احتجاجات تركيا مستمرة......

اعتصم آلاف المتظاهرين مجددا   في ساحة تقسيم باسطنبول لليوم الثامن على التوالي مطالبين رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان بالاستقالة.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية إنه في تحد لدعوة اردوغان لهم بوقف التظاهر اجتاح المتظاهرون ساحة تقسيم على أصوات الموسيقا وهتافات مناهضة للحكومة بعد ساعات من طلب اردوغان بلهجة حازمة من المتظاهرين وقف احتجاجاتهم على الفور.

وواصل أردوغان في تصريح أدلى به فور عودته من زيارة خارجية لعدد من دول المغرب العربي ترديد مقولته أنه رئيس حكومة لخمسين بالمئة من الأتراك كما كرر اطلاق توصيفات المخربين والإرهابيين على المتظاهرين السلميين.

20130607-153436.jpg

وهدد أردوغان بوضع حد فوري للمحتجين والاحتجاجات دون أن يفصح عن ماهية الإجراءات التي سيتخذها لتنفيذ هذا التهديد.

وتجاهل أردوغان مطالب المحتجين المستمرين بالتظاهر لليوم الثامن على التوالي في ساحة تقسيم باسطنبول وفي أنقرة.

وكان أردوغان كرر في ختام زيارته لتونس تجاهله ورفضه مطالب المحتجين مؤكدا مواصلة تنفيذ المشروع العقاري في ساحة تقسيم الذي شكل الشرارة التي فجرت الاحتجاجات وكشفت ووسعت الشرخ بين الشعب التركي وحكومة حزب العدالة والتنمية متوعدا بلغة عنصرية تمييزية صرفة بالا يسمح لما سماها أقلية بأن تفرض شروطها على الأكثرية.

وكان التونسيون وعلى غرار المغاربة والجزائريين احتشدوا بتجمعات احتجاجا على زيارة أردوغان منددين بنهجه وسياسته ضد المحتجين الأتراك وضد سورية.

وينبه المراقبون إلى أن سعى أردوغان لحشد أنصاره والتصدى للمحتجين يزيد المخاطر من احتمال انتقال الأزمة التركية إلى صراع قوة بين معارض ومؤيد لأردوغان.

20130607-153521.jpg

وفي ميدان تقسيم باسطنبول مركز الاحتجاجات الذي يعتصم به على مدار الساعة عشرات الألوف من الأتراك ردد العديد من المحتجين دعوات إلى استقالة أردوغان قائلين "طيب استقل" بينما أخذ آخرون يغنون ويرقصون.

وفي متنزه كوجلو في أنقرة ردد الآلاف شعارات مناهضة للحكومة وأنشدوا أغاني وطنية.

وتتواصل إقامة خيم الاعتصامات في اسطنبول وأنقرة التي يؤمها بشكل مكثف حشود غفيرة من المحتجين الذين يؤكدون إصرارهم على مواصلة احتجاجاتهم وقالت إحدى المحتجات سيناى درموس عالمة الأحياء التركية "نحن غاضبون وهو أردوغان لا يريد الاستماع إلينا سأعود إلى تقسيم حتى تحقيق النصر" بينما أكد متظاهر آخر يدعى مرصاد جاهد "أن أردوغان لا يريد أن يجرى أي تغيير لكننا سنرغمه على ذلك لست أدري متى لكن التغيير سيحصل".

20130607-151711.jpg

وفى دليل على تزايد التصعيد الاحتجاجي وقعت صدامات فى ريزا على البحر الأسود شمال شرق تركيا بين متظاهرين وأنصار لحزب العدالة والتنمية كما قضى شرطي تركي في أضنه أمس الأول بعد أن سقط من على جسر أثناء مطاردته للمحتجين.

وحول تداعيات الاحتجاجات على الوضع الاقتصادي تراجعت بورصة اسطنبول بنسبة 7ر4 بالمئة عند الإغلاق بعد تصريح أردوغان أمس الأول.

أكاديمية تركية: خطابات أردوغان الأخيرة لا علاقة لها برجل الدولة والاحتجاجات تهدد أفقه السياسي

من جهتها انتقدت المحاضرة في الجامعة الثقافية في اسطنبول سيفليا تيرياكلي بشدة خطابات أردوغان الأخيرة بعد الاحتجاجات التي عمت المدن التركية ووصفتها بانها لا علاقة لها برجل الدولة لأن الاحتجاجات هددت أفقه السياسي.

