأجانب في العراق إن عدد الجهاديين الأجانب الذين سافروا إلى العراق من درنة يفوق أي جهاديين من أي مدينة أخرى في العالم.

واعتقل كثيرون ممن حاربوا في العراق لدى عودتهم ثم أطلق سراحهم في وقت لاحق بشرط أن ينبذوا العنف. ولا يعرف عدد الآخرين الذين عادوا ولم تكتشف الحكومة الليبية عودتهم.

وتعد مخابئهم وأنشطتهم أحد العوامل الرئيسية غير المعروفة في الحرب الليبية.

من جهة اخرى رأى محللون انه إذا كان المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي عقد الثلاثاء في لندن يهدف في المقام الأول إلى التأكيد على وحدة الهدف بين الدول المعنية بالصراع، فمن الممكن اعتبار أنه قد نجح في تحقيق هذا الهدف.

على الأقل،على الصعيد الإلزامي.. "فالصورة الجماعية" التي تسجل الحدث الذي نظم على عجل، كان معظم المشاركين الذين تجاوز عددهم أكثر من 40 شخصا يبتسمون فيها.

وبالنسبة للمنظم الرئيسي للمؤتمر وهو وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، فمن المرجح أنه يشعر بالارتياح بدرجة كبيرة لأنه تمكن أن يعقد المؤتمر الذي لم يعلن عنه إلا نهاية الأسبوع الماضي.

وغاب عن الصورة محمود جبريل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي،الذي يعتقد الغرب أنه يمكن التعامل معه بعد الرحيل الذي يرغبون فيه للزعيم الليبي معمر القذافي.

ولكن بشكل غير رسمي، كان جبريل نجم العرض، فعلى هامش المؤتمر ، وليس خلال المؤتمر نفسه الذي عقد في قصر لانكستر هاوس ، أجرى محادثات مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون وهيج ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزيري خارجية ألمانيا وفرنسا.

وكان هناك نوع آخر من الرمزية، تمثل في عدم وجود روسيا،التي لم تساند الضربات الجوية التي أقرتها الأمم المتحدة لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا، ولم توجه إليها دعوة إلى مؤتمر الدول الداعمة. وعشية المؤتمر، انتقدت موسكو التحالف الدولي الذي يقصف النظام الليبي لأنه "تجاوز أوامر تفويضه" وقام بـ"تدخل عسكري غير مصرح به".

كما شعر بعض المشاركين في مؤتمر لندن ببعض القلق إزاء التقارير الواردة من ليبيا والتي أشارت إلى سقوط مدنيين في الغارات الجوية الأخيرة لقوات التحالف ولتقارير أشارت إلى أن تقدم الثوار في الأيام القليلة الماضية قد توقف.

إلا أن بريطانيا أعلنت هي والدول الرئيسية الأخرى المشاركة في العملية العسكرية التي تستهدف حماية المدنيين في ليبيا، أنها تشعر بالرضا عن "رسالة الوحدة" التي قدمها المؤتمر بعد البداية المتعثرة بشأن التدخل والتي هدأت مع تولي حلف شمال الأطلسي "ناتو" السيطرة الكاملة على الحملة في ليبيا.

كما أصرت أيضا أنه تم إحراز تقدم في معالجة مسألة الاحتياجات الإنسانية للشعب الليبي وإطلاق عملية انتقال سياسي نحو مستقبل أفضل على المدى الطويل لليبيا "ديمقراطية".

ومع ذلك، يرى محللون أن التقدم الذي أحرز محدود ، إذا كان الهدف من مؤتمر لندن هو التحرك نحو "إنهاء اللعبة" في ليبيا، والتي تشمل تصور أو تمكين رحيل القذافي.

وقال فواز جرجس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن المؤتمر قد فشل في منح القذافي "مخرجا" وطمأنة أنصاره أنه لن يلحق بهم ضرر نتيجة لذلك.

وأوضح جرجس :"ربما يكون المؤتمر قد حقق وحدة دولية لكنه افتقر إلى أفق سياسي.. الحقيقة هي أن الأفق السياسي فقط هو الذي يمكن أن يوفر للقذافي مخرجا".

ووصف الحديث عن تسليح الثوار الليبين،وهي القضية التي طرحت خلال المؤتمر ، على الرغم من أنها لم تكن مدرجة رسميا على جدول الأعمال ، بأنها "صب البنزين على نيران نظام القذافي".

 

شام نيوز - وكالات