الانتخابات السورية لن ترضي الغرب

حددت الحكومة السورية السابع من أيارموعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية، وبذلك تثبت دمشق أنها ماضية في الإصلاحات الديمقراطية التي تطالب بها المعارضة. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن القول أبدا إن جميع معارضي الرئيس السوري الحالي مستعدون للانتقال إلى الملعب الدستوري والمشاركة في هذه الانتخابات. وعلى العكس من ذلك ، فقد يكون على السوريين أن ينتظروا في المستقبل القريب دعوات إلى المقاطعة، وتهديدات ، وعمليات إرهابية.
لقد سبق لبشار الأسد أن ألغى العمل بقانون حالة الطوارئ، وأطلق الحرية للصحافة ، وسمح بتعدد الأحزاب، وأجرى استفتاء حول الدستور الجديد، غير أن المجتمع الدولي لا يلاحظ شيئا من هذا كله، كما يقول المستشرق في معهد التقييمات الاستراتيجية سيرغي ديميدينكو في حديث مع صحيفة " ازفستيا". ويضيف الخبير الروسي أن من الواضح سلفا أن الغربيين سيرفضون الانتخابات المزمعة بحجة أنها تنظم تحت وقع العمليات العسكرية، وبالتالي لا يمكن اعتبارها شرعية.
أغلبية السوريين ما زالت إلى جانب الأسد حتى الآن . وفي انتخابات أيارالقادم سيشارك حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يدعم الأسد. ويرجح الخبير في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية بوريس دولغوف أن يفوز هذا الحزب بأغلبية الاصوات، إذ أنه يتمتع بشبكة من التنظيمات الفرعية، كما أن السكان اعتادوا عليه خلال العقود الماضية.
ويضيف سيرغي ديميدنكو أن العديد من السوريين سوف يصوتون لصالح النظام خوفا من أن يصل إلى البرلمان الإسلاميون الذين تدعمهم بلدان الخليج. ولكن إذا استمرت محاولات خنق الاقتصاد السوري ، الضعيف أصلا، فإن خصوم الأسد سيتمكنون - عاجلا أم آجلا - من دفع السوريين إلى كراهية النظام.
لقد تم في سورية الترخيص لستة أحزاب سياسية حسب معطيات شهر شباط الماضي. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن قانون الأحزاب صدر الصيف الفائت ، فإن هذه الحصيلة تبدو لا بأس بها ، خاصة وأن وسائل الإعلام السورية تقول إن المجتمع خلال نصف قرن من قيادة البعث فقد مهارات النشاط السياسي.
ومن بين التنظيمات التي تتمتع بتأييد جزء هام من السكان الحزب القومي الاجتماعي السوري، وهو قريب من حزب البعث، فهذان الحزبان يريان أن الهدف الرئيس لمدبري الاضطرابات الحالية يتلخص بتفتيت الدولة إلى عدة دول حسب الانتماءات القومية و الطائفية. كما أن حزب "الإرادة الشعبية" ( اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين) اليساري يحظى بالشعبية أيضا. وقائد هذا الحزب قدري جميل هو المعارض الوحيد الذي شارك في صياغة الدستور الجديد. كما أنه يطرح برنامجه الخاص للتغييرات الاقتصادية والسياسية.
وتم أيضا تشكيل حزب كردي يساري ، ولو أن المختصين يشكون بإمكانيات نجاحه بسب الميول الانفصالية لدى العديد من الأكراد، ومع ذلك قد يحصل على بضعة مقاعد في البرلمان. وفي وسط المتدينين السنة يحظى بقدر من الشعبية الإسلاميون المعتدلون ، وخاصة "الأخوان المسلمون". وثمة أيضا الحركة الليبرالية الديمقراطية التي تأسست في كانون الثاني / يناير 2012 برئاسة الكاتب نبيل فيصل الذي يحلم بتحويل سورية إلى الديمقراطية الليبرالية ، بحيث تكون "دنمارك" الشرق الأوسط.
والسمة المميزة لسورية اليوم هي ظهور ما يسمى "لجان التنسيق" ( التنسيقيات) وهي تجمعات محلية للسكان انبثقت عفويا، تقوم بتنظيم مظاهرات ترفع مطالب سياسية . والحزب الذي يتمكن من استقطابها سيزيد جدا من حظوظه في الانتخابات. وحتى الآن لا يزال اليساريون الأكثر نشاطا في العمل مع هذه اللجان.
أما معارضة الخارج فتدعو أنصارها في سورية إلى مقاطعة الانتخابات . القيادي المعارض عضو المجلس الوطني السوري رضوان زيادة يقول في تصريح له" إن هذه المهزلة لا تعني أحدا، فأولا يجب وقف العنف. ونحن نطالب أن يرحل الأسد، وبعد ذلك فقط يمكن الحديث عن الديمقراطية. ومن الطبيعي أن المجلس الوطني السوري لن يشارك في الانتخابات".
وتجدر الإشارة إلى أن الإسلاميين المعتدلين سيحصلون على نسبة ما، ولكن لا يتوقع أحد أن تتطور الأحداث على غرار ما جرى في مصر حيث حصل الإسلاميون على أغلبية مقاعد البرلمان، وذلك لأن "الإخوان المسلمين" السوريين يتمتعون بسمعة تدعو إلى الشك. وتخلص الصحيفة إلى أن الحملة الانتخابية لن تكون هادئة، لأن المعارضة المسلحة المدعومة من "الأخوة" في الخارج ستبذل كل جهدها لإفشال عملية الانتخابات، وربما سيتم اللجوء إلى الأعمال الإرهابية والاستفزازات على خلفية تشديد الفعاليات المناهضة للحكومة.