ولفتت تيرياكلي في مقال كتبته أمس في الجريدة الاقتصادية التشيكية إلى أن النظام الحاكم في تركيا كان العام الماضي أقرب إلى الحكم الأوتوقراطي منه إلى الحكم الديمقراطي مشيرة إلى أن الاحتجاجات الجارية تهدد الأفق السياسي لأردوغان لأنه فقد ما كان يتمتع به بعد أن ظن بأن دعم الناس له غير مشروط وأن الناس الذين انتخبوه أعطوه مطلق الصلاحية لاتخاذ القرارات التي يريدها وتحديد ما الشيء الجيد وما السييء وأن النقاش أمر لا حاجة له.

ورأت تيرياكلي أن قلة التوافق الاجتماعي بالذات هو الذي يقف وراء ما يجري في تركيا لأن الكثير من الأتراك بدؤوا يفقدون أعصابهم جراء اتخاذ أردوغان القرارات بدءا من السياسة الخارجية وانتهاء بالأعمال العمرانية مروا بموضوع شرب الكحول دون أي نقاشات وزعمه أن قراراته لا تراجع فيها.

وأشارت تيرياكلي إلى أن محافظ اسطنبول وممثل الحكومة في الاجتماعات التي جرت حول موضوع بناء تجمع تجاري بدلا من حديقة تقسيم وافقا على التراجع عن الأمر والإنصات إلى رفض الناس غير أن أردوغان تدخل في الأمر وتبنى مواقف متصلبة.

وحذرت تيرياكلي من عواقب تهديدات أردوغان بجلب 50 بالمئة من أنصاره لمواجهة الخمسين بالمئة الأخرى ولفتت إلى أن هذا الأمر كان السبب في جعل الاحتجاجات تتحول إلى قضية شخصية بين المتظاهرين وأردوغان.

وفي السياق ذاته نصحت وزارة الخارجية التشيكية أمس مواطنيها المسافرين إلى تركيا تجنب الوجود في الأماكن التي تشهد تجمعات ومظاهرات ولاسيما في مراكز المدن الكبيرة مثل اسطنبول وأنقرة وأزمير واضنة وسامسون وايزميت ومتابعة الوضع الأمني في تركيا.

كاتبان تركيان: حكومة أردوغان فقدت شرعيتها وسياساتها وضعت تركيا على حافة الهاوية

"حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان فقدت شرعيتها نتيجة عدم التزامها بالدستور وخروجها عن النظام القانوني" هذا ما أكده الكاتب التركي والنائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري شاهين منجو وقال "إن حكومة أردوغان تدخلت بشكل غير قانوني ضد المظاهرات السلمية التي بدأت في حديقة كزي بتقسيم قبل عشرة أيام وتسببت بتوسعها إلى جميع أنحاء تركيا وتحولها إلى حركة معارضة اجتماعية".

وبين منجو في مقالة له أمس أن حكومة العدالة والتنمية لم تدرك أن هذه الحركة المعارضة الاجتماعية تهدف إلى حماية الجمهورية التركية العلمانية ودولة الحقوق وحقوق وحريات المواطنين موضحا أن السلطة السياسية في تركيا تتدخل في جميع مجالات الحياة وتتحول إلى قوة مادية تمثل القوة الشخصية ومصالح الموالين لها إضافة إلى محاولات استقطاب المجتمع وتقسيمه عبر خطابها الطائفي.

ونبه منجو من تحريض أردوغان على ممارسة العنف وخلق الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد عبر أقواله ما يشكل تهديدا كبيرا على تركيا ويعد جريمة قانونية محذرا من أن أردوغان يخلق مواجهة بين المؤسسات السياسية والاجتماعية والكوادر العاملة فيها ويفرض معايير أخلاقية محددة وفقا لذهنيته على جميع شرائح المجتمع.

ولفت منجو إلى أن حكومة أردوغان الغت مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعد أساس الديمقراطية من خلال تحويل مجلس الأمة التركي إلى سلطة تأييدية وجهاز القضاء إلى مؤسسة تعطي التعليمات لافتا إلى أن هذه الحكومة تتزحلق نحو بنية استبدادية بشكل سريع الأمر الذي يفقدها الشرعية.

بدوره اعتبر الكاتب الصحفي التركي حسن جمال أن أردوغان مصر على عدم السير في الطريق الديمقراطي.

وشدد جمال في مقال نشره موقع تـ 24 على ضرورة قراءة جميع السياسيين وعلى رأسهم حكومة حزب العدالة والتنمية الحركة الاحتجاجية الشعبية التركية بشكل صحيح لأن التحليل الذي توصل إليه الموالون لحكومة أردوغان حول عدم تضحيتهم باردوغان يعكس ذهنية استبدادية صدامية.

