الأغاني "الإسلامية" الحديثة محاولة "المعتدلين" للتوصل إلى تسوية!!

 

 

"يا سلام.. يا سلام.. قد إيه حلو الغرام.. بالعين ولا الإيدين.. ابتدينا بالسلام... مش فاكرة يومها مين اللي ابتدا بالكلام..."

كلماتٌ ألِفَها الكثيرون لأغنية معروفة تغنيها نانسي عجرم.. ولحن رددناه بكثرة بعد الشهرة الكبيرة لهذه الأغنية.. لكن ان تسمع اللحن الذي ألفتَه بكلماتٍ أخرى... وان تتحول الأغنية إلى غرضٍ آخر... وأن ينقلب كلام الحب والغزل إلى تغنٍ بالرسول الكريم فهو شيء لا يمكن ان يقوم به إلا السوريون... فأغنية "صل منا يا سلام للنبي خير الأمان... بدعانا للكريم ابتدينا بالسلام.. على طه الحبيب الشافع الإمام..." الموزعة على لحن الأغنية المشهورة هي إحدى تلك الأغنيات الكثيرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة في سوق الموسيقى "الدينية" في سوريا وفي دمشق تحديداً..

يخبرنا بائع للأغاني الدينية في سوق الحميدية أن هذه "الظاهرة بدأت تلقى رواجاً كبيراً، خاصة مع انتشار ما يسمى بصالات الأفراح "الإسلامية" التي لا تضع الأغاني الدارجة في الصالة لذا يقوم بالاستعاضة عن هذه الأغاني باللحن مع تطبيق كلمات أخرى على الألحان".

ويضيف إن هذه الظاهرة هي من "اختراع" أهل الشام، أي الدمشقيون، ومن دمشق بدأت تنتشر إلى باقي المحافظات واليوم باتت توزع إلى الدول العربية والإسلامية، وأن هناك أغانٍ دينية على لحن اغاني مشهورة جداً، لنانسي عجرم، وتامر حسني، وإيهاب توفيق، حتى أن شارة مسلسل باب الحارة و"الحاصودي" لعلي الديك طبق عليها كلمات دينية.

 

السعدي "سامي يوسف" سوريا

 

إدخال الموسيقى إلى الإنشاد الديني بدأ يصبح مقبولاً عند الجمهور "الإسلامي" بعد "ظاهرة" المغني سامي يوسف الذي استطاع تحويل الأغنية الدينية إلى أغنية "مستساغة" من قبل المتدينيين وغير المتدينين، لكن تحويل الأغاني المشهورة إلى أغانٍ دينية هو "حكر" على المنشدين السوريين ويعد المنشد مازن السعدي هو رائد هذه "الظاهرة" التي بدأها عام 2000 مع تحويل اغنية "الأيام الحلوة" لإيهاب توفيق إلى أغنية دينية ليبدأ معها مشواره وتخصصه في هذا الفن الجديد نوعاً ما في سوريا.

ويقول السعدي لشام نيوز: "لست أنا من بدأ هذه الظاهرة.. ولا أعلم على وجه التحديد من بدأها... لكني أنا من اعدت غحياءها ولو بشكل خجول.. وبعدما لمست تجاوباً من الجمهور قررت المتابعة حتى وصلت إلى مرحلة أصبحت اصدر فيها ألبوماً كاملاً يحوي أغانٍ محولة".

 

أغاني الأفراح "الإسلامية" الأكثر نجاحاً

 

لا تقتصر أغاني السعدي "المحولة" على الإنشاد الديني المتعارف عليه، إذ بدأت أغانيه تتجه إلى نوع من التخصص.. لتأخذ تسمية أغاني الأفراح "الإسلامية"، التي انتشرت مؤخراً في صالات الافراح لتقام عليها الدبكات والرقصات بكلام "موزون ومحترم" حسب ما عبر السعدي، إذ يرى ان أغنية تامر حسني "قوم أوقف وأنت بتكلمني" عندما تتحول كلماتها إلى "قوم اوقف يا عريس الليلة قومي أوقفي يا عروسة العيلة فرحو واغنو وعيشو واتهنو دنا والله عشانكو بغني..." تصبح محترمة اكثر والناس تحبها اكثر خاصة لدى المحافظين.

ويشير السعدي إلى أن هذه الأغاني منتشرة جداً لدرجة دفعت إحدى المنشدات لإقامة شركة انتاج وستساهم بانتاج "ألبومه القادم"، نظرا لنجاح هذه الأغنيات.

 

هذه الأغاني تحمي أولادنا من "الخلاعة"

 

انتشار هذه الأغاني في الاوساط المتدينة في سوريا والعالم العربي يمكن ان يفسر كردة فعل على "الخلاعة" التي تشهدها الفضائيات.. والكلام الفاضح الذي تحويه.. كما يقول السعدي الذي أخبرنا أن هناك الكثير من الآباء الذين شكروه على الكلام المحترم الذي ينقذ أولادهم من موجة الأغاني "الفاضحة".. وأن هناك الكثير من لاىباء الذين يفضلون ان يسمع ابناءهم هذه الاغاني "المحولة" في حال وقعوا أمام خيار استماع هذه الأغنيات أصلا.

 

ليس هناك فتوى ضدنا!!

 

وبالرغم من القبول الاجتماعي الكبير في الاوساط المحافظة لهذه الاغاني إلا أن للدين دائما رأي آخر... فهناك من يرى ان هذه الأغاني مقبولة في حال كانت الخيار الوحيد أمام الاستماع للموسيقى الحديثة.. فالكلام المحترم والمدائح النبوية التي تحويها هذه الأغاني تعتبر أهم من اللحن الذي تقدم من خلاله.. في حين يرفضها "المتشددون" على اعتبار أن لا فرق بينها وبين الموسيقى الحديثة بكل ما تحويه من امور "يعترض عليها الدين"..

ويدافع السعدي عن نفسه قائلاً "ليس هناك فتوى ضد ما أقوم به.. وإن اختلفت الآراء.. فرغم وجود اشخاص يعتبرون أن ما نقوم به "حرام".. فهناك من يرحب بعملنا ويحبه.. ورجال الدين غير متفقين أبداً بهذا الشأن".

ويخبرنا مازن السعدي أنه "مرة كان هناك شيخ من مجمع أبو النور عرف اني من يسجل هذه الاغنيات فطلب مني أن أتوقف عن ما أقوم به.. فاسمعته اغنية "محولة" من لحن تركي، فأعجب بها وقال لي استمر على هذا المنوال أفضل، فقلت له ان هذه الأغنية على لحن أغنية تركية فسكت وقال لي "حول الأغاني غير المعروفة".

 

الآراء تختلف... والأذواق ايضاً... وبين معارضٍ ومؤيد لهذه الأغاني... لا يمكن الانكار بأنها "ظاهرةٌ" أخرى من مظاهر "التدين" التي بدأت تنتشر في الشارع السوري مؤخراً... ووسيلة يحاول "المعتدلون" من خلالها مواكبة التطور ولو بأخذ جزء منه فقط مكتفين باللحن!!

 

 

 

راما الجرمقاني- شام نيوز