أول الخيبــة.. التــذمر..!! ...... الثورة


 
   

كثيرون يبدون تذمراً واضحاً، لأن ما كانوا يخططون له في سورية لم يحقق مراده.. وهو تذمر بدأ يخرج إلى العلن بعد أن ظل حبيساً في صدور الكثيرين ممن راهنوا على أن الأمر محسوم في ذلك الاتجاه منذ البداية.

بعض أولئك وصل به الأمر إلى إعلان غضبه وبوضوح، بل صبه على محدودية من اعتمد عليهم كأدوات لتنفيذ مآربهم، وبعض الدول والقوى التي وضعت ثقلها لم تخفِ خيبتها.. بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين لمحت إلى إعادة النظر في الكثير من الاعتبارات.‏

الواضح أن الأمر لا يزال في بدايته.. والمؤشرات ليست أكثر من توطئة متواضعة لما سيتكشف بعد حين، خصوصاً ما يتعلق بسقف المراهنات المبالغ فيها.. وبعتبات الوعود التي أطلقت.‏

لكن في المبدأ.. ثمة حقائق تطفو على السطح لابد من التعاطي معها على المستويين الداخلي والخارجي.. بعضها يصلح هنا وهناك، وبعضها الآخر موجه بذاته إلى هذا الطرف أو ذاك.. وهو بالتأكيد لا يمكن تعميمه لأسباب تتعلق بالاعتبارات التي دفعت ذلك الطرف الى هذا الموقف.‏

فحصيلة هذا التهويل السياسي والإعلامي والانجراف في مواقف بعض الدول والأطراف، كانت الخروج عن نطاق الشرعية الدولية، وممارسة أدوار تجاوزت في حدها الأدنى الأسس المتعامل بها دولياً.‏

وحصيلته أيضاً أنه استخدم للتحريض الداخلي، وكان أداة استقواء واضحة حرّكت نيات البعض وغررت به ودفعته نحو ممارسات وصلت سقوفاً غير مسموح بها، وتجاوزت عتبات فاجأت الكثير من السوريين، بل كانت بمنزلة صدمة حقيقية حين مارست طقوساً غريبة عنهم..‏

في التوصيف.. هذا عدوان صريح في اتجاهين، الأول من خلال تجاوز العقد القانوني للعلاقات بين الدول والثاني عبر التدخل المباشر في الشؤون الداخلية..‏

وفي تفاصيله أنه استكمال لحلقات الاستهداف، ومحاولة لإحياء تاريخٍ من الأطماع والرغبة في العودة إلى الاستعمار بأشكال ونماذج مختلفة.. وهو أمر لم يكن غائباً عن الادراك، لكنه في انجرافه وتعاطيه المباشر وبهذا الأسلوب الفج، ربما كان مفاجئاً للبعض.‏

ومع ذلك المسألة لم تتوقف هنا.. والتذمر ليس أكثر من المقدمة الأولية التي تخفي خلفها الكثير من التداعيات، خصوصاً مع تطورات وأحداث لن تركن إلى ما هو راهن.. بل تمتد إلى عمق القادم، بحكم أن الكثير من العوامل التي كانت تضبط العلاقات الدولية قد تعرضت إلى اهتزازات عميقة، وستتولد عنها تموضعات جديدة تقود بالضرورة إلى الاستغناء عن الكثير من المسلمات.‏

ليست المرة الأولى التي تخطئ فيها حساباتهم تجاه سورية.. ولا هي المحاولة الأولى التي تفشل.. لكن سقف العدوانية كان مرتفعاً أكثر من أي مرة مضت.. وعتبات الاستهداف كانت مؤذية لكل سوري.. وجارحة لأحاسيسه ومشاعره.. بعضها على الأقل كان بغيضاً إلى حد لا يوصف.. وبعضها الآخر كان يتعمد الاساءة لسورية وشعبها.. لوجودها.. وحضورها الإنساني وتاريخها.‏

وهذه ليست سوى عينات صغيرة مما تركته من ترسبات، لا يمكن لأي سوري أن يتجاهلها أو يتناساها.. حدود الألم التي تسببت به يفوق أي عدوان آخر.. ومساحة الأذى كانت أكبر من كل الحلقات التي سبقتها.‏

أول الخيبة تذمر.. وبداية الفشل التلميح أو التصريح..‏

تذمرهم نعرف أسبابه، وهم أيضاً.. تلميحاتهم تُقرأ جيداً.. تصريحاتهم - وهي تُظهر الخيبة - نعرف جميعاً دلالاتها.. ومع ذلك نوقن كسوريين أن الجعبة لم تفرغ بعد.. لم تنتهِ.. ومحاولاتهم لن تتوقف هنا.. لكن كما في كل الجولات السابقة.. لنا موقعة أخرى لنكون أكثر قوة وأكثر منعة ومشروعنا الإصلاحي الذي انطلق سيواصل خطه التصاعدي.. وقد بدأت مفاعيله تترجم على الأرض.‏

 

بقلم: علي قاسـم