اسرائيل: تشكيل حكومة وحدة بين فتح وحماس تطور سلبي وخطير

هددت اسرائيل بمواصلة تجميد أموال السلطة بعد الاعلان في القاهرة عن شراكة جديدة بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الوقت الذي تعبر فيه عن شكوكها حول تنفيذ اتفاق مماثل، في حين أكد مشعل ان التهديدات الصادرة عن الحكومة الاسرائيلية «لا تخيفنا».
وقال مسؤول حكومي اسرائيلي كبير لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه «في حال وقع الفلسطينيون اتفاقا لتشكيل حكومة وحدة وطنية (بين فتح وحماس) فهذا سيجعل نقل الأموال مستحيلا».
ورافق ذلك تحذير واضح من وزير التنمية الاقليمية ونائب رئيس الوزراء الاسرائيلي سيلفان شالوم الذي رأى ان القمة الفلسطينية في القاهرة «تشكل تطورا سلبيا وخطيرا». وقال شالوم في مقابلة مع الاذاعة العسكرية الاسرائيلية «سنطلب من المجتمع الدولي عدم التحدث مع حكومة تشكل حماس فيها مكونا أساسيا بينما تواصل هذه المنظمة الارهابية الدعوة الى تدمير اسرائيل» حسب قوله.
من جهتها نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية عن مصادر حكومية تأكيدها أن الحكومة الأمنية المصغرة المكونة من الوزراء الرئيسيين في الحكومة الاسرائيلية اجتمعت في وقت متأخر من مساء الخميس بدعوة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واتفق على مواصلة تجميد الأموال.
ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» الأوسع انتشارا عن مسؤول اسرائيلي كبير طلب عدم الكشف عن هويته انه «بعد هذا الاعلان فانه من غير الوارد ان نقوم بوقف تجميد الأموال».
وعلى الرغم من التحذيرات الاسرائيلية نقلت الاذاعة العامة الاسرائيلية عن مصادر حكومية اسرائيلية تشككها من تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع قبل ستة اشهر في القاهرة بين حركة فتح وحماس والتي تنص على تشكيل حكومة مستقلة مسؤولة عن تنظيم انتخابات في أيار 2012. والذي لم ينفذ حتى الآن. ونقلت صحيفة «معاريف» عن مسؤول اسرائيلي لم تذكر اسمه ان «لقاء عباس مشعل كان مجرد مراسم خالية من المضمون نظرا للاختلافات الجوهرية بين الحركتين» حسب قوله.
وقال مارك ريغيف المتحدث باسم نتنياهو لوكالة فرانس برس انه «كلما اقترب ابو مازن من حماس كلما ابتعد عن السلام».
وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ان التهديدات الصادرة عن الحكومة الاسرائيلية «لا تخيفنا»، مشددا على ان «المقاومة الشعبية» هي أحد ابرز العناوين التي تم الاتفاق عليها.
وقال مشعل في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان «هذه التهديدات من حكومة نتنياهو وعقد مجلس أمني مصغر لا تخيفنا بل تؤكد لنا وتطمئننا اننا نسير في الطريق الصحيح، طريق المصالحة».
واعلن الرئيس عباس ومشعل في ختام اجتماعهما في القاهرة أمس الأول «بدء شراكة فلسطينية جديدة» لتفعيل المصالحة المتعثرة بين حركتيهما منذ أكثر من ستة أشهر، في خطوة ردت عليها اسرائيل بعقد اجتماع لحكومتها الأمنية المصغرة وبالتهديد بمواصلة تجميد أموال السلطة.
وقال مشعل «لا يغضب الشعب الفلسطيني ولا يخيفه أي شيء له مصلحة فيه»، متسائلا «لماذا نتخوف فالعدو يمارس ظلمه اليومي بحق كل أطراف الشعب الفلسطيني واسرائيل مارست وما زالت تمارس كل العدوان والاعتداء والظلم بحق الشعب الفلسطيني». واضاف ان «اسرائيل وحكومتها بالغة التطرف، وقد اغلقت كل الأبواب والفرص للوصول الى حل ينصف شعبنا الفلسطيني وبالتالي ماذا سننتظر من عدونا اكثر مما فعله بحقنا».
واعرب عن أمله في «ألا يستجيب الأخ ابو مازن لكل الضغوط خاصة انهم لم يعطوه شيئا رغم انني لمست من الأخ ابو مازن جدية أقدرها خاصة في هذه الفترة وفي اجتماع الخميس، ونأمل ان نبني خطوات عليها في المرحلة المقبلة».
وفي تغيير كبير في موقف حركته ونهجها في مواجهة اسرائيل اكد مشعل انه اتفق والرئيس عباس على ان تكون «المقاومة الشعبية» أحد «العناوين المشتركة» بين الطرفين. وقال «كل شعب يتعرض للاحتلال من حقه ان يقاوم بكل الوسائل وكل اشكال المقاومة ومنها الأشكال المسلحة وغيرها».
