الأدوية الوطنية تحافظ على الثقة.. والمزورة والمهربة تقرع أجراس الخطر!!..

هذا ما بدأت به الدكتورة ميساء نصر مديرة الرقابة الدوائية بدمشق، فهناك الكثير من الشكاوى من المعامل التي تصنع المستحضر الأصلي،

 

إذ يرسل المعمل العينة الأصلية مع العينة المزورة التي اكتشف وجودها في السوق وغالباً ما نلاحظ التزوير من اختلاف شكل ولون العبوة، وبعد التحليل نلاحظ اختلاف المواد الفعالة واختلاف المواصفات، وعلى هذا قامت وزارة الصحة بإلزام معامل الدواء في القطر بتصنيع الدواء حسب المواصفات الدستورية العالمية وتقوم بمراقبتها من خلال مديرية الرقابة الدوائية في الإدارة المركزية ( وزارة الصحة ) ودوائرها الموجودة في مديريات الصحة في القطر. إذ بلغ عدد معامل الأدوية الوطنية المرخصة 66 معملاً.‏

 

وحول إن كانت هناك اشكالات بعمليات التصنيع المحلي أو المستورد من الأدوية؟ أضافت د. نصر لا توجد لدينا مشكلات غير طبيعية بخصوص الدواء المحلي أو المستورد النظامي، وهذا ما لمسناه من خلال عملنا، حيث يوجد في مديرية الرقابة الدوائية نظام يسمى (الرقابة العشوائية) حيث تقوم مديرية الرقابة الدوائية ودوائرها الموجودة في القطر وبشكل يومي بجمع عينات من المستحضرات الدوائية المصنعة محلياً والمستوردة والمطروحة للتداول، وهذا يتم بشكل عشوائي ومفاجئ، وذلك من المعامل، مستودعات الأدوية، والصيدليات وتحال هذه العينات إلى المخابر لإجراء الاختبارات اللازمة للتأكد من مطابقتها للمواصفات الدستورية العالمية، ويتم سحب وإتلاف كل مستحضر دوائي أثبتت التحاليل المخبرية عدم مطابقته لهذه المواصفات.‏

 

أما في حال تكرار الخلل في المواصفات لمستحضر دوائي ما ثلاث مرات فقد أكدت مديرة الرقابة الدوائية أن لجنة دراسة الأدوية المحلية في وزارة الصحة تقوم بتجميد ترخيص المستحضر ويطلب من المعمل تقديم دراسة توضح أسباب الخلل وطريقة معالجته قبل طي قرار التجميد، ويعامل المستحضر بعد طي قرار التجميد معاملة المستحضر عندما ينتج لأول مرة.‏

 

وعن كيفية استقبال شكاوى المواطنين وآلية معالجتها أشار الدكتور خلدون حربة رئيس قسم الشكاوى في مديرية الرقابة الدوائية إلى ان مديرية الرقابة الدوائية تقوم بمعالجة كل الشكاوى الواردة من المواطنين والجهات المختلفة حول الأدوية واتخاذ الإجراءات اللازمة بالنسبة للأدوية المخالفة للمواصفات، وعملياً فإن مديرية الجمارك مثلاً لا توافق على إدخال مستحضر يخص وزارة الصحة إلا بعد موافقة الوزارة، حيث يكون الدخول عن طريق مستودعات الأدوية أو معامل الأدوية للمواد الأولية، وهناك لجنة مشكلة من الوزارة مكلفة بالخروج إلى البلد الذي سيتم الاستيراد منه للكشف عن وجود المعمل الأصلي للدواء لتحدد مسألة الاستيراد أو عدمه.‏‏‏‏‏

 

وفي سؤالنا بخصوص الجدل الدائم حول طبيعة المادة الفعالة ومصدرها، حيث يُقال إن الدواء الوطني فعاليته أقل من الدواء الأجنبي، أكدت د.نصرأن هذا غير صحيح، حيث إن وزارة الصحة لا تتدخل بمصدر المواد الأولية وإنما تعتمد مواصفات دستورية للمواد الأولية والمستحضرات بحسب أحدث الدساتير العالمية.‏

 