ورأى الكاتب أن تركيا تقف على حافة الهاوية حيث أنها مقبلة على مرحلة خطيرة جدا مبينا "أن أردوغان لم يغير من موقفه وأسلوبه رغم الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ عشرة أيام وأصر على موقفه وتعنته أمام ما يحدث بدلا من أن يبحث عن أسباب هذه الاحتجاجات التي تسبب بتوسعها".

وحذر الكاتب من أن تهرب حكومة أردوغان من تطبيق مبادئ الحرية والحقوق سيدفع البلاد إلى عدم الاستقرار لافتا إلى أن المحتجين في حديقة كزي يشيرون إلى الطريق الديمقراطي ولكن أردوغان مصر على عدم السير في هذا الطريق الأمر الذي يؤكده موقفه.  

محللون أمريكيون: الاحتجاجات التي تشهدها تركيا تشكل حرجا للولايات المتحدة

من جهة ثانية أكد محللون أمريكيون ان الاحتجاجات التي تشهدها تركيا تشكل حرجا للولايات المتحدة التي ترى الأزمة التركية شائكة بالنسبة إليها "لأن العدو اللدود للمتظاهرين أردوغان استقبل منذ فترة قريبة في البيت الابيض من قبل الرئيس باراك أوباما الذي يقيم معه علاقات ودية" لافتين إلى أن الازمة التركية ألزمت اوباما ونائبه جو بايدن الصمت.

وقال بايرم بالجي الباحث في مركز كارنغي انداومنت لوكالة الصحافة الفرنسية "إن الاميركيين محرجون للوضع في تركيا التي كانوا يقدمونها كمثال للعالم الاسلامي الدولة التي وفقت بين الاسلام والديمقراطية والتقدم الاقتصادي" مضيفا إن الادارة الامريكية تغض "الطرف لأنها تحتاج إلى تركيا في عدة ملفات اقليمية".

من جهته قال ستيفن كوك من مركز (كاونسل اون فورن ريلايشن) للأبحاث إن "تركيا حليفة استراتيجية" للولايات المتحدة وهي عضو في حلف شمال الاطلسي منذ 1959 مشيرا إلى أن واشنطن وضعت نفسها في "موقف حرج لأنها تعتبر تركيا نموذجا ديمقراطيا للعالم العربي دون التفوه بكلمة مثلا عن الصحفيين المسجونين" ما يعد انتهاكا واضحا لحقوق الانسان من قبل أنقرة.

ولفت كوك إلى أن دبلوماسيين أميركيين لاحظوا منذ فترة "منعطفا دكتاتوريا للسلطات التركية".

وقالت تمارا كوفمان ويتس من معهد بروكينغز بتهكم إن "اردوغان هو المسؤول الذي قال الرئيس أوباما إنه يشعر بأنه الأقرب إليه" وتساءلت "ما التأثير الذي يمكنه ممارسته على رئيس الوزراء التركي للخروج من الازمة".

وأدان وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاستخدام "المفرط" للقوة من قبل الشرطة التركية وأكد تمسك بلاده بـ "حرية التعبير والتجمع" قبل أن يسارع البيت الابيض إلى الترحيب بـ "اعتذارات" نائب رئيس الوزراء بولند ارينج لضحايا القمع ودعوات الرئيس عبد الله غل إلى التهدئة.

وكانت الولايات المتحدة انتقدت عبر المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر بساكى خطاب أردوغان الذي اكتفت بوصفه بأنه "غير مفيد" ولا يسهم في تهدئة الوضع.

الاتحاد الأوروبي يدعو الحكومة التركية لوقف العنف ضد المتظاهرين واحترام حقوق الإنسان

إلى ذلك دعا المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع ستيفان فولي الحكومة التركية إلى احترام حقوق الإنسان مؤكدا أن الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة ضد المتظاهرين لا مكان له في الأنظمة الديمقراطية لأن التظاهرات السلمية تمثل طريقة مشروعة للتعبير عن الآراء في مجتمع ديمقراطي.

ونقلت اف ب عن فولي قوله في كلمة له بحضور أردوغان في اسطنبول "أدعو تركيا إلى عدم التخلي عن قيم الحرية واحترام حقوق الإنسان" مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الاتحاد لا ينوي التخلي عن عملية انضمام تركيا إليه.

في غضون ذلك دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحكومة التركية إلى وقف أعمال العنف التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين الذين خرجوا في عدد من المدن التركية احتجاجا على السياسات القمعية.

