الاحد وكل يوم أحد .. استغلال الدين لتبرير التهويد والاستيطان!

 

لا تزال أصداء الفتوى التي اصدرها عدد من الحاخامين اليهود بمنع تأجير شقق سكنية للطلاب العرب وكذلك تحريم بيع العقارات للعرب بشكل عام تتردد في وسائل الاعلام الاسرائيلية بعضها يبرر هذه الفتوى والبعض الاخر يفسرها وقليل يستنكرها او يتنصل منها.

ومع ذلك فإن حقيقة واحدة ثابتة هي ان هذه الفتوى تكشف المزيد من الملامح العنصرية في المجتمع الاسرائيلي والتي تجد تبريراً لنفسها في البحث عن أصول وجذور في الشريعة اليهودية تبيح رفض الاخر والتمييز ضده.

هذه الهجمة العنصرية ضد العرب لا تقتصر على فتاوى تحرم تأجيرهم البيوت او بيعهم العقارات ولكنها تقوم ايضاً على اساس الادعاء بأن هذه الارض هي ارض اسرائيل وان طرد الغرباء منها هو حق شرعي ومبرر. وطرد الغرباء من هذه الارض، وهم الفلسطينيون، يتم من خلال منع تسرب العقارات والاراضي اليهم، واستمرار مصادرة والاستيلاء على العقارات التي بين ايديهم، واستمرار التضييق عليهم وتنكيد عيشتهم لارغامهم على الرحيل.

ومع ان احداً لا يستجيب لمحاولات الترحيل بعد ان تعلم شعبنا الدرس بعد هجرة 48 ونكسة 67، الا ان هناك من يحاول استغلال الدعوات اليهودية لترحيل العرب واستخدام هذه الدعوات لممارسة تمييز آخر ضد الفلسطينيين في بعض دول الجوار بحجة افشال المخطط الاسرائيلي لترحيلهم!..ولعل على كل اولئك الذين يرجفون خوفاً من الاصوات المتطرفة في المجتمع اليهودي الداعية الى ترحيل العرب، ان يدركوا وان يفهموا بأننا منغرسون في الارض هنا جذورنا كجذور اشجار زيتوننا لن نبرح ولن نغادر، فليكفوا عن الذعر من دعوات الترحيل وليعاملوننا بنفس القدر الذي نستحقه من الدعم والتأييد من ذوي القربى لا الظلم والتنكر.

نحن هنا في مواجهة حرب دينية رجعية تستند الى نصوص وفتاوى حاخامية تحاول تنفيس حقدها علينا وعلى مساحات تمتد من النهر الى البحر في كل ما تسميه ارض اسرائيل.

هذه الحرب الدينية تحاول التشبث بكل ما يبتدعه ويتفتق عنه ذهنها من ترهات واساطير تبرر نزعتها العنصرية التوسعية والتي تتخذ هذه الايام من سياسة الاستيلاء على المساجد الاسلامية في الضفة الغربية وسيلة للاستيلاء على الارض بحجة ان هذه المساجد هي مقامات مقدسية لليهود كما حدث في مسجد يوسف قرب نابلس ومسجد كفل حارس ومسجد بيت امر قبل ايام.

والملفت للنظر ان هذه الهجمة ضد المساجد في الضفة الغربية بحجة انها مقامات مقدسة لليهود تجري تحت حراسة قوى الجيش والامن الاسرائيلية التي ترافق المستوطنين والمتطرفين المتدينين الى هذه المساجد لحماية اعتداءاتهم عليها ومحاولاتهم الصلاة فيها وخلق مواطىء قدم لهم فيها.

ولاشك ان مسلسل تحويل المساجد التاريخية المبعثرة في مختلف ارجاء الضفة الغربية الى كنس ومقامات يهودية هو في بداياته وسنشهد المزيد من هذه الهجمات في المستقبل مما يستدعي منذ اللحظة وقفة حازمة ضد هذه المحاولات بما في ذلك فضحها امام الرأي العام المحلي والدولي والتحذير من أبعادها السياسية لانها بمثابة دق اوتاد دينية في الاراضي المحتلة للتشبث بها وتبرير استمرار الاحتلال والاستيطان والضم.

ومما يلفت النظر ان هذه الهجمة المترامية الاطراف ضد اماكن العبادة التاريخية المبعثرة في انحاء الضفة الغربية تتخذ مما تم من اقتسام للمسجد الابراهيمي في الخليل نموذجاً وقدوة لها، ناهيك عن انها تسعى الى جعل الضفة بمجملها نموذجا مكبرا للواقع المعقد الذي تم خلقه في مدينة الخليل حيث اصبح سكان المدينة البالغ عددهم حوالي مئتي الف نسمة رهينة لبضعة الاف من المستوطنين يقررون نمط العيش في المدينة ويقيدون حركة السكان وحرية عباداتهم وتنقلاتهم.

ومما يلفت النظر ايضا ان هذه الهجمة التي تدور في ارجاء الضفة المحتلة تجد سندا واطارا لها وهو استمرار اتساع البنية التحتية للاستيطان في الضفة الغربية بحيث اصبحت المستوطنات هي الحاضنة والدفيئة التي ينطلق منها المستوطنون للتحرش في الاماكن الدينية الاسلامية ومحاولة الاستيلاء عليها.

وفي ظل ما يجري بالضفة تستمر الهجمة الشرسة ضد مدينة القدس ويتوالى مسلسل خلق المزيد من البؤر الاستيطانية في وسط الاحياء العربية تماما كما يجري على مستوى الضفة ولكن على نمط اكثر تركيزا.

ففي حين يستمر توسيع الاحياء الاستيطانية داخل وحول المدينة المقدسة، تجري محاولات حثيثة للاستيلاء على مزيد من مواطىء الاقدام في الاحياء العربية. فبعد ان كان التركيز على حي سلوان وعلى الاحياء العربية داخل اسوار البلدة القديمة، تجري الان محاولات محمومة لخلق واقع جديد في حي الطور وجبل الزيتون.

فقد تم مؤخرا الاستيلاء على بيوت جديدة في المنطقة القريبة من فندق الاقواس السبعة، ورافقتها انباء عن مخططات لتوسيع مساحات هذا الفندق وتحويله الى سيطرة الجماعات الاستيطانية، وكذلك بناء ٢٤ وحدة سكنية في حي الصوانة بالقرب من البؤر الاستيطانية المعروفة باسم «بيت اوروت».

ويقينا ان ما يجري في الطور وجبل الزيتون يستدعي مزيدا من اليقظة والاهتمام لأن التواصل بين جبل الزيتون ورأس العامود وسلوان فالمكبر جنوبا يقتطع ثلثي المدينة المقدسة في حين ان تواصل جبل الزيتون شمالا عبر الصوانة الى التلة الفرنسية نزولا الى حي الشيخ جراح ومغارة شمعون سيمزق احشاء المدينة من الداخل.

لقد قيل في وقت مضى ومن ضمن ما يقيل من مقترحات لحل الصراع حول مدينة القدس ان «الاحياء العربية للعرب والاحياء اليهودية لليهود» ومنذ ان تم الترويج لهذه المقولة انطلقت هجمة استيطانية شرسة لتحويل ما تبقى من احياء عربية الى احياء يهودية او احياء ذات بؤر استيطانية يهودية لاستخدام هذه المقولة للاجهاز على المدينة بأسرها. وللاسف الشديد فان من انضم من العرب الى هذه المقولة في حينه لم يدرك بعد بأن الترويج لهذه المقولة ادى الى فتح الشهية الاستيطانية لحملة محمومة لا تبقي ولا تذر.

 

زياد أبو زياد - القدس