إعادة تصحيح المفاهيم

بسام هاشم - البعث
رسائل كثيرة سوف يبعث بها السوريون غداً في ذهابهم الى صناديق الاقتراع لعل أبلغها، في زحمة المسميات والاصطلاحات، هي أن الحراك الحقيقي إنما يصنعه الملايين الذين سيدلون بأصواتهم في وضح النهار، وليس أولئك الأشباح الملثمون الذين يجتمعون في الأزقة والزواريب ويحتشدون في مساحة ضيقة ويعرفون أنفسهم أمام الكاميرات المجهولة -بلا ملامح -بأنهم معارضون للنظام.
ولعل من أبلغ هذه الرسائل أيضاً هي أن من سيحدد مستقبل سورية هو «إنسانها السياسي»، لا الخارجون على القانون ولا رجال العصابات، وأن إرادة العيش المشترك والثقة بالقدرة على الإصلاح، ودعم برنامج الإصلاح الذي يقوده السيد الرئيس بشار الأسد، هو الذي سيحكم خيار السوريين، وليس رهانات التقسيم والتفتيت، ولا دعوات التدخل الخارجي..
غداً سوف يسدد الوطنيون السوريون، موالاة ومعارضة، ضربة قوية في وجه الإرهاب، وسوف يؤكدون بحزم أن أوراقهم الانتخابية هي التي تصنع الشرعية الحقيقية، لا المستوردة، وأن احترام الدولة والمؤسسات، وليس استحضار أجندات خارجية للفوضى والخروج عن النظام العام، هو التعبير الأصيل عن استقلالية القرار.. قرار النهوض بسورية الوطن والملاذ، وقرار استكمال عملية البناء.
إنها أيضاً فرصة لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي جهد الكثيرون لتكريسها عبر حملات التضليل والافتراء والكذب المتواصلة منذ أكثر من عام، فرغم الظروف الأمنية الصعبة، ورغم العقبات التقنية التي يمكن أن تبرز هنا أو هناك، ورغم استشراس المجموعات الإرهابية المسلحة لخلق وقائع على الأرض من شأنها إلغاء الانتخابات، إلا أن أحداً لا يستطيع نكران حقيقة أن الانتخابات ستجري في موعدها، بعيداً عن الاتهامات المضللة بمحاولة شراء الوقت، وفي تأكيد حاسم على جدارة وأهلية «النظام» على قيادة عملية الإصلاح نحو بر الأمان.
إن مجرد الاحتكام الى صناديق الاقتراع إنما يعني الانتصار للتعددية والقبول بالاختلاف، ولكنه أيضاً تجديد للثقة بالثوابت الوطنية والقومية التي صنعت الخصوصية السورية على امتداد عقود من المواجهة والممانعة والتمسك بالقرار المستقل.. سيؤكد السوريون أنهم ليسوا بصدد التنازل عن مكانتهم ودورهم وأن مشاركتهم إنما تندرج في إطار إعادة صقل تطلعاتهم وأهدافهم في مناخ سياسي جديد عنوانه الشفافية والحرية والمزيد من الانفتاح.
يمضي السوريون لانتخابات مجلس الشعب على أساس قبول قواعد اللعبة الديموقراطية التعددية، يدركون أنهم بصدد خطوة إضافية على طريق الخروج من الأزمة وإزالة آثارها، ويؤكدون أن من غير المسموح اختطاف أنموذجهم في التطلع الى بناء المستقبل، وتحت أي شعار كان. إنهم أكثر من يستوعب معنى الحرية والسيادة وقيادة الذات، ولن يتركوا لحفنة من الطامعين والمتربصين والمتطاولين والمتآمرين، أن يأخذ بهم الظن أن سورية يمكن أن تصبح يوماً خارج صناعة القرار.