اتفاق وشيك بين إيران ومجموعة "5 زائد واحد" يصيب إسرائيل بالهستيريا

مع تواتر الأنباء من العاصمة السويسرية جنيف عن قرب التوصل إلى اتفاق بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد حول الملف النووي الايراني تصاعدت حدة التصريحات الاسرائيلية الرافضة لمثل هذا الاتفاق والمحرضة على عدم التوصل إلى تفاهم بين المتحاورين.
ومع كل تصريح جديد لأحد المشاركين في المفاوضات حول قرب التوصل إلى اتفاق يزداد غضب المسؤولين الإسرائيليين ليتحول الي هستيريا تظهر من خلال التصرفات والمواقف الانفعالية لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن في آخر تصريح له اليوم أن "حكومته ستقوم بكل شيئ لاقناع القوى الكبرى بتجنب ما وصفها بـ"الصفقة السيئة" مع إيران" في تعبير واضح عن مقدار ما تحس به إسرائيل من خطر على مكانتها في المنطقة في حال اعترف العالم بالقوى الأساسية فيها كون ذلك يخفف من حالة الاحتقان التي تعيشها منطقتنا على مدى عقود ويظهر الحجم الحقيقي لاسرائيل.
والمضحك المبكي ان اسرائيل لم تجد من يتساوق معها في هذا الموقف الرافض للاتفاق الوشيك الا مشيخات النفط وعلى رأسها مشيخة آل سعود التي أصيبت بحالة من السعار خشية ان تجد نفسها أمام الواقع لأول مرة منذ عقود وتنكشف أمام مواطنيها بان بناء الدول لا يتم باستئجار القواعد الأمريكية بل من خلال التنمية الذاتية وهو ما لم يحصل ولا يتوقع احد حصوله في السعودية في ظل حكم الملوك.
وبالعودة لإسرائيل فقد سبق لنتنياهو ومسؤولين آخرين أن شنوا حملة تحريضية واسعة لمنع التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الكبرى حيث دعا نتنياهو في كلمة له أمام الكنيست الاسرائيلي منتصف الشهر الماضي المجتمع الدولي إلى ابقاء "نظام العقوبات على إيران لارغامها على وقف برنامجها النووي" معتبرا أن "تخفيف العقوبات المفروضة على إيران سيكون خطأ تاريخيا على حد قوله".
في حين دعا وزير الاستخبارات الاسرائيلي يوفال شتاينتز الدول الكبرى إلى مواصلة الضغوط على إيران زاعما أن "هذه الضغوط هي التي تدفع إيران إلى السعي إلى التوصل إلى اتفاق في المفاوضات النووية".
ويشير المراقبون إلى أن الردود التي تلقاها المسؤولون الإسرائيليون من حلفائهم المشاركين في المفاوضات أظهرت أن هذه الحملات التحريضية لم تؤثر على صلب المفاوضات وحصول تقدم لافت في مسارها وهو ما أكده جون كيري وزير خارجية الدولة الحليف الأكبر لإسرائيل في تصريحات له أمس حيث نوه بـ"التقدم الذى تحقق" فى المفاوضات حول الملف النووى الإيرانى و"القرب من الوصول إلى اتفاق" دون أن ينسى طبعا كيل بعض الاتهامات التى لا أساس لها من الصحة لايران والتشكيك بسلمية برنامجها النووي والتأكيد على "أن بلاده عازمة على منعها من امتلاك اسلحة نوويةِ" على حد تعبيره وهو ما فسره البعض كمحاولة لإرضاء إسرائيل ولو عبر تصريحات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.
ويؤكد مراقبون أن هذه الحالة الهستيرية التي تعيشها إسرائيل نتيجة للتفاؤل الذي يخيم على أجواء المفاوضات في جنيف تعبر عن حالة من عدم القدرة على فهم أسباب التغير الذي طرأ على مواقف حلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة تجاه إيران وظهر بشكل واضح ومتسارع خلال الشهرين الماضيين عبر سلسلة الاتصالات التي أجراها المسوءولون الأمريكيون مع نظرائهم الايرانيين دون الرجوع إلى إسرائيل وأخذ مشورتها.
كما ينم الموقف الإسرائيلي بشكل أساسي وفقا للمراقبين عن عجز واضح عن استيعاب التطورات الاقليمية والدولية التي يعاني منه نتنياهو وحكومته وكيانه حيث باتت الوقائع تظهر أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والاقليميين عاجزون عن فرض رؤاهم ومشاريعهم على المنطقة وهو ما تجلى بشكل واضح في سورية حيث باتت هزيمة المشروع الذي يستهدفها منذ أكثر من عامين ونصف العام ويحمل بصمات أمريكية اسرائيلية وإقليمية وعربية قاب قوسين أو أدنى وذلك بفضل الصمود الأسطوري الذي أظهرته سورية قيادة وجيشا وشعبا ومساندة دول فرضت حضورها وتأثيرها على الصعيد الدولي كروسيا والصين وإيران.
يضاف إلى ذلك أن إيران استطاعت أن تفرض نفسها كمفاوض صلب يتمسك بحقوقه على الرغم من كل الضغوط التي مورست عليها سواء عبر العقوبات الاقتصادية أو عبر التهويل بشن عدوان عليها لتخرج من هذه المواجهة التي امتدت على مدى العقود الثلاثة الماضية لاعبا اقليميا بل دولي قوي ومؤثر لايمكن تجاهله في أي تسوية في منطقة الشرق الأوسط.
وبناء على كل ذلك يشدد المراقبون على أن إسرائيل اليوم تعيش أوقاتا عصيبة حيث ترى معظم مشاريعها في المنطقة وقد باءت بالفشل الذريع بينما يؤرقها الآن إمكانية التوصل إلى تفاهمات تزيل حالة الاحتقان والتوتر والاضطراب التي تعيشها المنطقة والتي ظلت هي مصدرها منذ نشأتها على يد القوى الاستعمارية الكبرى التي قدمت ومازالت تقدم لها كل أسباب البقاء لتظل عامل تهديد وزعزعة لأمن منطقتنا واستقرارها.