إنها المؤامرة

 

ديانا  جبور. بلدنا

 

لعلَّ العنصر الخارجي يكون أهمّ العناصر التي تنبني عليها نظرية المؤامرة حيثما تجلَّت. وقد سبق للعرب عموماً أن ألقوا اللوم على الموالين الفرس، ثم المغول والتتار، فالأتراك؛ لتبرير مشكلاتهم التي تفاقمت مع الاحتلال الأوربي، ثم الهيمنة الأمريكية.. مع أنَّ هذه الهيمنات المتعاقبة، لم تكن سبباً بقدر ما كانت نتيجة، لكنَّ الإحالة إلى عنصر خارجي يحقّق فائدة مزدوجة: أولها أنه لايستلزم تقديم إجابات واقتراحات بقدر ما يعيد طرح الأسئلة ذاتها؛ ما يعني أننا نظلّ في حالة المراوحة،

 

 

في الوقت الذي يكون فيه الآخر (المتّهم) في حالة إنجاز وتقدّم وتسجيل المزيد من النقاط.
الفائدة الثانية أنها تحقّق حالة طهرانية منزِّهة للداخل عن كلّ ما يعتوره من إخفاقات؛ ما يزيد من ازدواجية مرضية تتعاقب عليها حالتا العجرفة والخضوع.

 
من أشكال المؤامرة، التي استعذبنا ترديدها دون فعل من جانبنا، أنَّ هناك مؤامرة كونية على الإسلام، وبدلاً من التصدي لمهمة النهوض بالأمة الإسلامية صرنا نبحث عمن نحمّله مسؤولية التردّي الذي وصلنا إليه. وهذا درب سلكناه، لكنه تكشَّف عن متاهة تعذّر الخروج منها، بما يشبه حالة استعصاء فرضت المزيد من التشدّد والتطرّف، اللذين خدما، في المحصلة، مخططات علنية للتسيّد والهيمنة علينا.

 

إنَّ الإصرار على منطق المؤامرة يعني، في منطق التاريخ، تفاقماً للمشكلات ومضاعفةً للتحديات الداخلية منها والخارجية.

 


فارق ما بين المؤامرة والمخطط، الذي قد تكون المؤامرة إحدى مفرداته؛ فإن تمَّ الانشغال بالمؤامرة عن المخطط ساد التطرف في ردود الأفعال دون الحلول الهادئة والجذرية.


المؤامرة، في البداهة، سرّية؛ فإن تكشَّفت الخيوط، ومع ذلك استمرّت الفاعلية، يعني أننا أمام مخطط يحتاج إلى العمل على أكثر من جبهة، ولاسيما الداخلية؛ الخاصرة التي يمكن أن تتسلَّل منها المؤامرة، كما ردود الفعل العنيفة والمتطرفة تجاهها.