أيها الورثة.. توقفوا عن ترويعنا!

 

تيسير أحمد- شام نيوز

 

بدعة جديدة ظهرت في حياتنا العربية منذ سنوات، والمقصود ظهور الورثة كقوة "لوبي" مدعوم من تفسير حرفي جامد لبعض نصوص القانون ضد الإبداع والمبدعين، وليس المقصود هنا ورثة منصور الرحباني وما فعلوه بفيروز، فهذا الأمر تحول إلى قضية رأي عام، إذ ظهرت حملات شعبية وإعلامية تدعو لرفع يد الورثة عن صوت فيروز.. والحق يقال إنها حملات محقة تعيد الاعتبار للفن في زمن طغيان القيم الاستهلاكية.

ولكن المقصود في هذه المقالة هو الأخبار التي تحدثت عن محاولات أبناء وأحفاد بعض الشخصيات العامة في مصر إيقاف عرض مسلسلات حول هذه الشخصيات عرضت في رمضان، مثل حسن البنا وشيخ العرب همام.

والحق أن هذه الظاهرة بدأت بالانتشار مع ورثة نزار قباني وورثة أسمهان في سورية، وورثة بعض شيوخ عشائر الجزيرة العربية قبل عامين وأكثر.

وكل ذلك بدعوى أن المسلسلات تسيء للشخصيات المتناولة، وأن سيرة شيخ العرب همام أو حسن البنا أو غيرهم من الشخصيات العامة ينبغي أن تقدم وكأنها سير أنبياء معصومين لا يأتيهم الباطل من أمامهم ولا من خلفهم. حتى وإن اعتمد كاتب السيناريو على مذكرات بعضهم الشخصية التي كتبوها بخط يدهم.

لقد أصبح الكاتب أكثر حذراً في التعامل مع سير الشخصيات العامة، وخصوصاً الشخصيات التي لها ورثة، وقد اضطر كاتب صديق لتحوير بعض الوقائع، أو التغاضي عنها بسبب خشيته من تحرك الورثة ضده. وهذا افقد عمله كما قال لي بعض الحرارة وجعل بعض الوقائع غير منطقية.

يبدو أن مفاهيم الورثة والوراثة تختلف عندنا عنها في العالم الغربي الذي ابتكر هذه التقليعة، لأسباب اقتصادية بحتة، تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، وتتركز في عائدات كتب أو إبداعات الفنانين والأدباء والمبدعين، وهو نشاط اقتصادي بحت لا علاقة له بسمعة هذا المبدع أو ذاك، أو هذه الشخصية العامة او تلك.

لم أسمع يوماً بأن ورثة الرئيس كندي احتجوا على هوليود أو قنوات التلفزة الأميركية لإنتاجهم برامج أو أفلام تتحدث عن خفايا وأسرار اغتيال الرئيس الأميركي، على الرغم من أن بعض هذه الأفلام وصل إلى استنتاجات خطيرة حول حياة الرئيس كندي الشخصية، مثل علاقته السرية بمارلين مونرو مثلاً، أو ضلوع جهات أميركية داخلية في عملية الاغتيال.

ولم أقرأ يوماً خبراً أو مقالاً يحتج فيه ورثة الموسيقي العالمي بتهوفن على فيلم تطرق لحب محرم بين بيهوفن وزوجة شقيقه.

ينبغي أن يدرك الورثة أن مفهوم الشخصية العامة يخرجها من علاقاتها الأسرية الضيقة، فلم تعد شخصية نزار قباني  حكراً على ورثته فقط ، بل هو شخصية عامة تعني كل السوريين والعرب على قدم المساواة مع أسرته. والأمر ينطبق على الشاعر محمود درويش الذي نستعد لمشاهدة مسلسل عن حياته في موسم رمضان القادم.  

شيخ العرب همام ملك لكل المصريين والعرب، وأسمهان رمز عربي يسمو على الانتماء العائلي، وفيروز اكبر من أي عائلة حتى وإن كانت بحجم عائلة الرحباني.