ونقلت ا ف ب عن ميركل قولها عقب محادثات مع رئيس الحكومة التونسية في برلين "إن رجب طيب أردوغان قال للمواطنين إنه يدرك أن هناك بعض المشكلات في البلاد" مضيفة إنها تتطلع لأن تناقش هذه المشكلات مع جيل الشباب في ذلك البلد وألا يستخدم العنف ضد المتظاهرين.

وكانت ألمانيا وفرنسا نددت أمس الأول بوحشية القمع الذي تمارسه الشرطة التركية بحق المحتجين من الشعب التركي.

وأعلن ماركوس لونينغ المكلف حقوق الإنسان في الحكومة الالمانية أن "العدد الكبير من الجرحى والموقوفين يثير الصدمة" بينما اعتبر الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية تييري روبانتان أنه لا يمكن أن تقوم أي ديمقراطية على القمع.

 

وعلى وقع الاحتجاجات التي تشهدها تركيا منذ أسبوع ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وسياساتها القمعية في سلب الحريات وما نتج عنها من سقوط قتلى وآلاف الجرحى إضافة إلى اعتقال آلاف المحتجين أظهر تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أن أردوغان بدأ يفقد الإجماع عليه حتى في الحي الذي ولد فيه.

وقالت ا ف ب حتى في قاسم باشا الحي الشعبي في اسطنبول حيث ولد لم يعد رئيس الوزراء التركي موضع إجماع بعدما عمدت الشرطة إلى استخدام العنف في قمع التظاهرات الاحتجاجية.

وتقول ميليك وهي ممرضة تبلغ 22 عاما وتبدو أنها على عجلة من أمرها للانضمام إلى المتظاهرين في حديقة كيزي بارك "أعتقد أن المتظاهرين على حق.. من المهم جدا حماية هذه المنطقة الخضراء في مدينة كبرى مثل اسطنبول الأماكن الطبيعية فيها قليلة" منتقدة الموقف القاسي جدا من جانب الحكومة التركية.

من جهته قال وكيل عقاري في المنطقة المذكورة "أردوغان يقوم دائما بكل شيء بمفرده و هذا لا يمكن أن ينجح في نظام ديمقراطي مضيفا إن أردوغان لا يمكن له أن يقول "أنا السلطان" لأنه فاز في الانتخابات فهناك الشعب و يجب احترام جميع أفراده.

وكانت عودة أردوغان أمس الأول من جولة في دول المغرب العربي أثارت مخاوف من مواجهات بين معارضي الحكومة ومؤيديها حيث تحدى أردوغان المتظاهرين قائلا عندما سيجمعون 20 شخصا سأجمع 200 ألف وعندما سيصبحون 100 ألف سأحشد مليون عضو من حزبي.

الاتحاد الدولي للصحفيين يدين استخدام شرطة أردوغان للعنف بحق الصحفيين

بدوره أدان الاتحاد الدولي للصحفيين أمس "الاستخدام غير المتكافىء للقوة" من جانب السلطات التركية بحق المتظاهرين السلميين و"إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع" التي استهدفت الصحفيين تحديدا في اسطنبول.

ونقلت (ا ف ب) عن الاتحاد قوله في بيان خلال مؤتمره العالمي في دبلن "ندد الاتحاد الدولي للصحفيين بالاستخدام غير المتكافىء للقوة والاستخدام الكثيف للغاز المسيل للدموع واللجوء الى اليات مدرعة لاقتحام الحواجز واطلاق القنابل اليدوية من جانب قوات الامن في تركيا على متظاهرين سلميين".

وأدان الاتحاد أيضا "الاطلاق محدد الهدف للقنابل المسيلة للدموع من جانب شرطة مكافحة الشغب في اسطنبول والذي استهدف تحديدا مراسلي الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية" وأبدى "ذهوله" لتصريحات رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان فيما يتعلق بتاثير الشبكات الاجتماعية مثل تويتر معتبرا أنها "تهديد للمجتمع".

كذلك أدان الاتحاد "الترهيب الكلامي والاضرار المادية التي احدثها بعض المتظاهرين الذين اخطؤوا الهدف عبر مهاجمة الصحفيين الاتراك العاملين لحساب وسائل اعلام تعتبر معارضة للحكومة".

وكلف مؤتمر الاتحاد لجنته التنفيذية "سؤال الحكومة التركية عن الاحداث" للافراج خصوصا عن الصحفيين الموقوفين والكف عن ملاحقتهم.