وإن وزارة الصحة لا تقبل المواد أو المستحضرات إلا إذا كانت مطابقة للمواصفات الدستورية المعتمدة من قبل الوزارة ويتم تحليل عينات من المواد الأولية عند طلب ترخيص أي مستحضر للتأكد من مطابقته للمواصفات، كما يتم أحياناً جمع عينات عشوائية من المواد الأولية من جميع المعامل واحالتها للتحليل، وتتخذ الإجراءات اللازمة في حال وجود أي خلل.‏

 

وما يمكن الإشارة إليه أيضاً، والقول لمديرة الرقابة الدوائية، أن وزارة الصحة ألزمت كل المعامل الدوائية بتطبيق قواعد ممارسات التصنيع الجيد للدواء GMP وهو نظام عالمي يتدخل بأدق التفاصيل في معمل الدواء ليكون أداة فعالة لتحسين جودة المستحضرات الدوائية الوطنية، واعتمدت اللجنة الفنية للدواء في وزارة الصحة قائمة تفتيش موحدة تعتبر دليلاً إرشادياً لشروط التصنيع في المعامل الدوائية تعتمد عليها لجنة تقييم المعامل الدوائية في مديرية الرقابة الدوائية والدوائر التابعة لها في المحافظات، ويستطيع أي معمل دوائي تطبيقه كلياً أو جزئياً خلال عمليات التدقيق الداخلي على عمله، كما أضافت يمكن الاستفادة منه في التدقيق على تكامل أنظمة الجودة المطبقة في المعامل الدوائية، ويتم باستمرار تحديث قوائم التفتيش بالاعتماد على ما يستجد من متطلبات الـ GMP وما يمكن قوله أيضاً بهذا الخصوص :إنه لا توجد لدينا مشاكل في أنظمة مراقبة الأدوية المحلية أو المستوردة نظامياً وهذه الأنظمة معمول بها اليوم ونطبقها بشكل يومي بقدر المستطاع.‏

 

يبين الدكتور حربة بدوره مجموعة من المشاكل والمعوقات التي تؤثر في العمل من خلال وجود النقص في الكوادر التي تطبق هذه الأنظمة، علماً أن المفتشين الحاليين يقومون بجهد كبير لتغطية ما يستطيعون من مراقبة سوق الدواء المحلي وهم ذوو خبرة كبيرة في هذا المجال.، كذلك النقص في الآليات وخاصة في مديرية الرقابة الدوائية، الإدارة المركزية حيث إن لديها آلية واحدة فقط والمطلوب منها مراقبة سوق الدواء في القطر سواء في الجولات التفتيشية الدورية التي تقوم بها أم لمتابعة الشكاوى التي تردها على الدواء المحلي، إضافة إلى دورها الكبير في ضبط الدواء المهرب الذي يأتينا منه دواء مزور.‏

 

كما أضاف د. حربةأن محاولة ضبط الدواء المهرب الذي ينتج عن الدواء المزور من قبل نفس مفتشي الرقابة الدوائية يؤثر على عملها في مراقبة سوق الدواء المحلي من حيث الوقت والجهد الكبير، وهذا سببه نقص الكوادر والآليات.‏

 

هناك الكثير من البضائع المزورة والمهربة لماركات عالمية وعربية أغلبها مخالف للمواصفات والمقاييس السورية من عطورات وماكياجات ومواد التجميل، ومستحضرات فوار Vitamine c500mg إنتاج لشركة فرنسية ويباع بفعالية منتهية، وكذلك عبوة panadol extra 24 حبة ليس عليها شعار الشركة العالمية وبعد إجراء الفحوصات تبين أن المستحضر مزور وذلك لعدم ثبوت ذاتية المواد الفعالة ( الكافئين وباراسيتامول) ووجوده بشكل غير نظامي، وكذلك مستحضر oprah natural slimming للتنحيف، ومستحضرMerit يوجب سحبه وإتلافه. وهناك استعمالات لأدوية عشبية عبارة عن كبسولات تستخدم للتنحيف يطلق عليها اسم Phytoshape وبعد تحليلها اكتشف احتواؤها على المادة الكيماوية الفعالة سيبوترامين، إضافة إلى احتوائها على مكونات كيماوية أخرى خطيرة على الصحة وغيرها الكثير....‏

 

