الأمير طلال على تلفزيون الحياة المصري في وصلة دفاع عن مبارك!

كدت أبدأ هذه السطور، بالمثل المصري الشعبي: 'سكتنا له دخل بحماره'، أقصد بذلك الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله آمين، لولا تذكري أن هذه العبارة كتبتها في مقال سابق عن الأخ العقيد القذافي، قائد الثورة الليبية، وقد اعتبرها سيادته سباً في حقه، بوصفه قائدا أممياً، وإمام المسلمين، وملك ملوك أفريقيا، ولما وقفت على أن المشكلة في حماره، فقد كتبت مقالاً اعتذرت فيه عن ذلك، بدأته بقولي: 'سكتنا له دخل بعنزته'.
الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله آمين، برز كعنوان للموقف السعودي الرافض لمحاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي فقدوا بمغادرته القصر الرئاسي إلى شرم الشيخ، حليفاً معتبراً هبط بمكانة مصر إلى الدرك الأسفل، لتصبح المملكة هي الشقيقة الكبرى، وليبرز الدور السعودي، حتى كاد الملك عبد الله، ومن قبله الملك فهد، يتحول إلى 'كفيل' للنظام المصري لدى البيت الأبيض الذي لا ينفع في اليوم الأسود.
علاقة السعودية بمصر الثورة ليست على ما يرام، ومنذ اليوم الأول ناصر أهل الحكم في المملكة مبارك، وخرج المفتي السعودي، معلناً أن الثورة حرام، ولو اتبعنا الإسلام السعودي، لظل مبارك وعصابته حتى الآن يحكمون مصر.
لم نحمل النظام السعودي مسؤولية هذا الموقف الذي يتسق مع 'فقه الانبطاح' الذي يوجب طاعة ولي الأمر، 'وان ضرب ظهرك وسرق مالك'، لكن ما إن غادر مبارك، حتى بدا رفض القوم محاكمته واضحاً، وقد بدأت ضغوط في اتجاه عدم المحاكمة تتسرب إلى الصحف، فلا ينفي أهل الحكم هناك ذلك، وإنما النفي من أهل الحكم في مصر.
وقد استضافت قناة 'الحياة' المصرية، الأمير السعودي سالف الذكر، الذي سعى لأن يخفي في نفسه ما الله مبديه، فاستنكر أن يحاكم الرئيس السابق 'مثله كمثل أي مواطن عادي.. بل ويحبس بالسجون ويسلسل'.
الأصل أن يحاكم مبارك كأي مواطن عادي، فقد أهلك الله الذين من قبلنا، لأنهم كانوا إذا سرق فيهم القوي تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. والجرائم التي ارتكبها مبارك توجب محاكمته، لا سيما انه ظهر للعيان عقب سقوطه انه لم يكن رئيس دولة، وإنما كان زعيم عصابة، فقد استولى على مقدرات مصر، هو ونجلاه، وأركان حكمه، على نحو يصيب المرء بالفزع، عندما يتأكد لنا حجم النهب للمال العام، وحتى الرجل القوي في عهده زكريا عزمي، الذي ليس له 'عيل أو تيل' نكتشف أن ثروته، تكفي لإقامة دولة لها علم ونشيد.. ماذا سيفعل بكل هذه الثروة وهو بلا ورثة؟
وإذا كنا قد انتظرنا أن يرد مبارك المال المسروق إلى مصر 'ويا دار ما دخلك شر'، فقد صدمنا بإعلانه عبر قناة 'العربية' انه ـ يا ولداه ـ من فقراء المدينة، فهو لا يريد حتى الآن أن يتنازل عن مليم، ومصر على انه لا يملك من حطام الدنيا سوى راتبه، وذلك بعد أن رتب أموره، ويقال انه نقل كل ما يملك ـ تقريباً ـ إلى بعض دول الخليج!
ومبارك وان كان قد صدر حكم بحبسه على ذمة قضايا الكسب غير المشروع، وإصدار الأوامر بقتل الثوار، فانه الآن في مستشفى شرم الشيخ، ولا تبدو هناك نية لنقله إلى السجن، بعد التأكيد إلى حد الملل على أن حالته الصحية لا تسمح بنقله، مع أن حالته الصحية قبل أسابيع كانت تمكنه من أكل لحوم البشر!
