اصمتوا يرحمكم الله

اتسع الخرق على الراتق.. مثل شعبي مصري قديم.. جراب الحاوي ملىء بالعجائب.. مثل لبناني شائع.. وفي العراق قال الشاعر «مظفر النواب» في واحدة من أشهر قصائده المدفونة: «أولاد الـ....... هل تسكت مغتصبة.. أولاد الـ........ لست خجولا حين أصارحكم.. أن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم..» من أراد أن يعرف الكلمة محل النقاط.. فعليه بالاجتهاد بالعودة إلى تلك القصيدة الخالدة!! اكتشف الحزب الوطني الديمقراطي أنه كلما حاول الخروج من مصيبة، دخل في كارثة.. بدأت الحكاية داخله بما يسمى المجمع الانتخابي.. أعلن الحزب قبل غلق باب الترشيح بدقائق أسماء مرشحيه.. كانت «الصدمة والرعب».. فشهدنا لأول مرة في تاريخ مصر، أول حالة تمرد وعصيان علني داخل الحزب الحاكم.. عشرات – لن أقول مئات – رفضوا واتجهوا للقضاء.. القضايا تم رفعها ضد الحزب الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك.. تلك كارثة صنعها أولئك الذين ائتمنهم الرئيس، لكنهم كانوا دون محل ثقته.. قفز الحزب على تصريحاته بإعلان أكاذيب جديدة.. ذلك ليس قولا مرسلا.. قادة الحزب هم الذين كرروا على مسامعنا قاعدة «المرشح الواحد للمقعد الواحد».. لحظة أن أدركوا أن حاصل جمع إخفاقهم سيساوى كارثة.. كان تفكيرهم القفز للأمام.. اختاروا مرشحين وثلاثة.. بل أربعة، وهذا يبيحه الشرع!! وخرجوا علينا بالقول إن هذه استراتيجية، وبعضهم قال تكتيكا فريدا.. بإجماع العقلاء، تلك كارثة تجنى منها المعارضة الثمار.. اختبروا الأمر على أرض الواقع.. اكتشفوا أنهم سقطوا فى قاع مستنقع.. قرروا إنقاذ أنفسهم.. كانت عملية الانتحار العلنى والواضح.. قرروا اغتيال تعهدات رئيس الجمهورية الصادقة.. تلك محاولة لإنقاذ رقابهم أمام الرئيس والشعب.. اعتقدوا أنهم أذكى من الجميع!! ذهبوا إلى الانتخابات ببرنامج وتحد معلن.. نحن ضد «الجماعة المحظورة» – وظنى أننى من أعدى أعدائها – فكانت جريمة اغتيال المحظور والشرعى على السواء.. أى أن من أداروا العملية الانتخابية.. أجروا جراحة ناجحة قتلوا فيها الأم والجنين والطبيب.. أظلمت الغرفة.. فكان الصراخ على موت كل الحقائق.. ماتت الشائعات حول صفقة بين الحزب الحاكم والأحزاب التى قررت دخول المعركة.. ماتت حقيقة انهيار «الجماعة المحظورة» التى أسميها «جماعة المطار السرى».. بل خرج مولود مشوه اسمه إعادة الروح إلى أصحاب «مولد سيدى البرادعى»!! اغتال القائمون على انتخابات برلمان ٢٠١٠ سمعة مصر بحاضرها ومستقبلها.. الماضى ذهب مع الأموات.. جاءت النتيجة كارثة فى المرحلة الأولى.. «تزوير ثلاثى الأبعاد».. فضائح يصعب سترها.. جرائم لا يمكن لمرتكبها الإفلات من حبل المشنقة.. لكنهم اختاروا سبيل اتهام القضاء بأنه «وجهة نظر»!! فعندما يقول الدكتور «محمد كمال» المتحدث باسم الحزب الوطنى إن أحكام القضاء وجهة نظر، فتلك كارثة.. وعندما يتحدث أستاذ علوم البيئة «مجدى علام» عن مثالية الانتخابات فى دائرته.. فهو ينقل صورة مجتمع غربى شديد التقدم والتحضر.. وعندما يمارس رؤساء تحرير الصحف القومية كل صنوف الإرهاب الفكرى، على البرامج التليفزيونية والرأى العام.. فتلك كارثة.. فهم لم يلتفتوا إلى أنهم حولوا صحف الشعب، إلى صحف حزب سقط فى أعماق بئر النجاح المزعوم!! لحظة أن اكتشفوا جريمتهم عند أعتاب المرحلة الثانية من الانتخابات.. قرأنا رسالة من أعرق المؤسسات الصحفية المصرية تقول بالنص: «مرشح لحزب الجيل يظهر فجأة فى انتخابات الإعادة ببندر المحلة الكبرى»!!!.. ثم كان خبر يفجر الضحك بالدمع من العيون نقلته صحيفة مستقلة يقول: «مرشح الوطنى فى أجا ينسحب احتجاجا على التزوير لصالح التجمع»!!.. وبعدها جاءت تصريحات الكابتن «أحمد شوبير» متهما حزبه – الذى هو الأغلبية – بأنه قام بالتزوير لصالح منافسه وهو يمثل حزب الأغلبية أيضا.
الحزب الوطنى لم يسع للأغلبية الساحقة.. كان يحارب نفسه.. حاول أن ينافس نفسه.. فقتل نفسه.. خرج حزب الوفد منتصرا.. ابتعد الحزب الناصرى محترما.. للأسف حصدت «الجماعة المحظورة» ثمرة لا تستحقها.. قرر «سيدى محمد البرادعى» العودة منتشيا.. وهو أقل بكثير من هذا الحجم.. وتحدث الدكتور «أسامة الغزالى حرب» عن بعد رؤيته وهو أستاذ السياسة فى الكتب والندوات وعبر المحاضرات!!
كل ذلك حدث لأن الذين مارسوا العبث بمقدرات الوطن، باعتقاد أنهم يمثلون حزبا بحجم مصر.. ويساوى زعيما بحجم تاريخ مصر.. كانوا أقل بكثير من هذا الوطن العريق.. وأقل بكثير من قيمة وقامة رئيس مصر.. تلك هى الحقيقة بلا مجاملة ولا نفاق.. لذلك لا أملك غير أن أقول لهم: «اصمتوا يرحمكم الله»!!
نصر القفاص - المصري اليوم