الانتخابات في تونس.. خياراات بين اسلاميين واسلاميين والسلاميين.

انطلقت مؤخرا في تونس الحملة الانتخابية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقررة في 23 تشرين الاول الجاري، حيث بدأ تعليق اللوائح الانتخابية واللافتات وصور المرشحين في الاماكن المخصصة لها.
وتشارك حوالي 110 من الاحزاب في هذه الانتخابات من بينها احزاب قديمة تقليدية تشمل "النهضة" و"التقدمي الديمقراطي" و"التكتل من اجل العمل والحريات" و"المؤتمر من اجل الجمهورية"، واخرى جديدة تسعى لايجاد مكان في الساحة السياسية في البلاد، فضلا عن عشرات المستقلين.
ويواجه التونسيون حيرة كبيرة في اختيار المرشحين بسبب العدد الكبير للقوائم (حوالى 1500 لائحة تضم نحو 11 الف مرشح يتوزعون على 27 دائرة انتخابية)، والبرامج الانتخابية التي تقدم بهذا الشكل لاول مرة في تاريخ البلاد بعد عقود من انتخابات سهلة ومزورة تفضي الى فوز كبير لبن علي.
وكان كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا للانتخابات برر في لقاء صحفي الإقبال الضعيف للتونسيين على التسجيل في القوائم الانتخابية بأن "عملية الانتخاب جديدة، ولم يتم دعوة التونسيين من قبل ليقوموا بعملية التسجيل بشكل إرادي من أجل انتخابات شفافة وديمقراطية".
ويؤكد الباحث د.طارق الكحلاوي وجود "حالة من الاحباط لدى بعض أوساط الشعب التونسي من عدم تحقيق الكثير من التطلعات العاجلة التي تبلورت خلال الثورة، من ذلك العدالة الانتقالية وتجاوز الاشكال المهينة للكرامة في التشغيل (عمال الحظائر)".
ويضيف في لقاء خاص مع "ميدل إيست أونلاين": "هذا يهم خاصة الاوساط الشبابية خاصة في الدواخل (الرواتب) وذلك يمكن أن يفسر انخفاض المعدل العام للشباب المسجلين في الانتخابات اذ لا يتجاوز الاربعة في المئة".
ويبدي بعض التونسيين تخوفهم من زيادة شعبية التيارات الإسلامية، في وقت ترجح فيه بعض استطلاعات الرأي فوز "حركة النهضة" التي يتزعمها راشد الغنوشي بعدد كبير من المقاعد.
وكانت "النهضة" بدأت حملتها الانتخابية من مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية في مسعى لاستقطاب الناخبين المحبطين.
ويقول الكحلاوي "من غير الدقيق في رأيي التعامل مع الاسلاميين على أنهم 'تيار' واحد. أفضل الحديث عن "طيف" اسلامي بما يعني ذلك من تنوع وحتى تنافر احيانا بين مكوناته".
ويشير إلى وجود ثلاثة أطراف أساسية مكونة لهذا الطيف وهي النهضة والسلفيين و"حزب التحرير"، ويؤكد أن النهضة تبدو "مؤهلة أكثر للتصرف كحزب مدني ومرن سياسيا ومنفتح على المشروع الحداثي ضمن توافقات محافظة".
ويرى أن النهضة تتجه حسب استطلاعات الرأي المختلفة للحصول على الحصة الاكبر من الاصوات.
ويستدرك "لكن من غيرالواضح الحد الاقصى لهذه الحصة وماذا تعني بالنسبة للعدد الإجمالي من الناخبين، ومن الصعب وفقا للمؤشرات الحالية أنها ستحصل على اغلبية مطلقة تسمح لها بتشكيل حكومة بدون تحالف مع مكونات اخرى من المجلس الجديد".
من جانب آخر، يتخوف البعض من عودة ما يسمى "بقايا التجمعيين" (نسبة إلى حزب بن علي المنحل)، في ظل وجود بعض الأحزاب أو القوائم المستقلة التي ينتمي مرشحوها إلى نظام الرئيس التونسي المخلوع.
ويعلق الكحلاوي "بقايا التجمعيين يبدون من زاوية حسابات استطلاعات الرأي أكبر الخاسرين المتوقعين من الانتخابات لكن ذلك غير نهائي، إذ وجودهم في قائمات مستقلة وترشحيهم احيانا لشخوص "جديدة" متموقعة في بيئتها المحلية يمكن أن يؤدي الى تحقيقهم بعض المفاجآت خاصة في بعض الجهات".
وحول رؤيته للمستقبل السياسي في تونس بعد الانتخابات يقول الكحلاوي "أعتقد أننا بصدد مفترق طرق، في حالة ما اذا كان هناك اطمئنان من مختلف القوى الى أن الانتخابات تمت في ظروف حرة ونزيهة وأنه لم يقع التدخل في حرية الاختيار فإن مستقبل العملية السياسية لن يتأثر بأي عراقيل كبيرة".
ويضيف "لكن اذا كان هناك مؤشرات على أي من انواع واشكال التزوير واذا لم تقم المؤسسات الامنية والعسكرية بحماية صناديق الاقتراع فإننا سندخل مرحلة صعبة ودقيقة وسنشهد انقساما حاد يمكن ان يفتح الابواب على صراع عنيف على السلطة".
ويرى أن الوضع الاجتماعي في تونس سيتأثر بمستقبل العملية السياسية، مشيرا إلى أن سقوط اي حكومة منتخبة في فخ المماطلة وعدم الوضوح سيدخل البلاد في دوامة جديدة من الاعتصامات.
ويضيف "يمكن أن نتجه مع حلول الشتاء وقبل بلوغ ذكرى مرور عام على 14 كانون الثاني/يناير (الذكرى السنوية الأولى للثورة) في دوامة جديدة من الاعتصامات تمثل تجسيدا لحالة الاحباط الواضحة بين اوساط شبابية كثيرة ملت الوعود ومحدودية مبادرات السلطة التنفيذية".
شام نيوز - صحف