اطمئنوا.. لسنا بخير

عبد الفتاح العوض - الوطن
نحن أفضل من يقدم السعادة لأعدائه... نقدمها لهم دون أن يبذلوا أي جهد ومعها أيضاً بوليصة تأمين ضد القلق من المستقبل... فقط يحدث هذا لأننا أفضل من يأخذ نفسه إلى حالة «لسنا بخير »!!!
لسنا بخير... ما دام ثمة موت يتنقل من بيت إلى آخر ...
لسنا بخير ما دمنا لم نبدأ بالتوقف عن التخاطب بالزند والزناد.. ولسنا بخير ما لم تعد مدننا وقرانا كما كانت آمنة بذاتها وناسها.... لسنا بخير ما دام دم ينزف ودموع تذرف حزناً وخوفاً !!
اطمئنوا أيها الأعداء ... لسنا بخير؟؟؟ !!
في حالتنا المأساة تتعمق، والمأساة الكبرى أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح بل على العكس نختار أسوأ الطرق لنسلكها بغير تدبر بالعواقب القريبة والبعيدة... الكل يدرك أن الثمن الذي تدفعه سورية باهظ جداً... ومع ذلك لم يدركوا أن الحل السوري ينبغي أن يكون «بدءاً» من سنة وخمسة أشهر... جربنا كل الطرق إلا الطريق السوري الذي على الأقل يكون منطلقه ونبعه الحرص على الدم السوري فإلى كل الذين أسعدوا الأعداء نقول لهم لقد نجحتم في ذلك وبعثتم لهم برسالة واضحة ومعبرة ... اطمئنوا لسنا بخير.
لسنا بخير لأننا لم نذهب إلى الحل... ولسنا بخير لأن صوت العقل لم يرتفع حتى الآن... ومن الواضح أن أحداً ليس لديه مشروع حل..
ببساطة أسوأ ما في الأزمة السورية أن الحلول الوسط غير متوفرة... بمعنى أن الأطراف وصلت إلى مرحلة خاسر أو رابح... بل أقول حي أو ميت؟؟؟؟
عادة في أي خلاف أو خصام أو صراع ثمة لحظة يجد فيها المختلفون أنفسهم أمام واجب البحث عن حل وسط فيه تقديم تنازلات والحصول على امتيازات متبادلة.. في أزمتنا لم نجد أن أحداً يفكر بالبحث عن الحلول التي تكون قادرة على تلبية شروط التفاوض الذي يوصل إلى حالة الكل رابح.. أو الوطن رابح والجميع يربح معه وفي أسوأ الحالات يخسر لأجله.
ثمة كلمات ناقصة أو مفقودة في أزمة سورية وهي تفاوض... تصالح... حوار... تفاهم... اتفاق.. وكلها ضرورية للخروج من المأزق ولعل أكبر خطيئة ترتكب بحق الوطن وبحق الدماء التي سالت على ترابه بغير وجه حق أن هناك من ينتظر حلاً من الخارج وخاصة ذلك الخارج الذي لنا تاريخ معه من العداء والحروب وكل ما يؤدي إلى توقع كل ما هو سيئ منه.
مثلاً... وهو مثال مكرر دائماً كيف يمكن أن يطلب سوري مساعدة أميركا وهو يتابع الرئيس ومنافسه وهم يتنافسان على رضا إسرائيل؟
كيف يمكن أن نصدق أنها ومجموعتها تريد الخير لسورية وللسوريين؟
عادة ما يحرك البشر المبادئ أو المصالح أو الغرائز.
بالمبادئ سواء كانت دينية أم أخلاقية أم إنسانية كلها تدعوكم للتوقف عن القتل وبدء التفاهم السوري- السوري.
وبالمصالح فإن مصلحتنا جميعاً أن نتوقف عن إيذاء بلدنا وأنفسنا وأن نصنع المستقبل بلغة أفضل من لغة الرصاص.
وبالغرائز... لم يعرف عن السوريين يوماً أن غرائزهم قادتهم لقتل بعضهم.
لكل هذا... ارموا أسلحتكم واستخدموا قلوبكم وعقولكم... وأعلم لا حياة لمن تنادي!!.
روح رمضان
قال اللـه تعالى: (فبما رحمة من اللـه لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
سُئِلَ الفضيل بن عياض عن التواضع فقال: «أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته».