الاقتصاد السوري ينتظر تحول الشركات العائلية إلى مساهمة

ارتبط مفهوم الشركات العائلية بتلك المنشآت التي أسسها ويديرها فرد أو أكثر من أفراد العائلة وغالباً ما تمر في جيل المؤسس والابن والحفيد وضمن صناعة أو نشاط محددين وهناك نحو 70-95 بالمئة من شركات الاتحاد الأوروبي عائلية وتسهم بما نسبته 70 بالمئة من الناتج القومي لدول الاتحاد وفي الولايات المتحدة الأميركية هناك نحو 20 مليون منشأة تمثل 49 بالمئة من الناتج القومي وتوظف 59 بالمئة من العمالة لهذا البلد.
أما في الدول العربية فإن الأعمال أو الشركات التي تعود ملكيتها للعائلات تشكل نحو 90 بالمئة وتواجه تحديات متعددة تهدد نجاحها واستمرارها وحسب بعض التقديرات فإن 30 بالمئة من هذه الشركات ينتقل للجيل الثاني و14 بالمئة للجيل الثالث بينما ثلاثة بالمئة منها فقط تستطيع البقاء لما بعد الجيل الثالث.
وفي سورية وحيث الشكل العائلي للشركات هو النمط السائد فإن صدور المرسوم التشريعي رقم 61 لعام 2007 شكل نقلة مهمة في حياة ومستقبل هذه الشركات أولا عبر السماح بإعادة تقويم الأصول المادية لهذه الشركات ثم عبر تعديل التعليمات التنفيذية واحتساب الأصول المعنوية أي العلامات التجارية وشهرة المحل وبراءات الاختراع إلى جانب الأصول المادية ما مهد الطريق أمام من يرغب من هذه الشركات بالتحول من الشكل العائلي إلى الشكل المساهم.
ويرى المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية الدكتور مأمون حمدان أن الشركة العائلية هي شركة مملوكة لعائلة تقوم بإدارتها عادة وقام بتأسيسها شخص واحد واستمدت اسمها التجاري من اسمه أو اسم العائلة وتتخذ عادة أحد الأشكال القانونية الشائعة مثل.. شركة تضامن.. توصية بسيطة.. محدودة المسؤولية.. مساهمة مغلقة.
مؤكداً وجود عدة محفزات لتتحول هذه الشركات إلى الشكل المساهم أو أي شكل قانوني آخر ومنها.. الإعفاء من ضرائب إعادة التقويم.. تخفيض الضرائب على الدخل إلى 14بالمئة.. إمكانية دخول سوق الأوراق المالية.. سهولة تطبيق مبادئ حوكمة الشركات.. إعادة تقويم أصول الشركة بدون تكبد ضرائب.. وهناك العديد من الصعوبات التي تواجه هذه الشركات وهي كما يشخصها المستشار محمد زهدي مجني عدم فصل الملكية عن الإدارة وغياب البناء المؤسسي في توجيه الأعمال وإدارتها وعدم التوافق في الإدارة للشركة مع نموها وتطورها والصراع على الإدارة بين أفراد العائلة الواحدة ومشكلات انتقال الملكية بين الورثة وما يرافقها من تقسيم للتركة بعد الوفاة والمسؤولية التضامنية للشركاء وما ينتج عنها من مسؤوليات.
كذلك هناك عوامل خارجية متعددة أهمها.. النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي تزول به صور الحماية والدعم والاحتكار وانفتاح الأسواق وإلغاء الحماية والدعم وظهور المنافسة وثورة المعلومات والاتصالات الحديثة فضلا عن تحديات الاستثمار والتوسع.
وبالرغم من المحفزات العديدة التي قدمتها الحكومة لهذه الشركات إلا أن أيا منها لم يتحول حيث تقف خلف ذلك العديد من الأسباب التي يجمع عليها الكثير من المراقبين كعدم الرغبة في الخضوع للرقابة الحكومية من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة وهيئة الأوراق والأسواق المالية.. أو من مفتشي الحسابات وعدم القيام بعملية الإفصاح أو الكشف عن حسابات وأسرار الشركة حيث تعمل الهيئة على إلزام الشركات المساهمة العامة بالإفصاح عن ياناتها المالية بشكل دوري وعن المعلومات الجوهرية والأحداث الطارئة التي تتعرض لها والتي يتوقع أن يكون لها تأثير كبير على سعر السهم وقرارات المستثمرين.
ومن هذه الأسباب أيضا الإجراءات القانونية الإضافية التي تخضع لها الشركات المساهمة العامة عند التأسيس أو زيادة رأس المال مقارنة بتأسيس الأنواع الأخرى من الشركات وما يترتب على ذلك من الوقت والجهد والتكاليف التي تحتاجها هذه الإجراءات تجاه المساهمين وتوفير مصادر التمويل وصغر حجم الشركات الخاصة بشكل عام وعدم رغبة أصحاب الشركات العائلية في تقاسم السلطة أو الأرباح مع أطراف أخرى والتخوف من فقدان السيطرة التامة على الشركة من قبل العائلة وبالتالي فقدان اسمها والذي يحمل المركز الاجتماعي لها فيما ترك تعثر بعض الشركات المساهمة العامة نوعا من التخوف لدى أصحاب الشركات العائلية الناجحة.
وحسب مجني ومن واقع التجمعات الرأسمالية في سورية وفق إحصائيات غير منشورة إلا أنها مؤكدة فإن عدد الشركات المساهمة المغلقة 310 والمساهمة اكتتاب عام 48 وذات المسؤولية المحدودة 2000 والتضامن 79625 والمؤسسات الفردية 942380 مؤسسة.
وهناك ضرورة لتبني معايير دولية تستفيد منها الشركات العائلية وتحميها من التفكك عبر حثها على بناء استراتيجيات مستقبلية تساعدها على الاستمرار والنمو ومواجهة تحديات المنافسة الشرسة خاصة بعد الانفتاح على الأسواق الخارجية.
وتحقق الشركات العائلية تقدما مطردا في إرباحها وأعمالها السنوية غير أن نظرتها إلى المستقبل يجب أن تكون مبنية على استراتيجيات طويلة الأمد تأخذ في الحسبان ضرورة وضع ترتيبات دقيقة تؤمن استمرار الشركة للأجيال المقبلة.
وعقد في دمشق أكثر من مرة مؤتمر الشركات العائلية سورية تحت شعار (تعزيز العلاقات العائلية والإدارة الرشيدة) كأول مؤتمر متخصص يبحث موضوعاً من أعقد وأدق المواضيع حساسية في عالم الأعمال السوري فضلاً عن كونه أتى استجابة لحاجات اقتصادية واجتماعية وطنية حيث يستهدف مساعدة قطاع الأعمال لإدراك أهمية وحجم العمل العائلي وتعزيز الممارسات الإدارية الرشيدة فيه.
وسمح المرسوم 61 لعام 2007 للشركات العائلية بإعادة تقويم أصولها المادية والمعنوية تمهيدا لتحول من يرغب منها إلى مساهمة ما يساعد هذه الشركات على الخروج بدفاترها وبياناتها المالية إلى النور كما أعطاها في حال التحول من الشكل العائلي إلى المساهم جواز المرور إلى سوق دمشق حيث يتيح لها ذلك إدارات منتخبة وتسعير عادل ومنطقي لأسهمها وغيره من مزايا الإدراج.
سانا