وبعد استعراضنا لمجموعة من المستحضرات التي وردت إليكم من الأدوية المزورة المهربة كيف تعاملتم مع هذه الشكاوى قالت مديرة الرقابة: وردتنا شكاوى كثيرة كما ذكرت من أمثلة عليها، وتمت إحالتها إلى مخابر الرقابة والبحوث الدوائية، حيث كانت النتائج المخبرية تؤكد أن هذه العينات هي عينات مزورة ووزارة الصحة تتابع باهتمام بالغ موضوع الأدوية المزورة في السوق المحلية، من هنا قامت مديرية الرقابة الدوائية خلال العام الماضي بمعالجة أكثر من حالة تزوير لدواء أو مستحضر طبي ومن ثم معالجة هذه الأدوية وفق الأنظمة والقوانين من سحب واتلاف لهذه المستحضرات واتخاذ العقوبات بحق المخالفين، كما أضافت د. مديرة الرقابة نحن نعمل على حماية المنتج الوطني من التزوير وقد ضبطت أكثر من حالة في تزوير الأدوية والمستحضرات المحلية وقمنا بمعالجتها مباشرة وبالتعاون مع المعامل الدوائية الوطنية.‏

 

وفي نهاية جولتنا يتبادر إلى ذهن الكثير سؤال: لماذا يبتعد الناس عن الدواء الوطني ويلجأ معظمهم إلى الأدوية المهربة، وما عقدة الأجنبي وهل للطبيب دور في ذلك؟ هل هي أزمة ثقة؟‏‏‏‏ هذا ما أشارت إليه الدكتورة رجوة جبيلي معاون وزير الصحة لشؤون الأدوية، بداية هناك فقد للثقة ولعدة أسباب أولاً تقصير المعامل الدوائية بطريقة الدعاية، إذ لا بد من طرق دعاية علمية لأنها غير كافية والدعاية الحقيقية أن تثبت بالعلم أن دواءك فعال، وهناك عوامل أخرى فيقال: دواؤنا رخيص وغير فعال، وهذا غير صحيح لأننا كوزارة صحة يبقى دواؤنا رخيصاً لأننا نأخذ بعين الاعتبار عدة معايير وأسس وننظر للقدرة الشرائية للمواطن أي نعمل على حمايته ونعطي بالتالي هامش ربح محدد للمعامل وليس معنى ذلك أننا نسمح لتلك المعامل بإدخال مواد غير فعالة، كل شيء مراقب وكل شيء مضبوط، وبالتالي يتقاسم الاعلام والمعامل الدور الكبير المنوط بهم لمعرفة هذه الحقيقة.‏

 

كما أشارت د. جبيلي في معرض حديثها لناحية مهمة لايزال قسم كبير من أطبائنا يعتمدون في وصفاتهم على الدواء الأجنبي ولم يغامروا بتجريب الوطني، ونحن بدورنا نقول لهؤلاء: إن الدواء المهرب ممكن أن يكون مزوراً وغير مصرح عنه، ولا توجد عليه مراقبة، وهناك منافذ حدودية مختلفة ولا نستطيع أن نمنع دخوله ونحن عندما نكتشف أن هناك دواء مزوراً تتم المصادرة، و ينظم لها ضبط وتتلف بمعرفة وزارة الصحة ويحال الصيدلاني لمجلس تأديب وتغلق الصيدلية لمدة 15 يوماً على الأقل.‏‏‏‏‏

 

وعما يدور على أرض الواقع بينت د. جبيلي أن الدواء الأجنبي ليس أحسن من الوطني، هناك حلقة متكاملة، الطبيب يقترح الدواء الأجنبي للمريض والصيدلاني من مصلحته أن يبيع الدواء الأجنبي والمواطن يفرح إذا حصل على هذا الدواء فلابد من نشر ثقافة توعوية بأن الدواء الوطني هو دواء مفحوص ومحلل ومراقب ومرخص والسعر الرخيص.‏

 

وأخيراً وليس آخراً، والقول للدكتورة جبيلي معاونة الوزير، الدواء المزور خطير والدواء الوطني مضمون والذي لديه شكوى بكلام علمي من أطباء وصيادلة ومرضى عن عدم فعالية أي منتج وطني عليه أن يتقدم بشكوى للوزارة، ويثبت بتقريره عدم فعالية الدواء الوطني، وإذا ثبت ذلك نقوم بسحبه من الأسواق وإتلافه فوراً.‏