ولنا أن نعلم أن كريمة رئيس المخابرات السعودية، حفظه الله ورعاه آمين، قد ضبطت في مطار القاهرة وهي تهرب إلى شقيقها في المملكة طرداً به تماثيل وعاج لا يقدر بثمن، وما تمكنوا من تقديره اكتشفوا انه يساوي أكثر من 50 مليون جنيه، وبمواجهتها قالت الفتاة ان هذه المنقولات تخصها.
عندما تشكك المسؤولون بالمطار وقاموا بفتح الطرود لأنهم عثروا على سجادة عليها اسم 'حسين سالم' الواجهة التجارية لحسني مبارك وصديقه التاريخي، وكذلك سجادة باسم زوجته، قالت الفتاة، إنها كانت قد اشترت قصرا من الرجل قبل ست سنوات، وترك لها هذه المنقولات للذكرى الخالدة، وذلك قبل أن يتم العثور بالفحص، على كروت للفيزا للمذكور وأبنائه، وأيضا على بطاقات العضوية له ولأسرته في احد الأندية. هذا ما تم ضبطه، فماذا عن غير المضبوط؟
عموما لقد بدا حوار قناة 'الحياة' مع الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله آمين، كما لو كان اعلاناً مدفوع الآجر يستهدف تبرئة السمعة، وفي نفس الوقت يمثل دفاعاً عن رئيس قاتل ولص، وهو تدخل مرفوض من المملكة في الشأن المصري، وعلى القوم هناك ان ينسوا زمانا تراجع فيه الدور المصري ليعطي فرصة لهم ليتمددوا في الفراغ، باعتبار المملكة هي الشقيقة الكبرى.
الجزيرة ليست قدراً
يتعامل أهل الحكم في 'الجزيرة' مع كتاباتي كما كان يتعامل أهل الحكم في النظام المصري البائد معها!
كان مبارك يقول عن نفسه انه حاصل على درجة الدكتوراه في العناد، وإذا أشاد الكتاب بمسؤول أقاله، وإذا أيدوا وزيراً استغنى عن خدماته، وإذا قرر تكليف احد بتشكيل الحكومة وأذاعت الصحف هذا قبل إعلانه تراجع عنه!
ولاني صاحب عقلية متآمرة بالفطرة، فقد كنت أتسبب كثيراً في التنكيد على الخلائق لفهمي لهذا العناد الرئاسي، وذات يوم توافرت لدي معلومات، عن أن مبارك بنفسه قد اتفق مع معارض على تعيينه عضواً بمجلس الشورى، كمكافأة له على دوره في قيادة المعارضة المستأنسة، وكتبت مقالا بدأته بقولي: سوف يعين فلان عضواً في مجلس الشورى، ثم قرأت الفاتحة على روحه الطاهرة، فقد صدر القرار الرئاسي بعد أسبوع، ولم نجد اسمه بين المعينين.
وفي 'الجزيرة' أشيد بجمانة نمور، فيتم الاستغناء عن خدماتها، وأعلن أنني لا أتحمل أن أشاهد احمد منصور حلقة كاملة، فيصبح من الملاك الجدد، فهو الوحيد من بين الجيل المؤسس الذي جمع بين الحسنيين، حب الإدارة القديمة والإدارة الجديدة، ولله في خلقه شؤون!
على ذكر جمانة نمور فقد أكد لي شاهد عيان انه عثر عليها في قناة 'أبي ظبي'، وبحثت فوجدت 'أبي ظبي 1'، مما يؤكد أن هناك 'أبي ظبي 2'، ومنذ أن تم وقف برنامج حمدي قنديل بقناة 'أبي ظبي' وأنا لا اشد الرحال إليها، حتى وان عملت بها جمانة نمور.
