«الإخوان ومبارك» عبر «الجزيرة»: سؤال عن «أمانة الوثائقي... ودقته؟!»

مشهد تلفزيوني مشهور: «جمال مبارك يقف كالطاووس في مؤتمر صحافي عندما يسأله صحافي شاب إذا كان ينوي لقاء الإخوان والأحزاب، وشباب موقع «فايسبوك». عند «فايسبوك» ينفجر الوريث الأسبق ضاحكا ويقول: «ردوا عليه انتو يا جماعة».
عرضت شاشة «الجزيرة» المشهد ضمن الوثائقي «الإخوان ومبارك»، مع تعديل «بسيط»، إذ تم حذف «شباب الفايسبوك» من سؤال الصحافي الشاب، ليبدو كأن جمال مبارك يضحك ساخرا من فكرة لقاء الإخوان المسلمين! هي عملية حذف قد يُختلف في نياتها خيرا أو شرا، ربما كانت مجرد «مونتاج» ليناسب المشهد عنوان الوثائقي الذي عرضته القناة في العيد الأول للثورة المصرية. لكن بصرف النظر عن النيات فإن الحذف هنا تزوير للتاريخ لا ريب فيه، فضلا عن أنه يجعل المشهد برمته غير مفهوم.
مع ذلك فإن الفيلم الذي كتب له السيناريو عبد الله الطحاوي وأخرجه عبد الرحمن عادل، وعرضته القناة يوم الخميس الماضي، بُذل فيه جهد جيد في الإمساك بالخيط المراوغ لعلاقة الجماعة التي كانت محظورة بالرئيس المخلوع ونظامه. كما بذل صناع الفيلم جهدا ابتكاريا في شريط الصوت المصاحب، واستخدموا مواد لم يكن ممكنا توقعها مثل أغنية عبد المنعم مدبولي الشهيرة للأطفال «كان فيه واد اسمه الشاطر عمرو». وبدا واضحا أثر البحث الأرشيفي بالاستعانة بتسجيلات نادرة بعضها عرض وجوها شابة لرموز سياسية أصبحت مخضرمة الآن. وكان مسار الزمن واضحا منساباً بدءا من نهايات علاقة أنور السادات بالجماعة، ثم استلام حسني مبارك للحكم، وصولا إلى ثورة يناير.
لكن تركيز الشريط على موضوع عنوانه «مبارك» و«الإخوان»، جعل المشهد المصري كما لو كان خاليا طوال ثلاثين عاماً إلا من الطرفين المذكورين، كأنما عهد مبارك برمته لم يكن إلا صراعا متصلا بينهما دون وجوه أو أحزاب أو تنظيمات أخرى، الأمر الذي صنع ارتباكا غير مباشر في الحكاية، وضعفا في شرح الكيفية التي تخلخل بها حكم مبارك عبر السنوات وخاصة في العقد الأخير.
كما أن العلاقة بين «الإخوان» و«مبارك» بدت طوال الفيلم كأنها علاقة مواجهة وصدام مباشر في اتجاهين متضادين بلا مساومات وبلا صفقات وبلا تواطؤ أحيانا. وتلك صورة من المعلوم أنها غير دقيقة على الإطلاق للعلاقة بين الطرفين.
... لكن سؤال الدقة هنا يتضاءل أمام سؤال الأمانة في حذف «فايسبوك» من ضحكة الوريث المخلوع!
شام نيوز - السفير