واضاف «نحن في هذه المرحلة نريد ان نتعاون في هذه القضايا المشتركة المتفق عليها أي المقاومة الشعبية وهي من العناوين المشتركة رغم اننا نؤمن بالمقاومة المسلحة»، مذكرا بـ «اننا وصلنا الى الانتفاضة الاولى بفعل المقاومة الشعبية».
وكان الرئيس دعا الفصائل مجتمعة الى انتهاج «المقاومة الشعبية» التي تقوم على الاضرابات والتظاهرات والحركات الاحتجاجية، لدعمه في جهوده في الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولية فلسطين في المنظمة الدولية.
وقال مشعل ايضا ان لقاءه والرئيس عباس كان «أول لقاء مطول وكان فيه حوار معمق حيث جلسنا وحدنا مدة ساعتين ثم التحق بنا الوفدان لمدة ساعتين أي ان مدة اللقاء كانت اربع ساعات».
واوضح ان اللقاء «ركز على بحث قضايا منظمة التحرير والملف السياسي والمصالحة وتوافقنا على موعدين، اولهما في العشرين من الشهر المقبل سيكون اجتماع للفصائل الفلسطينية لمتابعة تنفيذ ملفات المصالحة وملف الحكومة».
واضاف «سيكون اجتماع آخر في الثاني والعشرين من الشهر المقبل للجنة بحث الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية لتنفيذ ما اتفق عليه بشأن منظمة التحرير حول اعادة بناء المنظمة وتطويرها وكما سنبحث الموضوع السياسي والانتخابات القادمة».
وعن الانتخابات الرئاسية، اكد انه «من السابق لأوانه الحديث ان حماس سترشح أي مسؤول لمنصب الرئاسة الفلسطينية».
وشدد مشعل من جهة ثانية على ضرورة توفير الأجواء لانجاح المصالحة. وقال انه بعد اجتماعه مع الرئيس عباس «اصدرت تعليماتي الى قيادة حماس في الداخل والخارج لاعتماد خطاب اعلامي وسياسي لا يعكر الروح التصالحية والايجابية التي سادت بل ان يعبر بصدق عن اجواء المصالحة.
طلبت منهم القيام بخطوات عملية وايجابية لتجسيد هذا الاتفاق على الأرض». واضاف «اتفقنا على انهاء ملف المعتقلين وضرورة الافراج عنهم خلال الأيام المقبلة وسنتابعه عمليا»، مؤكدا «نريد ان يشكل لقاء الخميس حافزا جديا اضافيا لطي ملف المعتقلين».
وقال ايضا «لقد أزال هذا اللقاء المباشر بين ابناء القضية الواحدة، وإن اختلفنا سياسيا، الالتباس والركام والصور المنقولة بشكل ملتبس وهيأ لمزيد من التفاهم والجدية والتوافق لادارة المرحلة المقبلة بمسؤولية مشتركة». واضاف «لذلك اعتبر هذا اليوم يوما مهما وارجو ان تكون الأيام المقبلة بمستوى المسؤولية على غرار ما جرى امس (الأول) من صراحة وشفافية وجدية».
وطالب مشعل «كل القوى الفلسطينية ان تسعى لتحقيق المصالح الوطنية وان تعطي الأولوية لترتيب بيتنا الفلسطيني وانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والتفاهم على البرنامج السياسي وعلى ملف منظمة التحرير الفلسطينية».
ووجه مشعل رسالة الى ابناء حركة فتح وكوادرها لطي صفحة الماضي، وقال «رسالتي الى الاخوة من ابناء فتح وكوادرها ان نتعامل بايجابية في المرحلة المقبلة ونطوي صفحة الانقسام رغم كل الآلام والجراح المتبادلة فنحن ابناء وطن واحد وقضية واحدة عدونا الحقيقي اسرائيل وثبت لنا جميعا ان اسرائيل ضدنا جميعا».
واضاف «لذلك لا سبيل ولا خيار الا ان نتفاهم خاصة اننا نمر بمرحلة الربيع العربي ورياح التغيير في المنطقة وانشغال المنطقة بنفسها والتجربة المريرة مع نتنياهو وفريقه البالغ التطرف وعجز المجتمع الدولي عن انصافنا وانحياز الادارة الأميركية الصارخ لصالح اسرائيل وانشغالها في الانتخابات الرئاسية، كل ذلك يفرض علينا ان ننجز المصالحة وان نمد يدنا الى بعضنا البعض». وقال «نريد الاتفاق على استراتيجية فلسطينية حقيقية لترتيب بيتنا الفلسطيني وان نعمل معا بروح الشراكة وعلى قاعدة الشراكة مع حركة فتح وكل القوى».
ووعد مشعل بان «المرحلة المقبلة ستكون فيها صراحة وشفافية وشراكة في ادارة همنا وشأننا الفلسطيني».