'الجزيرة' بدأت في السنوات الأخيرة، لا تهتم إذا غادرها من ارتبط اسمه باسمها، ومن صاروا يمثلون علامة تجارية، فبعد أن تركها حافظ الميرازي، وسامي حداد، وحسين عبد الغني، ويسري فودة/ يتم وقف برامجها بحجة الأحداث، والمستهدف بذلك هو برنامج 'الاتجاه المعاكس'، ظنا من القوم أن المشاهد يمكن أن يعتاد على غياب فيصل القاسم، ويبتهج بظهور الحبيب الغريبي!
لقد استقال غسان بن جدو من 'الجزيرة' في الأسبوع الماضي، وبدت إدارة القناة غير مكترثة، باعتبار ان من ساهم في نجاح بن جدو يمكن ان يصنع غيره بالإلحاح والفرض على الناس، ويبدو أن غير المشهورين، يغارون من ظاهرة المذيع النجم!
وقد بات من المعلوم بالإدارة الجديدة بالضرورة أنها تتعامل مع نجومها وفق قاعدة 'الباب يفوت جمل'، وهي قاعدة وان ثبت نجاحها في إدارة محلات 'الكشري' وفي شركة حديد عز، فإنها لا تصلح لإدارة قناة بحجم 'الجزيرة'!
ومن الواضح ان القوم يعتقدون أن نجاح 'الجزيرة' قدر ومكتوب، وقد ورد في الأثر: 'المكتوب على الجبين حتماً ستراه العين'، وكأنها المحطة التلفزيونية الوحيدة في العالم، فاتهم أننا في 'زمن السموات المفتوحة'، ادعو الله لقائل هذه العبارة الرائد متقاعد صفوت الشريف بأن يفك سجنه!
أرض الله واسعة يا قوم، وفضاؤه أيضاً، وإذا لم تكن هناك قناة لم تولد بعد لتنافس 'الجزيرة' فهناك برامج كبرى في قنوات صغيرة مثل برنامج يسري فودة على 'اون تي في'، وقد تم الاتفاق على ان يقدم الميرازي برنامج 'مصر النهارده' على التلفزيون المصري، ثم ان هناك فضائية 'فرانس 24' التي لم تأخذ نصيبها من الشهرة بما يوازي روعة الأداء. فلسنا رهائن حرب عند أحد.
أخشى عندما يقول وضاح خنفر: 'فهمتكم.. فهمتكم' تكون طائرته في طريقها إلى جدة، وهو الآن شعاره 'دار دار.. زنقة زنقة'.
أرض ـ جو
ـ بعد أن لفظت الفضائية المصرية أنفاسها الأخيرة على يد درية شرف الدين، ومن بعدها جمال الشاعر.. تقرر تعيين ميرفت سلامة رئيسة للقناة، والتي أتمنى أن تنجح في ما أفسده الدهر.
ـ لا أعرف لماذا لم يعد إلى شاشة التلفزيون المصري برنامج 'رئيس التحرير' بعد الثورة المصرية، وهو البرنامج الذي أوقفه وزير الإعلام الأسبق، لأنه كان يوجه نقداً لاذعا لأهل الحكم.. اذ يبدو أن المشكلة في أن القيادات الجديدة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون لم تصدق بعد أن الثورة قامت، وان مبارك في مستشفى شرم الشيخ، وأن نجليه وأركان حكمه في السجن.
ـ بعد استقالته من 'المحور' التحق معتز الدمرداش بقناة 'الحياة'، أتمنى ان يشارك في تقديم البرنامج الرئيسي 'الحياة اليوم' الذي وُلد باهتاً.
ـ أفضل قرار اتخذته قناة 'المحور' هو الاستغناء عن خدمات هناء السمري، التي عادت إلى التلفزيون المصري مرة أخرى.. 'يا ما جاب الغراب لأمه'.
ـ للمرة الثانية على التوالي يصرح إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار الجديد بالتلفزيون المصري، بأنه يجري الإعداد الآن لقناة إخبارية جديدة تنافس 'الجزيرة'.. وكأنه نشيد الصباح.. لقد حفظنا النشيد عن ظهر قلب بقي أن تعمل في صمت.
سليم عزوز - القدس العربي